عريقات: الفيتو الأميركي ضد مشروعنا سيواجه بالانضمام إلى المنظمات الدولية

توصيات رسمية تتضمن إنهاء دور السلطة وفك التنسيق الأمني مع إسرائيل

TT

يتجه الفلسطينيون إلى معركة فاصلة قبل نهاية العام الحالي إذا ما فشلت جهود إقامة الدولة عبر المفاوضات أو مجلس الأمن، وذلك من خلال الانضمام إلى مئات المنظمات الدولية، بما فيها الجنايات الدولية التي تتيح للفلسطينيين محاكمة إسرائيل، وإلغاء اتفاقات مهمة مع إسرائيل ضمن اتفاق أوسلو للسلام، وهي الخطوات التي من شأنها أن تتسبب لاحقا بانهيار السلطة الفلسطينية في ظل مقاطعة إسرائيل والولايات المتحدة لها.

فقد أوصى صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين ومهندس التحركات الدبلوماسية والقانونية للسلطة، بالانضمام إلى 522 منظمة دولية في حال إسقاط مشروع القرار الداعي لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي من خلال «الفيتو» الأميركي، إلى جانب وقف كل أشكال التنسيق الأمني مع إسرائيل. وجاء في دراسة قدمها عريقات للقيادة الفلسطينية بعنوان «اليوم التالي: ماذا بعد؟» أن الشعب الفلسطيني يرفض تحويل السلطة الفلسطينية التي ولدت لهدف نقل الشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال إلى سلطة وطنية لدفع الرواتب والتنسيق الأمني».

واتهم عريقات الحكومة الإسرائيلية من خلال العدوان الأخير على قطاع غزة بالسعي لتدمير مبدأ الدولتين، من خلال إبقاء قطاع غزة خارج الفضاء الفلسطيني، وقال إنه «في حال إحباط مشروع القرار العربي، الداعي إلى تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي 1967 أمام مجلس الأمن الدولي من خلال (الفيتو) الأميركي، فإنه يجب أن تستكمل دولة فلسطين تقديم صكوك الانضمام لكل المؤسسات والمواثيق والبروتوكولات والمعاهدات الدولية البالغ عددها 522، وأن توقف السلطة الفلسطينية كل أشكال التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال الإسرائيلية وأن يدعو رئيس دولة فلسطين المحتلة إسرائيل (سلطة الاحتلال) إلى تحمل مسؤولياتها كافة».

وأوصى عريقات أيضا بأن «تستمر منظمة التحرير الفلسطينية، كونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أيا كان مكان وجوده، وتستمر دولة فلسطين المحتلة بعضويتها في كل المنظمات والمؤسسات الإقليمية والقارية والدولية، واستكمال متطلبات المصالحة الفلسطينية دون تردد، وبما يضمن الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسة دولة فلسطين وللمجلس الوطني الفلسطيني».

كما دعا عريقات إلى إجراء انتخابات جديدة للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بمشاركة حماس والجهاد لتكون «الحكومة المؤقتة لدولة فلسطين عملا بقرار الجمعية العامة 19/ 67 لعام 2012 والتأكيد على أن المجلس الوطني الفلسطيني هو برلمان دولة فلسطين». ويعني ذلك نهاية دور السلطة الفلسطينية.

وجاءت توصيات عريقات، المقرب جدا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، والتي تكشف توجه القيادة الفلسطينية المستقبلي، في وقت دعا فيه المجلس الثوري لحركة فتح، وهو أعلى سلطة في الحركة الحاكمة، في حالة انعقاده، إلى استكمال الانضمام الفلسطيني إلى المؤسسات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات الدولية، واعتبره قرارا سياديا فلسطينيا يتوجب الشروع فيه، واستكمال إجراءاته قبل نهاية العام الحالي.

