حملة شعبية في إسرائيل ضد زيادة الميزانية العسكرية

منسقة الحملة: هناك من يربح المال على حساب دماء الفلسطينيين

TT

لأول مرة في تاريخ إسرائيل، انطلقت هذه الأيام حملة جماهيرية تعترض على الميزانية العسكرية وتشكك في دوافعها الأمنية، بدعوى أن هناك من يجني أرباحا هائلة من تجارة السلاح والحروب على حساب أرواح الضحايا من الجانب الإسرائيلي والفلسطيني.

ويطلق المحتجون اسم «حموشيم» (وتعني «مسلحين» بالعبرية) على حركتهم.

وحسب إيشا باسكين، منسقة هذه الحملة، فإن الهدف منها هو الكشف عن العلاقات المشبوهة بين تجارة السلاح والحروب في إسرائيل، وبين المصالح التجارية لبعض مراكز القوى في البلاد والخارج. وهي تعمل بتنسيق وتعاون مع الجمعية الأميركية للصداقة (AFSC)، التي تجري تحقيقات شاملة حول الصناعات الحربية في إسرائيل.

وقالت باسكين في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن حملتها تقصد «إثارة نقاش جدي وناقد لأول مرة في إسرائيل حول الثمن الاقتصادي والبشري الذي ندفعه بسبب الاحتلال، وبسبب سيطرة موضوع الأمن على حياتنا. نريد أن نكشف ما هو ثمن ميزانية الأمن، ومن هو الرابح والخاسر منها؛ ففي بلادنا لا يوجد وعي كاف بحقيقة أن هذا الاحتلال، وما ينفق عليه من أموال، يأتي على حساب أرواح الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يقتلون في الحروب، وعلى حساب دماء الجرحى وأرواح الناس الذين يموتون في دول مختلفة من العالم بالسلاح الإسرائيلي».

وأضافت موضحة أن «تقرير منظمة (HIS jane›s) يشير إلى أن إسرائيل كانت وفقا لإحصائيات 2012 سادس مصدر للأسلحة في العالم. وهناك من يفرح لهذه الحقيقة. لكننا نشعر بالإحباط منها، ويحق لنا أن نسأل نحن وأولئك الذين يذوقون آثار هذه الأسلحة المأساوية في العالم، لماذا وكيف وصلنا إلى هذه المكانة غير المحترمة، التي تعجز عن الوصول إليها دول غنية أكثر منا، وفيها جيوش أكبر من جيشنا، مثل الصين وإيطاليا وأستراليا وغيرها؟».

وعرضت باسكين جوهر القضية بقولها: «منذ قيام الدولة الإسرائيلية ونحن نجد أنفسنا في حروب متقاربة الأوقات؛ ففي السنوات الـ10 الأخيرة توجد عملية حربية بمبادرة إسرائيل بمعدل مرة في السنة، وهذه العمليات تعد بمثابة فرص ربح للصناعات العسكرية، التي تدخل إلى السوق أنواعا جديدة من الأسلحة لكي تسوقها في العالم. وفي هذه العمليات تجري تجربة هذه الأسلحة. ومن هنا فإن التوصل إلى سلام وهدوء ليس في مصلحة هذه الصناعات، وأي طرف آخر مستفيد منها. وهؤلاء المستفيدون هم قلة من أصحاب الرساميل المرتبطين بالسلطة ورموزها. وهذا الأمر لا نقوله نحن وحدنا، بل حتى المدير العام لإحدى شركات الأسلحة الذي اعترف بذلك في حديث نشرته الصحيفة الاقتصادية (دي ماركر)، إذ أوضح أنه في كل حرب تتابع شركته أداء أسلحتها في المعارك، وتقوم في الوقت نفسه بحملة تسويق خاصة في الخارج. وفي كل حرب يزداد عدد الزبائن بشكل كبير».

وفي تقرير مساند لهذه الحملة يقول المبادرون إنه منذ سنة 2006 جرت زيادة الصادرات العسكرية الإسرائيلية بشكل مستمر من 3.4 مليار دولار إلى 7.65 مليار في سنة 2013. ويشيرون إلى أن الحرب الأخيرة على غزة أدت إلى تعزيز مكانة منظومة «القبة الحديدية»، وهي منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ. وقد جرى استغلال الحرب لطرح أسهم جديدة في البورصة لشركة «رفائيل» التي تنتجها، وجرى تجنيد 150 مليون دولار خلال الحرب. وهناك أنواع أخرى من الأسلحة المتطورة التي جرى تسويقها خلال الحرب، مثل الطائرة من دون طيار من طراز «هيرمز 900».. هذا فضلا عن أسلحة أخرى يجري تسويقها بعد تجربتها على الفلسطينيين، مثل وسائل تفريق المظاهرات ووسائل التجسس وجمع المعلومات.

ولفتت باسكين النظر إلى حقيقة أن الصناعات الحربية تدار حاليا بواسطة عدد كبير من الجنرالات وكبار الضباط في الجيش الإسرائيلي سابقا، وأن كل ضابط يعرف وهو يؤدي الخدمة أن هناك من سيستوعبه في الحياة الاقتصادية ما بعد الجيش. وهذا الأمر يفتح الباب أمام نوع خفي ومذهل من الفساد، الذي ينطوي على أخطار أمنية كبيرة.

واختتمت باسكين حديثها قائلة: «إن ما يجري هنا هو تجارة حروب بكل معنى الكلمة، يجني أرباحها ليس فقط السياسيون بل أيضا رجال الأعمال».

وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تبيع الأسلحة والذخائر وأدوات المراقبة والتجسس والخدمات الأمنية لنحو 70 دولة في العالم.