القوات العراقية تصد هجوما لـ«داعش» على عامرية الفلوجة غرب بغداد

التنظيم المتطرف يشتبك مع عشيرة البونمر قرب هيت

TT

صدت القوات العراقية والعشائر المتحالفة معها هجمات منسقة قام بها تنظيم داعش على بلدة عامرية الفلوجة الاستراتيجية غرب بغداد، في وقت شن فيه هجوما واسعا على عشيرة البونمر بالقرب من قضاء هيت (180 كم غرب بغداد). وفيما كشف أحد شيوخ القبائل في الأنبار عن أن تنظيم داعش استخدم في هجومه على عامرية الفلوجة والبونمر أسلحة ومعدات جديدة، فإنه شكا من بطء القصف الجوي العراقي والأميركي.

وكان مدير ناحية عامرية الفلوجة بمحافظة الأنبار شاكر العيساوي أعلن أمس أن «عناصر تنظيم داعش هاجموا الناحية من محورين، الأول من جهة قرى زوبع، والثاني من منطقة الحصي باستخدام الدبابات والدروع»، مبينا أن «نحو 400 مسلح من عناصر التنظيم يشاركون في الهجوم». وأضاف العيساوي في تصريح أن «القوات الأمنية تمكنت حتى الآن من قتل العديد من عناصر التنظيم بينهم عرب وأجانب وتدمير أربع سيارات مسلحة»، مشيرا إلى أن «الطائرات العراقية ومقاتلات التحالف قصفت ثلاثة مواقع لـ(داعش) بينها منزل يستخدمه عناصر التنظيم في منطقة البوهوي، وسط الناحية». وأكد العيساوي أن «الهجوم الذي تتعرض له ناحية عامرية الفلوجة هو الأعنف منذ أشهر ولم تخترق خطوط دفاعات القوات الأمنية».

في سياق ذلك، أكد الشيخ حميد الكرطاني، أحد شيوخ الفلوجة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهجوم الذي يشنه (داعش) على عامرية الفلوجة يهدف إلى قطع الطريق الموصل بين بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية، من جهة، وبينها وبين الأنبار من جهة أخرى، كجزء من خطة يعمل عليها (داعش) لخلق أمر واقع على الأرض». وأضاف الكرطاني أن «المعلومات التي يجري تداولها في أوساط عديدة حتى من بين العناصر المؤيدة لهذه العناصر أن (داعش) يريد توسيع نطاق الولاية التي أعلنها منذ أوائل العام الحالي في الفلوجة والتي تبدو محاصرة، وبالتالي فإن توسيع نطاقها يعني فرض واقع جديد».

على صعيد متصل، أكد الشيخ غسان العيثاوي، رجل الدين والشيخ العشائري في الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنظيم داعش كثف من هجماته خلال اليومين الأخيرين بعد فترة صمت في إطار محاولة له لخلخلة الأوضاع في مختلف مناطق الأنبار، إذ إن الهجومين اللذين يقوم بهما الآن في مكانين منفصلين تماما، أحدهما في منطقة تابعة لهيت وتسكنها قبيلة البونمر غربي الرمادي، والأخرى في عامرية الفلوجة جنوب شرقي الرمادي»، كاشفا عن «استخدامه في كلا الهجومين أسلحة جديدة ومتطورة تستخدم للمرة الأولى». وأشار العيثاوي إلى أن «المشكلة التي نواجهها الآن هي ضعف الهجمات الجوية سواء من قبل الطيران الأميركي أو العراقي، وهو أمر يستفيد منه (داعش) تماما، على الرغم من أن عشيرة البونمر في منطقة هيت تقاتل بضراوة، والقوات العسكرية صدت الهجوم على عامرية الفلوجة، وبحسب المعلومات المتوافرة فإن تنظيم داعش الذي زج بقوات كبيرة من أجل اختراق الناحية قد تكبد خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات».

