أباطرة الأسهم الخاصة يفتحون عالمهم المغلق أمام المستثمرين الصغار

استجابة لتحول واسع في كيفية ادخار الأميركيين من أجل التقاعد

جانب من بورصة نيويورك («الشرق الأوسط»)
TT

على مدار عقود، استطاع ديفيد روبنشتاين إقناع مؤسسات مثل صناديق المعاشات والمنح الجامعية باستثمار مليارات الدولارات في شركته للأسهم الخاصة (كارليل غروب)، واعدا إياهم بتقديم عائدات أفضل من السوق العامة. ولكن في الشهور الأخيرة، أخذ يقطع البلاد ذهابا وإيابا في حملة لجذب نوع جديد من المستثمرين الذين لديهم خبرة قليلة نسبيا في مجاله: الأفراد.

تتقدم شركة كارليل العملاقة في واشنطن التي شارك روبنشتاين في تأسيسها في عام 1987، محاولة لفتح عالم الأسهم الخاصة المغلق المحفوف بالمخاطر أمام الأطباء والمحامين ورجال الأعمال الأثرياء وآخرين بحساب في شركة سمسرة أو خطة تقاعد 401 (k) ضخمة. تقترب الشركة من إقامة طريق جديد لمنح المستثمرين الأفراد فرصة للوصول المباشر إلى مجموعة منتقاة من صناديق الأسهم الخاصة في «كارليل»، وذلك وفقا لما صرح به أشخاص مُطّلعون على الأمر ولكن غير مخول لهم الحديث علانية عن حملة جمع الأموال الخاصة التي تجري حاليا.

لا يستطيع أي شخص أن يشارك في هذه الحملة، بل يشترط على المستثمرين - الذين يجب أن يكونوا ما يسمى مشترين مؤهلين، أو من يملكون على الأقل 5 ملايين دولار في أصول قابلة للاستثمار - أن يلتزموا بحد أدنى يبلغ 250 ألف دولار، يجري تقسيمه بالتساوي على 4 صناديق جارية في «كارليل». ولكن يضع الهيكل حدا أقصى منخفضا لكل صندوق من أجل الاستثمار المباشر لدى كارليل.

يميل ترتيب صناديق الأسهم الخاصة إلى تقييد إمكانية الوصول إليها. وتجمع شركات الأسهم الخاصة في وول ستريت مبالغ ضخمة من رأس المال لشراء شركات كاملة. وأحيانا ما تتحمل تلك الشركات الديون في إطار هذه العملية، وهو تكتيك يضيف إلى المخاطر ويثير انتقادات. وعادة ما تحتفظ المؤسسات بالشركات لمدة تتراوح ما بين 3 إلى 5 أعوام، سعيا إلى تنشيط تمويلها، قبل أن تحاول بيعها مع تحقيق ربح. يجب أن يضع المستثمرون في هذه الصفقات رؤوس أموالهم لفترة تستمر لـ10 أعوام، وهي سمة تمنع مشاركة الجميع ممن ليسوا من أغنى الأفراد.

يعد برنامج كارليل الجديد، الذي يحمل اسم «الوصول إلى الأسهم الخاصة في كارليل لعام 2014»، والذي لم يجر الكشف عن وجوده من قبل، واحدا من بين عدة محاولات تجري في الصناعة من أجل جذب شيكات بعشرات الآلاف من الدولارات بدلا من مئات الملايين. بالإضافة إلى التكاليف السنوية التي يجري تسديدها إلى مديري الصناديق، يسدد المستثمرون إلى كارليل من 1 إلى 2 في المائة من رؤوس أموالهم بالإضافة إلى 20 في المائة من أي أرباح، بما يتماشى مع معايير القطاع.

يسمح جمع مزيد من رؤوس الأموال لشركات الأسهم الخاصة العملاقة بالفعل بجمع المزيد من الأتعاب الإدارية، وهو تيار متدفق من الإيرادات التي يكسبها محللو وول ستريت بسبب قدرتهم على التوقع. وترى «كارليل» - بالإضافة إلى المؤسسات المنافسة لها مثل «كولبرغ كرافيس روبرتس» و«بلاكستون غروب» - في الأفراد مصدرا لرؤوس الأموال التي لم يتعاملوا معها من قبل، وإن كان يمثل مجموعة من العقبات القانونية.

صرح ديفيد فان، الرئيس التنفيذي لشركة «توري كوف كابيتال بارتنزرز» في سان دييغو التي تقدم استشارات للمؤسسات التي تستثمر في الأسهم الخاصة: «يجري الجميع وراء المال. وصناديق المعاشات الأخيرة الباقية من نوعها. والقطاع الذي لم يجر التطرق له من قبل هو الأفراد الأثرياء وصناديق المعاشات».

