سوق العقارات الأميركية المتعثرة تواجه أبطأ موسم لها منذ ثلاث سنوات

جمعية المصرفيين للرهون العقارية تخفض من توقعاتها لنشأة قروض الشراء في الربع الثالث إلى 159 مليار دولار

انخفض سعر الرهون العقارية الثابت لمدة 30 سنة في أمريكا إلى 4.1% الأسبوع الماضي بعد أن كان 4.51% العام السابق (بلومبيرغ)
TT

في حين أصبح في إمكان سوق العقارات الأميركية المتعثرة الاستفادة من الدعم، يبدأ نشاطها في المرور بأبطأ فترة في عام.

تشهد عمليات البحث عن منازل عبر الإنترنت، وهي مؤشر على حجم الطلب، ارتفاعا كبيرا من شهر مارس (آذار) وحتى أغسطس (آب)، وفقا لشركة «تروليا» المتخصصة في معلومات العقارات، والتي درست نشاط البحث على مدار ثلاثة أعوام. بحلول شهر سبتمبر (أيلول)، مع انتهاء فصل الصيف وبدء العام الدراسي للتلاميذ، تنخفض عمليات البحث إلى نسبة أقل من معدلها السنوي ويزداد الانخفاض حتى شهر ديسمبر (كانون الأول).

يعني التباطؤ الموسمي أن التحول في سوق العقارات ليس من المرجح أن يستمر لبقية العام الحالي. فبعد الزيادة الهائلة التي شهدها عام 2013، تنخفض مبيعات المنازل القائمة والجديدة عن العام الماضي حتى مع زيادة المعروض ووصول أسعار الفائدة على الرهون العقارية إلى أدنى مستوياتها. وانخفضت وتيرة مبيعات المنازل الجديدة إلى أدنى معدلاتها منذ أربعة شهور في يوليو (تموز) في ظل إبعاد الأسعار المرتفعة والشروط الائتمانية الصارمة للمشترين وإجبار المحللين الاقتصاديين على الحد من توقعاتها.

يقول جويل كان، مدير التوقعات الاقتصادية في جمعية المصرفيين للرهون العقارية «كان النصف الأول من العام مخيبا للآمال بالتأكيد. هناك احتمالية وقوع تحول إيجابي، لكننا لا نتوقع حدوث زيادة مفاجئة أو حادة في مبيعات المنازل أو نشأة القروض في الأرباع السنوية المقبلة».

خفضت جمعية المصرفيين للرهون العقارية من توقعاتها لنشأة قروض الشراء في الربع الثالث إلى 159 مليار دولار مقارنة بـ195 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام السابق. وفي يناير (كانون الثاني)، توقعت المجموعة التجارية أن يصل الرقم ربع السنوي إلى 202 مليار دولار.

* ارتفاع الأسعار

* تسبب ارتفاع القيمة في عدم قدرة المشترين على تحمل تكاليف العقارات حتى في ظل تراجع الأرباح. كما تزداد أزمة المعروض من المنازل ذات الحد الأدنى سوءا منذ العام الماضي، إذ أصبحت مبيعات المنازل المرهونة قليلة وبدأ المستثمرون الذين يسددون نقدا في شراء المنازل ذات الأسعار المعقولة لتحويلها إلى الإيجار.

ارتفعت أسعار المنازل، التي زادت بنسبة 29 منذ وصولها إلى أدنى سعر في 2012، بنسبة 8.1 في المائة منذ يونيو (حزيران)، في أقل مكسب سنوي منذ يناير (كانون الثاني) عام 2013، وفقا لمؤشر «إس آند بي كيس شيلر 20 سيتي».

لم تقدم أسعار الرهون العقارية، التي تظل قريبة من أدنى معدلاتها، للمشترين ما يكفي من المدخرات لتعزيز المبيعات بدرجة كبيرة. وقد انخفض سعر الرهون العقارية الثابت لمدة 30 سنة إلى 4.1 في المائة في الأسبوع الحالي بعد أن كان 4.51 في المائة في العام السابق.

قال كيث غامبينغر، نائب رئيس «HSH.com»، وهي شركة بيانات خاصة بالرهون العقارية يقع مقرها في ريفيرديل في نيوجيرسي «يوجد الكثير مما يمكن أن يحققه انخفاض أسعار الرهون العقارية، إذ إن في انخفاضها فائدة، فهي تجذب المقترضين، لكنها في طريقها أيضا ساعدت على ارتفاع أسعار المنازل التي دفعت آخرين بعيدا».