وبينما أعلنت قيادة عمليات الأنبار أن طائرات حربية عراقية وأخرى تابعة للتحالف الدولي شنت غارات استهدفت أماكن تجمع عناصر «داعش» في محيط ناحية عامرية الفلوجة، وألحقت خسائر بشرية ومادية كبيرة في أكبر معاقل التنظيم في المحافظة، فإن أبو أكرم النمراوي، مختار إحدى النواحي في منطقة الفرات، أعلن في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن «المنطقة التي تتعرض للهجوم الآن في الجزيرة الفراتية بالقرب من هيت محاصرة من أربع جهات»، مبينا أن «مسلحي (داعش) قطعوا خط الرجعة، وبالتالي فقد أصبح الوضع بالغ الصعوبة علينا». وشكك النمراوي في دوافع الهجمات الجوية الأميركية «التي يبدو أنها لا تغني ولا تسمن من جوع لأنها لم تؤثر في تنظيم داعش، والأسباب معروفة بالنسبة لنا وهي أنهم غير جادين في القضاء على (داعش)، والدليل على ذلك أننا الآن أحوج ما نكون إلى المساعدة، بينما نجد أن الطيران ضعيف بعكس ما تعلنه المصادر الرسمية». وناشد النمراوي الحكومة العراقية إسعافهم بالأسلحة والمعدات لفك الحصار عنهم، مبينا أن «أسعار الوقود والسلع الغذائية بلغت مستويات عالية جدا».

وبالنسبة لـ«داعش» فإن السيطرة على كامل محافظة الأنبار هدف استراتيجي مهم. والآن فإن أكبر قاعدة جوية في الأنبار وهي «عين الأسد»، وسد حديثة وهو منشأة لها أهمية كبيرة في البنية التحتية، والبلدات المحيطة، يطوقها «داعش». وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، أصبح في وسع «داعش» أن يسيطر على طريق مفتوح بالكامل من الحدود السورية إلى بغداد.

ويخشى مقاتلو العشائر السنية من قلة عددهم مقارنة بمقاتلي «داعش»، ويقولون إن الجيش الأميركي والحكومة العراقية لا يرسلان إليهم الدعم الكافي. أما فرق الجيش العراقي الرئيسة في الأنبار، وهي الفرقة السابعة والفرقة الثامنة والفرقة التاسعة والفرقة العاشرة والفرقة الثانية عشرة، فقد تمزقت بشكل سيئ. وتقول مصادر طبية ودبلوماسية إن 6000 جندي عراقي قتلوا حتى يونيو (حزيران) الماضي، بينما هرب من الخدمة ضعف هذا العدد. ومما يربك الصورة وجود الجنود الوهميين وهم الرجال الذين توجد أسماؤهم في قوائم الأجور لكنهم ليسوا في الخدمة ولا يقاتلون وتذهب أجورهم إلى جيوب القادة. وكانت هذه الظاهرة مواكبة للانهيار السريع الصادم للجيش العراقي في الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية في الصيف. ويقدر ضابط مخابرات عراقي في الأنبار عدد الجنود الذين يمكن أن يكونوا في قوائم الأجور في دفاتر الجيش بستين ألف جندي بينما الحقيقة أنه لا يوجد أكثر من 20 ألف جندي في المحافظة.

وقال ضابط عراقي مشترطا ألا ينشر اسمه «قواتنا بدأت تنهار أمام هجمات (داعش) المتكررة». وأضاف «فقدنا السيطرة على معظم الطرق الأساسية حول الرمادي، وهذا جعل من الصعب للغاية الحفاظ على تدفق الإمدادات إلى المعسكرات». وأشار الجنرال لويد أوستن، قائد القيادة المركزية الأميركية، إلى أنه على النقيض من وضع الجيش العراقي فإن عدد قوات «داعش» لم يتغير منذ الصيف عندما كان المقاتلون السنة الموالون للحكومة يحذرون من أن الأنبار يمكن أن تسقط. وأقر أوستن في حديثه للصحافيين في البنتاغون الجمعة الماضية بأن الوضع في الأنبار مشحون. وقال «سأصف الأنبار بأنها قيد المنافسة».