السيستاني يجدد الدعوة لحكومة تحظى بقبول وطني وينتقد لغة الخطابات المتشددة

ممثله دافع عن فتوى المرجعية بالتطوع وحذر من «إراقة دم إنسان بريء»

TT

جدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني الدعوة إلى تشكيل حكومة تحظى بقبول وطني واسع في إشارة إلى أهمية قبول الكتل السنية والكردية بالمرشح الشيعي لرئاسة الوزراء. وقال ممثل المرجعية الدينية في محافظة كربلاء عبد المهدي الكربلائي في خطبة صلاة الجمعة، إنه «في الظروف الصعبة والحساسة التي يعيشها العراقيون الذين يواجهون الإرهابيين الغرباء يتطلب وحدة الصف ونبذ الفرقة والاختلاف، وطالما طلبنا من السياسيين الذين يظهرون في وسائل الإعلام أن يكفوا عن الخطابات المتشددة والمهاترات الإعلامية التي لا تزيد الوضع إلا إرباكا، ولكن مع الأسف نجد البعض يمارس ذلك ووصل الأمر إلى أن بعض المواطنين نسمع منهم أحيانا نماذج مؤسفة من الكلام الطائفي والعنصري الذي لا يليق بالعراقيين».

وأضاف الكربلائي: «إننا جميعا أبناء شعب واحد وقدرنا أن نعيش بعضنا مع بعض وأن نشدد على أواصر المحبة والألفة وترك كل ما يؤدي إلى المزيد من التشنج والاختلاف بين الشعب العراقي». وعد أن «التحديات والمخاطر الحالية والمستقبلية التي تحدق بالعراق تهدد السلم الأهلي ووحدة النسيج وتنذر بواقع مقسم، وواقع المستقبل يتطلب وقفة شجاعة وجريئة ووطنية صادقة من القادة والكتل السياسية تتجاوز البحث عن المصالح الشخصية والقومية والطائفية واستغلال الظروف لتحقيق مكاسب سياسية ومناطقية وتمنع من حل الأزمة من أجل أن ترتقي المواقف وتتجاوز الآن بأي عنوان كان لتعبر عن التضحية والإيثار والغيرة على البلد وشعبه المهدد بالتمزق»، داعيا البرلمان إلى «عدم تجاوز التوقيتات الدستورية والإسراع بتسمية الرئاسات الثلاث وتشكيل حكومة جدية تحظى بقبول وطني واسع لتضع حدا لأزمات البلد».

ودافع الكربلائي عن فتوى السيستاني بالتطوع معتبرا أنها «كانت لحماية العراقيين من مختلف الطوائف والأعراق وحماية مقدساتهم من الإرهابيبن الغرباء»، كما دعا جميع المقاتلين من القوات المسلحة والمتطوعين إلى «الالتزام التام برعاية حقوق المواطنين جميعا وعدم التجاوز على أي مواطن بريء مهما كان انتماؤه أو موقفه السياسي»، مشددا بالقول: «الحذر الحذر من التسبب بإراقة دم إنسان بريء أو التعدي على شيء من أمواله وممتلكاته ونؤكد عل ضرورة تنظيم عملية التطوع وإدراج المتطوعين في ظل القوات الأمنية والعسكرية وعدم السماح لوجود مجموعات مسلحة خارج الأطر القانونية تحت أي اسم أو عنوان، وهذا يقع ضمن مسؤولية الحكومة. وتأتي تحذيرات السيستاني قبل يومين من عقد الجلسة الثانية للبرلمان العراقي غدا (الأحد) وسط مؤشرات بعدم انعقادها، ولا سيما بعد الأزمة الأخيرة بين بغداد وأربيل والاتهامات التي وجهها رئيس الوزراء نوري المالكي إلى الكرد بالتنسيق مع قوى الإرهاب، وهو ما حمل الوزراء الأكراد في الحكومة الاتحادية الانسحاب منها. إلى ذلك، استبعد عدد من ممثلي الكتل السياسية إمكانية الاتفاق على الرئاسات الثلاث قبل يوم الأحد بسبب الخلافات السياسية الحادة بين مختلف الأطراف. وفيما أكد كل من كتلتي تحالف القوى العراقية والتحالف الكردستاني بربط مرشحيهما لرئاستي البرلمان الجمهورية بتقديم التحالف الوطني مرشحا بديلا عن المالكي فإن التحالف الوطني أقر بصعوبة المهمة التي يواجهها بسبب عمق الخلافات مع دولة القانون.

وفي هذا الإطار قال الناطق باسم كتلة «متحدون» ظافر العاني وهو أحد المرشحين لمنصب رئيس البرلمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحالف القوى العراقية (يضم «متحدون» والعربية وديالي هويتنا والوفاء للأنبار) ليس لديه مشكلة في تقديم مرشحه شبه الجاهز لرئاسة البرلمان، مضيفا: «إنني حين أقول شبه الجاهز فلأن هناك آليات اتفقنا عليها دخل تحالف القوى من شأنها حسم الجدل بشأن المرشح لهذا المنصب دون أي معارضة لأننا نرى أن الأوضاع الراهنة تتطلب منا اتخاذ مواقف جادة ووطنية بعيدا عن لغة المكاسب».

وأوضح العاني أنه «في اللحظة التي يعلن فيها التحالف الوطني اسم مرشحه شريطة أن يكون غير المالكي سوف نعلن مرشحنا بعده بدقائق»، مؤكدا أنه «في حال جرى اختيار المالكي فلن نشارك في الحكومة ونتجه للمعارضة».

في السياق نفسه، أكد الناطق السابق باسم كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي مؤيد الطيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الكرد متوافقون على مرشح معين وجاهز لرئاسة الجمهورية، لكن التداعيات الأخيرة التي حصلت بسبب اتهامات نوري المالكي لنا بإيواء (داعش) و(القاعدة) جعلت الأمور تأخذ مسارا آخر»، مبينا أن «الكرة الآن في ملعب التحالف الوطني ففي حال أراد شراكة في وطن واحد ليس أمامه سوى استبدال المالكي وإلا فإننا لن نتجه إلى مجرد المعارضة، بل إن خيار الاستفتاء لتقرير المصير يصبح أمرا حتميا». من جانبه، أقر القيادي في التيار الصدري أمير الكناني في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» بصعوبة المهمة داخل التحالف الوطني قائلا إن «التحالف الوطني يواجه صعوبة كبيرة في إقناع المالكي بالتنحي حتى بعد توصية المرجعية، لا سيما أن المالكي بات يتذرع الآن بالأوضاع الجديدة التي سادت بعد احتلال الموصل». وأشار الكناني إلى أن «الائتلاف الوطني ممثلا بالتيار الصدري والمجلس الأعلى لا يزال مصرا على استبدال المالكي مع الإقرار بأحقية دولة القانون في ترشيح بديل له من داخل الكتلة».