وأعرب المجلس في البيان الختامي لاجتماعاته التي عقدت في مدينة رام الله على مدار يومين، عن مساندته للتحركات السياسية للرئيس محمود عباس، التي أقرتها منظمة التحرير وحركة فتح باعتبارها جبهة حيوية في إطار العمل الوطني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ونيل الاستقلال الوطني الفلسطيني.

وأكد المجلس أن التوجه للأمم المتحدة عبر مجلس الأمن هو حق فلسطيني لا يقبل التأويل أو المساومة، ويمثل اختبارا لقدرة المجلس على ضمان الأمن والسلم الإقليميين، باعتبار أن إقامة الدولة الفلسطينية هو الاختبار الحاسم لذلك. كما حذر المجلس الثوري من أن عدم اضطلاع مجلس الأمن بالقيام بواجباته تجاه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي سيفتح المجال أمام إعلان نهاية عملية السلام.

وفي هذا الصدد فوض المجلس اللجنة المركزية لحركة فتح «أي قرارات يمكن اتخاذها، بما في ذلك وقف أي علاقة رسمية نتجت عن اتفاق أوسلو (مع الكيان الإسرائيلي) وكل الالتزامات المترتبة عليه». وقال المجلس إن المفاوضات باتت غاية لحكومة الاحتلال الإسرائيلي لإطالة أمد الاحتلال، ولإدارة الصراع وليس لإنهائه، مضيفا أن المفاوضات هي إحدى الوسائل الفلسطينية لنيل الاستقلال الوطني، وقد أعطيت كل الوقت والجهد واستنفدت كل الفرص لنجاحها.

وشدد المجلس الثوري على ربط استئناف مفاوضات مع الكيان الإسرائيلي بوقف عمليات البناء والاستيطان بما فيها القدس المحتلة، ووقف التعديات في الحرم القدسي الشريف، والإقرار بحدود الدولة الفلسطينية والاستعداد المسبق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وتؤكد دراسة عريقات وبيان المجلس الثوري ما نشرته «الشرق الأوسط» عن وجود نقاشات فلسطينية لإعلان دولة تحت الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل والانضمام إلى منظمات دولية.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت عن مصادر في فتح أن «التوجه في الحركة هو نحو مواصلة المشاورات في مجلس الأمن، ومع الدول لضمان نجاح مشروع جلاء القوات المحتلة عن الأرض الفلسطينية، لكن مع إعطاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري فرصة لإطلاق مبادرة مقبولة فلسطينيا ويستجيب لها الإسرائيليون».

وقدرت مصادر مطلعة أنه حتى نهاية العام يجب حسم هذا الملف، إما بمفاوضات حقيقية ومختلفة عن السابق، أو بالتوجه إلى مجلس الأمن. وقالت المصادر إن «الخطة الفلسطينية التي ناقشها الثوري في حال فشلت جهود إنهاء الاحتلال عبر مجلس الأمن، تتركز على الانضمام إلى كل المنظمات الدولية، ويجري نقاش تبعات ذلك على الفلسطينيين، واتخاذ قرارات مهمة تتعلق بالعلاقة مع إسرائيل، ومنها إلغاء اتفاقات أمنية واقتصادية، بما في ذلك وقف التنسيق الأمني الذي يعد المسألة الأهم بالنسبة للإسرائيليين».

كما أكدت أن المجلس الثوري يدرس خطوات أخرى، من بينها إعلان دولة تحت الاحتلال، وتحميل إسرائيل المسؤوليات المختلفة عن الفلسطينيين كشعب تحت الاحتلال.

وفي هذا الصدد أوصى عريقات كذلك بوجوب «السعي لدى دول الاتحاد الأوروبي للحصول على اعترافها بدولة فلسطين على حدود 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية»، وأضاف: «يجب استمرار المساعي مع الأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء نظام خاص بالحماية الدولية للشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة»، مشددا على أنه «ليس لدينا ما نخسره إلا الخسارة ذاتها، ولا يمكننا بأي حال من الأحوال قبول استمرار الأوضاع على ما هي عليه».