تستجيب شركات الأسهم الخاصة لتحول واسع في كيفية ادخار الأميركيين من أجل التقاعد. أصبحت صناديق المعاشات الحكومية - المصدر الرئيس لرؤوس أموال الأسهم الخاصة - تنمو ببطء أكبر من خطط 401 (k)، وحسابات التقاعد الأخرى الموجهة ذاتيا. تبدو هذه الخطط محددة الإسهامات التي تقدر قيمتها بـ6.6 تريليون دولار أمام شركات الأسهم الخاصة العملاقة وكأنها مصدر مغر للمال، ولكن عادة ما يشترط القانون أن تستثمر هذه الخطط للتقاعد في أصول سائلة يمكن استعادتها سريعا في صورة نقدية. وفي الوقت الحالي، تحاول الشركات الكبرى تركيز جهودها على حسابات المستثمرين في شركات سمسرة. ولكن في حين تحاول الشركات تجربة استراتيجيات جديدة لجمع الأموال، تنتشر المخاوف بين بعض الخبراء الماليين الذين يقولون إن المستثمرين الصغار ربما لن يستطيعوا استيعاب المخاطر الأساسية.

قال جوش لرنر، أستاذ الخدمات المصرفية الاستثمارية وريادة الأعمال في كلية الأعمال في هارفارد: «السؤال المطروح هو: هل هذه لعبة للهواة؟ لا يقدم السجل التاريخي لهذه الصناعة ما يوحي بحقيقة ذلك».

تستطيع شركات الأسهم الخاصة الكبرى الحصول على أموال من أصحاب الملايين الذين يملكون حسابات في شركات السمسرة في وول ستريت مثل «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي». وفي الأشهر الـ12 التي انتهت في آخر سبتمبر (أيلول)، جمعت شركة بلاكستون 10 مليارات دولار عبر «صناديق مغذية» يديرها سماسرة وعبر عروض بيع أخرى بالتجزئة، من إجمالي 54.8 مليار دولار. وذلك في ارتفاع حاد عن عام 2011 عندما جمعت بلاكستون 2.7 مليار دولار عبر الطرق ذاتها من إجمالي 49.5 مليار دولار.

على سبيل المثال، كان مورغان ستانلي يجمع الأموال في الفترة الأخيرة من عملاء أثرياء من أجل صندوق طاقة بلاكستون الجديد الذي من المتوقع أن يتجاوز هدفه الذي يبلغ 4 مليارات دولار عند انتهاء جمع الأموال في العام الحالي. وصرح أشخاص مطلعون بأن البنك استطاع في يوم واحد جمع 500 مليون دولار في الصندوق المغذي، في عملية اكتتاب تجاوزت المتوقع بـ4 أضعاف. تملك أكبر الشركات البنية التحتية وفريق العمل الذي يسمح لها بجمع الكثير من المبالغ الصغيرة مما يجعلها أفضل تجهيزا من الشركات الأصغر لقيادة هذه السوق. وعلى مستوى الصناعة ككل، قدم الأفراد 11 في المائة من الأموال التي جرى جمعها من عام 2011 إلى 2013، مقارنة بـ8 في المائة من 2007 إلى 2009، وفقا لبيانات أصدرتها شركة بريكين للأبحاث.

يزداد الطلب على الاستعانة بمستشاري الخدمات الاستثمارية ذوي الخبرة في التعامل مع المستثمرين الصغار في صناديق الأسهم الخاصة الكبرى. على سبيل المثال، استعان بلاكستون بديان مورغان من ميريل لينش في العام الماضي لتطوير منتجات إدارة الثروة. بينما استعان كولبرغ كرافيس روبرتس أخيرا ببليك شورتهاوس، لجمع الأموال من العائلات الثرية في أوروبا. وفي مارس (آذار)، عينت «كارليل» جيفري هولاند، المدير التنفيذي في شركة للاستثمار العقاري، ليكون رئيس مجموعة العملاء الخاصة وهو منصب مستحدث.

ومن أجل البدء في برنامج الوصول إلى الأسهم الخاصة، تحدث روبنشتاين من «كارليل» إلى عملاء لدى مستشارين استثماريين مسجلين في اجتماع أقيم في لوس أنجليس وفي مكاتب كارليل في واشنطن، وغيرها من الاجتماعات. تهدف مؤسسة كارليل، التي تجتمع مع مستشاري ثروات مستقلين من بينهم جويل إزاكسون ومشاركوه، إلى جمع 200 مليون دولار من خلال البرنامج، وأيضا إلى تقديم برنامج مشابه في العام المقبل.

* خدمة «نيويورك تايمز»