غزة تحت الحصار: تفاهمات 2012

TT

بعد أربع وعشرين ساعة فقط من سريان مفعولها، خرقت قوات الاحتلال الإسرائيلية «تفاهمات وقف إطلاق النار»، الموقعة بينها وبين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة مرتين، بإطلاق النار على المواطنين في المناطق الحدودية شرق مدينة خان يونس، مما أدى إلى استشهاد المواطن نور عبد الهادي قديح (20 عاما) وإصابة ثلاثة وعشرين فلسطينيا بجروح.

وكان وزير الخارجية المصري، آنذاك، محمد كامل عمرو، قد أعلن مساء 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، في مؤتمر صحافي مشترك، عقده مع وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، التوصل إلى التفاهمات، التي باتت تعرف بـ«تفاهمات 2012»، وقال إن مصر بذلت جهودا مكثفة مع القيادة الفلسطينية والفصائل وإسرائيل والقوى الدولية للوصول إلى وقف إطلاق النار، (يبدأ في) الساعة 9 مساء بتوقيت القاهرة.

وقد نصت ورقة التفاهمات على:

- أن تقوم إسرائيل بوقف كل الأعمال العدائية، برا وبحرا وجوا، ضد قطاع غزة، بما في ذلك الاجتياحات وعمليات استهداف الأشخاص.

- تقوم الفصائل في فلسطين بوقف كل الأعمال العدائية من غزة تجاه إسرائيل، بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات من على خط الحدود.

- فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، وعدم تقييد حركة السكان، أو استهدافهم في المناطق الحدودية. والتعامل مع إجراءات تنفيذ ذلك بعد 24 ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

- التزام كل طرف بعدم القيام بأي أفعال من شأنها خرق التفاهمات، وفي حالة وجود أي ملاحظات يتم الرجوع إلى مصر راعية التفاهمات لمتابعة ذلك.

ومن بين شروط الاتفاق، كما أشارت مصادر إسرائيلية في حينه، أنه في حال اختبار الاتفاق بنجاح أول 24 ساعة، سيفتح معبر رفح بين غزة ومصر أمام البضائع والمسافرين، مما يعتبر فكا جزئيا للحصار على قطاع غزة، حيث كانت إسرائيل ترفض فتحه للبضائع، وستكون مصر كفيلة بضمان ألا يتم تهريب أسلحة أو مسلحين عبر هذا المعبر.

أما الحصار البحري فسيستمر، لكنه لن يعوق عمل صيادي السمك الغزيين. كما أكدت مصادر إسرائيلية أنها تعهدت بوقف عمليات الاغتيال، مقابل تعهد حماس بالامتناع عن تنفيذ عمليات تفجير داخل إسرائيل. وفي ما يخص آلية التنفيذ، نصت التفاهمات على «تحديد ساعة الصفر لدخول تفاهمات التهدئة حيز التنفيذ، وحصول مصر على ضمانات من كل طرف بالالتزام بما يتم الاتفاق عليه، والتزام كل طرف بعدم القيام بأي أفعال من شأنها خرق هذه التفاهمات، وفي حال وجود أي ملاحظات يتم الرجوع إلى مصر راعية التفاهمات لمتابعة ذلك».

غير أن التفاهمات لم تتعرض للخرق المشار إليه، بل تواصلت عمليات التحرش بالمزارعين، ومنعهم من جني محصول أراضيهم المحاذية للحدود الشمالية، وإطلاق نار متقطع عليهم من حين لآخر. كما تواصلت مطاردة صيادي البحر الغزيين، وإجبارهم على التزام الصيد في مناطق لا تبعد عن الشاطئ أكثر من ستة أميال، حيث الصيد محدود والثروة ضئيلة للغاية. وعلى الرغم من الاتفاق حول فتح المعابر، فإن الحركة ظلت بطيئة ومتقطعة، والتنقل ممنوعا عبر معبر بيت حانون (إيريز) شمال قطاع غزة، إلا لحالات استثنائية.

وخلال المفاوضات الحالية، اعترضت حماس على بعض الصياغات وعدد من النقاط التي بررت بها رفضها المبادرة، أبرزها تعبير «وقف كل الأعمال العدائية»، الذي اعتبرته أوساطها يساوي بين المعتدي والضحية. كما طالبت بوقف أعمال القرصنة البحرية وتوسيع مناطق الصيد إلى مسافة 12 ميلا، وإيجاد ضمانات بعدم خرق إسرائيل لأي تفاهمات يجري التوصل إليها. ذلك أن إسرائيل ظلت طيلة الفترة الفاصلة بين الحربين الأخيرتين تتحكم في المعابر الحدودية بصورة كاملة، وتمنع وصول المواد التموينية عبر المعابر التجارية لأسباب تدعي أنها أمنية.