المساعدات الإنسانية المقرة من مجلس الأمن لن تدخل إلى الرقة ودير الزور بسبب «داعش»

لؤي صافي لـ «الشرق الأوسط» : فجوة بين القرار وتنفيذه.. ويشمل اللاجئين في دول الجوار

TT

ينتظر ملايين السوريين أولى مراحل تطبيق القرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي يوم الأحد الماضي، والقاضي بإدخال مساعدات إنسانية من دون موافقة الحكومة السورية عبر أربعة معابر حدودية من تركيا والعراق والأردن، تقود إلى مناطق تسيطر عليها مجموعات المعارضة المسلحة، في وقت يبدو متعثرا دخول هذه المساعدات إلى محافظتي الرقة ودير الزور التي تسيطر عليهما «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش).

ولم يلح في الأفق حتى الساعة أي خطوات عملية لتنفيذ القرار على الرغم من الترحيب الكبير الذي لاقاه من مختلف أطياف قوى المعارضة. وفي هذا الإطار، نبه المعارض السوري لؤي صافي إلى وجود «فجوة بين القرار وتنفيذه، على أساس أن وصول المساعدات إلى المناطق السورية كافة لن يكون متاحا، وخصوصا إلى محافظتي الرقة ودير الزور اللتين يسيطر عليهما تنظيم (داعش)»، مذكرا أن «أكثر من قرار اتخذه مجلس الأمن بما يتعلق بالأزمة السورية لم يطبق فعليا على أرض الواقع لغياب الآليات اللازمة».

وقال صافي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوصول إلى بقية المناطق التي تسيطر عليها المعارضة أمر متاح، خصوصا أن الطريق إلى حلب وأدلب مفتوح من خلال المعابر التركية»، مشيرا إلى أن «العملية يمكن أن تبدأ مباشرة على أساس أن آلية توزيع المساعدات على السكان موجودة وقائمة فعليا». وعد صافي أن «حجم المساعدات التي أُقرت لا يتناسب مع حجم الكارثة السورية، خصوصا أنها تلحظ أيضا اللاجئين السوريين الموجودين في دول الجوار، وبالتحديد لبنان والأردن وتركيا والعراق».

وسمح مجلس الأمن الدولي يوم الأحد الماضي من خلال القرار الذي وضعت مسودته لوكسمبورغ وأستراليا والأردن، بإدخال مساعدات إنسانية من دون موافقة الحكومة السورية عبر أربعة معابر حدودية من تركيا والعراق والأردن تقود إلى مناطق يسيطر عليها المعارضون. ولحظ القرار وضع مراقبين حدوديين من الأمم المتحدة مسؤولين عن التحقق من سيارات نقل المساعدات قبل دخولها إلى سوريا لضمان أنها تحمل مساعدات فقط.

وكان النظام السوري حذّر من أنه سيعد إيصال مثل تلك المساعدات تعديا على الأراضي السورية. ورحبت حركة «حزم» المعارضة السورية، أمس الأربعاء، بالقرار داعية لاتخاذ «خطوات تنفيذية ناجعة تنهي سياسة الحصار والتجويع التي ينتهجها نظام الأسد ضد المدنيين، مخترقا كل القوانين والأعراف الدولية بما فيها (مادة 31 - 146 - 147) من اتفاقية جنيف الرابعة».

