المشهد: متى يكون الفيلم فلسطينيا ومتى يكون إسرائيليا؟

TT

: * عندما قامت المخرجة الفلسطينية سهى عرّاف بالإصرار على تقديم فيلمها الروائي الأول «فيلا توما» باسم فلسطين وليس باسم إسرائيل، أثارت لغطا كبيرا بين مؤيد ومناهض.

* من ناحية، وجد كثير من النقاد والمثقفين، وعلى نحو مفهوم، أنفسهم مع المخرجة على أساس أنها فلسطينية، ولو كانت تعيش تحت حكم الداخل الإسرائيلي، وهي صاحبة العمل ولها الحق في تقديمه باسم هويّـتها الوطنية.

* من ناحية أخرى، قام آخرون، ومعظمهم من الإسرائيليين ومن غير المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، بنقد ما أقدمت عليه، على أساس أنها استحوذت على تمويل من صندوق الدعم الإسرائيلي مما يجعل الفيلم، بالضرورة، إسرائيليا.

* فيلم سهى عرّاف الدرامي والجيد جرى تقديمه أيضا في مهرجان تورونتو، لكن المهرجان في «كتالوغه» يتحاشى وجع الرأس، ولم يأت على ذكر اسم الدولة، فلا الفيلم فلسطيني ولا هو إسرائيلي. ومع أن ذلك نوع من إصلاح الخطأ بالخطأ (أيما كان الخطأ الأول)، فإن هذا ما ساعد الفيلم على المرور بأقل حدة ممكنة.

* مسألة هوية الفيلم ما زالت عالقة رغم تكرار الحديث فيها طويلا. البعض يرى أن المخرج هو من يمنح الفيلم هويّـته. البعض الآخر يعد الدولة المموِّلة هي التي على الفيلم اتباع هويّتها. الصحيح هو أن هوية المخرج لا علاقة لها بهوية الإنتاج، وإلا لكان من الصحيح اعتبار أفلام المخرج اللبناني الراحل مارون بغدادي التي حققها من تمويل فرنسي أعمالا لبنانية نسبة إلى بطاقة مولده. وفي حالة «فيلا توما»، لا يمكن الاستثناء. فالفيلم، وبعيدا عن العواطف والتسييس، إسرائيلي.

* للأسف، هذا يعني أن لا تشهد المخرجة الجديرة بالتقدير عروضا في مهرجانات عربية. تستطيع أن تعلن أنه فيلم فلسطيني، لكن الأمر ليس ما ترغب فيه أو يرغب فيه أي منا، بل ما هو مثبت من حقائق. على ذلك، يتناهى السؤال هنا حول لماذا كان من الممكن لمهرجانات عربية استقبال وعرض أفلام إيليا سليمان، الممولة جزئيا على الأقل، من صندوق الدعم إياه، وليس بإمكانها استقبال وعرض فيلم سهى عراف؟

يقولون بالإنجليزية It doesn›t make sense، وهو فعلا كذلك. ففي هذا النطاق وحده يمكن الاستثناء، على اعتبار أن المخرج الفلسطيني غير مسؤول عن وضعه، بل هو تحت احتلال دائم، أو تطبيق القاعدة على الجميع من دون استثناءات.

* هناك أفلام فلسطينية حقيقية، يتم تمويلها من خلال مجهودات فردية محلية أو مهاجرة، وبالاشتراك مع صناديق دعم عربية، وهذه ليست موضع التباس. لكن بصرف النظر عمن يدفع الفاتورة فإن ما يشتريه بها هو ملكه أولا.