منذ اليوم الأول لمعركة عرسال، التي أتت إثر معارك قادها «حزب الله» إلى جانب النظام السوري في القلمون، والخسائر التي لحقت بمسلحي تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة»، تحدثت بعض المعلومات عن ضلوع «حزب الله» بالمعركة، وهو ما عززه كلام الأهالي عن استهداف بلدتهم بالصواريخ خلال الهدنة بين الجيش اللبناني والمسلحين.
وبعدما عمد أهالي اللبوة، ذات الغالبية الشيعية، المجاورة لبلدة عرسال إلى إغلاق الطريق، ومنع وصول قافلة المساعدات إلى العائلات المحاصرة، أول من أمس، حملت بعض الجهات، ومن بينها «هيئة العلماء المسلمين»، «حزب الله» المسؤولية، متهمة إياه بإفشال المبادرة التي تنص على وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات والإفراج عن المخطوفين من عناصر الجيش والقوى الأمنية.
وهذا التوجه أعلنه صراحة النائب في كتلة المستقبل جمال الجراح، مشيرا إلى أن الحزب تدخل بالرصاص والقصف لإفشال الحلول، وعدّ أن هذا الأمر من شأنه أن يحمل تداعيات سياسية كبيرة جدا، بينما رأى رئيس تيار المستقبل، رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، أن «حزب الله» مسؤول عما حصل في عرسال، نافيا في الوقت نفسه ضلوعه في المعارك.
لكن «حزب الله»، من جهته، نفى هذه الاتهامات، مؤكدا، في بيان له، أنه لم يتدخل في مجريات ما حصل ويحصل في منطقة عرسال، وشدد على أن ما يجري ميدانيا من معالجة للوضع العسكري وحماية الأهالي والتصدي لجماعات المسلحين هو حصرا من مسؤولية الجيش اللبناني.
وفي هذا الإطار، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد، وهبي قاطيشا، إن الوقائع على الأرض تثبت، بما لا يقبل الشك، أن «حزب الله» يتحرك عسكريا في معركة عرسال.
وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المعركة كانت مدبرة من قبل النظام السوري و(حزب الله)»، مضيفا: «قبل بدء المعركة بثلاثة أيام، أعلن رئيس بلدية اللبوة رامز أمهز، أن ساعة الصفر لمعركة عرسال والقضاء على الإرهابيين قد حانت». كذلك، رأى قاطيشا أن «حزب الله» مَن قام بقصف بلدة عرسال بالقذائف خلال الهدنة التي توصل إليها الجيش اللبناني مع المسلحين، وهو الأمر نفسه الذي حصل مع «هيئة العلماء المسلمين» خلال دخولها إلى عرسال للتباحث مع المسلحين، بحيث استهدف الوفد بعدما اجتاز حاجز الجيش وكان متوجها للاجتماع مع المسلحين.
وبينما كشف ضابط في الجيش اللبناني لـ«الشرق الأوسط» أن قيادة الجيش كانت قد أصدرت تعميما قبل يومين من بدء معركة عرسال تمنع بموجبه متابعة عناصرها قنوات التلفزيون، وإزالة الأجهزة من المراكز والثكنات، كان أمهز قد أعلن عبر «الشرق الأوسط»، الأسبوع الماضي، أن «ساعة الصفر لمعركة عرسال قد حانت»، وأضاف: «المعطيات التي بحوزتنا تشير إلى أن عملية ستُنفذ بالتعاون ما بين الجيشين اللبناني والسوري و(حزب الله)»، مضيفا: «الجيش السوري سيتصرف ضمن نطاق أراضيه، فيما يتولى الجيش اللبناني وعناصر المقاومة العمليات ضمن الأراضي اللبنانية»، قبل أن يعود وينفي ما قاله في اليوم التالي.
في المقابل، نفى الخبير العسكري العميد المتقاعد (المقرب من «حزب الله») أمين حطيط مشاركة «حزب الله» في القتال إلى جانب الجيش ضد المسلحين في عرسال، وعدّ أنه طالما أن الجيش قادر على منع تمدد المسلحين إلى القرى الشيعية القريبة من عرسال في البقاع، فإن «حزب الله» لن يتخذ قراره بالتدخل. وأوضح أنه إذا عجز الجيش عن استيعاب الهجوم، فعندها لن يقف الحزب مكتوف اليدين، معلنا كذلك أن استعدادات الحزب كاملة للدفاع عن مناطقه إذا تفلت الإرهاب ووصل إلى بعلبك والهرمل في البقاع.
وهي المعلومات التي تقاطعت مع ما سبق أن أعلنه رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك، قائلا: «علينا أن نكون جاهزين، ومن يهدد بانقسام الجيش والخروج عنه نقول لهم: (ليس لبنان ولا البقاع هو الموصل، ولن نسمح بهدم مسجد أو كنيسة أو حسينية أو مقام، وسندافع بكل ما أوتينا من قوة)».