وأكدت الحركة في بيان التزامها بـ«حماية وتسهيل عمل القوافل الإغاثية ضمن المناطق الخاضعة لحمايتنا، بغية التخفيف من معاناة المدنيين»، مطالبة المجتمع الدولي بـ«تكثيف الضغط للحدّ من جرائم نظام الأسد الذي ما فتئ يضع العراقيل في وجه كل القرارات التي من الممكن أن تخفف من معاناة الشعب السوري». وأشار رئيس الحركة حمزة الشمالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن من أبرز الصعوبات التي من الممكن أن تواجه عملية التوزيع، القصف الحربي لطيران النظام على مناطق المدنيين المحاصرين، متوقعا أن يزيد النظام من وتيرة أعماله الحربية لإعاقة العمل الإغاثي. ولم يستبعد الشمالي استهداف النظام المعابر الحدودية بالصواريخ، كمعبري باب السلامة وباب الهوى، لا سيما أنّه قد استهدفهم عدة مرات سابقا، «لذلك كان المطلب الأساسي دوما لنا كشعب سوري هو توفير ممرات إنسانية آمنة جهد النظام للوقوف في وجهها هكذا قرر منذ البداية». وأكد الشمالي أن «حركة حزم بالتعاون مع عدد من الفصائل الثورية المعتدلة الأخرى ستعمل على ضمان وصول هذه الحاجات إلى وجهتها سواء بالطريق المباشر مع الأمم المتحدة والتنسيق مع المكتب الإغاثي التابع للحركة، أو عن طريق تأمين الحماية العسكرية واللوجيستية للمنظمات الإغاثية والقوافل الأممية المسيرة للمناطق المنكوبة». وكان الائتلاف الوطني السوري وصف في وقت سابق القرار بـ«الخطوة الضرورية التي انتظرها الشعب السوري منذ وقت طويل»، مؤكدا استعداده الكامل للتعاون مع الدول المانحة من أجل إيصال المساعدات لجميع مستحقيها دون تمييز، كما تعهد بحماية قوافل المساعدات مع الالتزام الكامل بالقانون الإنساني الدولي.

ويُنتظر أن تكون المنظمات الدولية التابعة مباشرة للأمم المتحدة الأدوات التنفيذية للقرار الأممي الأخير، على أساس أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليست معنية مباشرة بتطبيقه، كما أكد رالف الحاج، المتحدث باسم البعثة في دمشق. وأوضح الحاج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجنة ليست جزءا من منظومة الأمم المتحدة وبالتالي فإن القرار لا يلزمها»، مشيرا إلى «تنسيق دائم مع كل منظمات الإغاثة العاملة على الأراضي السورية بمسعى لتكامل الجهود المبذولة».

ووصف الحاج الحاجات السورية بـ«الكبيرة»، موضحا أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أكثر من عشرة ملايين سوري يحتاج للمساعدة داخل وخارج سوريا، وقال: «لن تكون جهة إنسانية واحدة قادرة على تلبية الاحتياجات الهائلة بل المطلوب تضافر كل الجهود لإغاثة المحتاجين». وإذ رحّب الحاج بالقرار الأممي الأخير في حال نجح بالمساهمة في تحسين الوضع الإنساني في سوريا، ذكّر بأن «السلطات لم تستجب له وهي تعده انتهاكا للسيادة السورية»، وأوضح الحاج أن «اللجنة الدولية لا تزال حتى الساعة غير قادرة على دخول عدد كبير من المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة، وأبرزها مناطق ريف دمشق وبعض المناطق في الريف الحلبي». وأضاف: «كما أن اليرموك لا يزال محاصرا على الرغم من بعض الإشارات الإيجابية بما يتعلق بوضعه».

وفيما لم يصدر أي موقف سوري رسمي من القرار بعد صدوره، أعلنت وكالة «سانا» يوم الثلاثاء الماضي وصول الطائرة السابعة من الجسر الجوي الثالث إلى مطار القامشلي محملة بمواد إغاثة مقدمة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

ونقلت «سانا» عن مديرة مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالقامشلي مها صدقي أن المساعدات تتضمن بطانيات حرارية وأغطية بلاستيكية وحصر وعبوات لتعبئة المياه وعدة مطبخ وسلات صحية سيجري توزيعها على المحتاجين بالتعاون مع الجمعيات الأهلية والهلال الأحمر العربي السوري ومكتب الوافدين في المحافظة.

ويضم الجسر الجوي 11 طائرة بحمولة إجمالية تزيد على 440 طنا سيجري توزيعها على 50 ألف شخص من الوافدين والعائدين واللاجئين.