* توقعات فاني

* تعاني سوق العقارات من نقص في أعداد المشترين لأول مرة، ويرجع ذلك إلى حد ما إلى أن جيل الألفية الثالثة، الذي أرهقته البطالة والديون الدراسية، يؤجل الزواج والإنجاب وتملك المنازل.

وذكرت شركة «فاني ماي» للرهون العقارية التي تديرها الحكومة أن توقعاتها للعقارات انخفضت بسبب تراجع زخم المبيعات في نهاية الربع الثاني من العام. ومن المتوقع أن تكون المبيعات في 2014 أقل من عام 2013، وفقا لما كتبه دوغلاس دنكان، الخبير الاقتصادي في «فاني ماي»، في مذكرة بتاريخ 18 أغسطس الماضي. كانت الشركة قد توقعت في السابق أن سوق العقارات سوف تحرك الاقتصاد الأميركي عامي 2014 و2015، لكنها لم تعد تقوم بهذا الدور حاليا. كتب دنكان قائلا «لقد قللنا من حجم توقعاتنا بعد نشاط سوق العقارات المخيب للآمال أثناء النصف الأول من العام. إضافة إلى ذلك، على جانب الطلب، يبدو أن هناك اتجاها محافظا بين المستهلكين يتعلق أيضا برغبتهم في القيام بشراء أشياء عالية التكلفة مثل العقارات».

ويرى بول ديغل، الخبير الاقتصادي في سوق العقارات الأميركية في «كابيتال إيكونومكس» المحدودة، إنه على الرغم من انخفاض حجم مبيعات المنازل القائمة منذ عام، فإنها لا تزال قريبة من المعدل المتوسط طويل الأجل مقارنة بحجم السكان.

* عقارات جديدة

* يقول ديغل إنه يوجد في الوقت الحالي 15.2 عملية بيع لمنزل قائم سنويا لكل ألف شخص مقارنة بالمعدل المتوسط الذي يرجع إلى عام 1968 والذي بلغ 15.1. لكن أكبر المخاوف التي تنتابه هو أن مبيعات المنازل الجديدة تبلغ نصف المعدل طويل الأجل، حيث تبتعد شركات بناء العقارات عن سوق الحد الأدنى في ظل الإجراءات الائتمانية الصارمة، وتركز بدلا من ذلك على العقارات الأعلى سعرا والتي تخصص لقطاع محدود من المشترين. وقال ديغل «يتعلق التراجع الفعلي في السوق بمبيعات العقارات والمنازل الجديدة».

وأعلنت الجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين أن مؤشر المبيعات الآجلة للمنازل القائمة ارتفع بنسبة 3.3 في المائة في شهر يوليو (تموز) عن الشهر السابق. وتوقع التقدير المتوسط في استطلاع أجرته شبكة «بلومبيرغ» على الخبراء الاقتصاديين أن يتقدم المؤشر بنسبة 0.5 في المائة.

وعلى مدار بقية العام، سوف يكون هناك عدد أقل من المشترين الذين يبحثون عن منازل. يقول جيد كولكو، كبير الخبراء الاقتصاديين في «تروليا» التي يقع مقرها في سان فرانسيسكو، إن نشاط البحث عن المنازل ارتفع بنسبة أكبر من 10 في المائة عن المعدل السنوي من شهر مارس (آذار) إلى يوليو. وفي سبتمبر، انخفض بنسبة 5 في المائة عن المتوسط، ليصل إلى 25 في المائة، أي أقل من النسبة الأساسية، في شهر ديسمبر.

* تراجع موسمي

* في الوقت الذي يبدأ فيه التراجع الموسمي في معظم أنحاء البلاد في سبتمبر، يقول كولكو إن التراجع يزداد انحدارا في الولايات الجنوبية مثل فلوريدا والمدن الجامعية مثل كوليدج ستيشن في تكساس ومدينة أيوا في أيوا. في المقابل، لا تشهد ولايات الشمال الشرقي والغرب انخفاضا كبيرا في المبيعات في شهر سبتمبر. وتواجه سوق العقارات أيضا بعض الرياح العكسية التي ستعرقل نشاطها في شهور الذروة في الربيع والصيف.

يقول كولكو «لا تزال التحديات الاقتصادية التي واجهها الناس في السابق قائمة، حيث تسوء القدرة على تحمل التكاليف في حين ترتفع الأسعار، وتستمر سوق الوظائف في التعافي ببطء، وتظل قدرة الشباب على الحصول على فرص عمل أقل إمكانية مما كانت قبل الركود».

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»