الجيش الليبي يقترب من السيطرة على بنغازي.. وأنباء عن تعيين «أرحومة» وزيرا للدفاع

اعتداء على مقر السفارة المصرية في طرابلس

الدخان يتصاعد أول من أمس من أبنية غارت عليها طائرات ليبية تابعة للجنرال خليفة حفتر وكانت تستخدم كمخازن ذخيرة من قبل جماعة «أنصار الشريعة» الإسلامية في بنغازي (أ.ف.ب)
TT

اقتربت قوات الجيش الوطني الليبي من إحكام سيطرتها بشكل كامل على مدينة بنغازي في شرق ليبيا بعدما دخلت أمس إلى مناطق جديدة محررة من قبضة الجماعات الإرهابية والمتطرفة في المدينة، بينما لا يزال الغموض يلف العاصمة طرابلس رغم دعوات الحكومة للسكان بإعلان العصيان المدني ضد الميلشيات المسلحة التي تحكم قبضتها على العاصمة منذ الشهر الماضي.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية، قد عين أمس العميد مسعود أرحومة من مدينة الرجبان في جبل نفوسة (جنوب شرقي طرابلس) في منصب وزير الدفاع الليبي الجديد. لكن لم يصدر أي قرار رسمي بتعيين أرحومة الذي سبق له أن تنافس على رئاسة أركان الجيش الليبي، قبل أن يتولاها اللواء عبد الرزاق الناظوري.

وشغل أرحومة منصب آمر لمعسكر الزاوية، علما بأنه شغل منصب المدعي العام العسكري السابق الذي أقاله وزير الدفاع الأسبق محمد البرغوثى منه على خلفية شكاوى قدمها مواطنون من مدينة الزاوية ضده.

وكان الثني قد احتفظ لنفسه بمنصب وزير الدفاع منذ توليه منصب رئاسة الحكومة في شهر مارس (آذار) الماضي، لكن مجلس النواب طالبه بتعيين وزير جديد للدفاع في حكومة الأزمة المصغرة التي شكلها مؤخرا.

إلى ذلك، قال العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم أركان الجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش تحقق الأهداف الموضوعة لها ضمن خطة تحرير مدينة بنغازي من هيمنة الجماعات المتطرفة خاصة تنظيم أنصار الشريعة ومجلس شورى ثوار بنغازي، مشيرا إلى أن قوات الجيش نجحت في دحر المتطرفين في عدة مناطق بالمدينة.

وانتشرت قوات الجيش في حي السلام وجامعة بنغازي بالإضافة إلى مناطق الكويفية وسيدي خليفة وأرض زواوة، وبدأت في تمشيطها بمساعدة السكان المحليين الذين بدأوا حملات إزالة مخلفات المعارك الدامية التي شهدتها هذه المناطق على مدى الشهور القليلة الماضية.

وقال شهود عيان، إن آليات عسكرية ودبابات تابعة للجيش شوهدت على أسوار سجن الكويفية لتأمينه من الخارج تحسبا لأي محاولة للهرب من داخله واستغلال الوضع الراهن.

وتعتبر الكويفية ضاحية استراتيجية مهمة وليست جزءا فقط من بنغازي المدينة التي باتت تحت سيطرة أهلها باستثناء بعض الأحياء، وفقا لما أبلغه محلل عسكري من بنغازي لـ«الشرق الأوسط».

وأضاف: «في السابق انقسمت ضواحي بنغازي إلى الضاحية الشرقية للجيش والضاحية الغربية لأنصار الشريعة، لكن غالبية سكان بنغازي، بل معظمهم، مؤيدون للجيش الذي أحاط بشكل كامل ببنغازي بدائرة محكمة من قبل القوات العسكرية، باختصار عسكريا يمكن القول إن اللعبة انتهت (Game is over)».

وتابع المصدر الذي طلب حجب هويته: «عندما تقطع عن أي قوة خطوط الإمداد من الداخل والخارج يعني ذلك أنه هزم ببساطة، إنها تقريبا نهاية معركة ستالينغراد وخطة الجنرال جوكوف، لا بد أن اللواء خليفة حفتر قائد عملية الكرامة، درسها وأعاد تطبيقها هنا في بنغازي».

وما زالت عدة مناطق في بنغازي خارج سيطرة الجيش خاصة ميناء بنغازي البحري الذي لطالما استخدمه المتطرفون في تهريب الأسلحة والعتاد إلى داخل المدينة، فيما بات هؤلاء يتخذون مواقعهم بالجهة الغربية من المدينة لكنهم محاصرون من كل الجهات.

وقال ناشط إعلامي في المدينة لـ«الشرق الأوسط»: «الآن كل المتطرفين محاصرون من الداخل ومقيدو التحركات، خطوط الدعم من خارج المدينة قطعت وقنوات الدعم داخلها قيدت ولم يبقَ إلا الاستنزاف المعنوي والمادي فقط، لا ذخيرة ولا تموين ولا مواقع آمنة».

وفى العاصمة طرابلس كان المشهد مغايرا تماما، حيث وصف مسؤول أمني رفيع المستوى الوضع بأنه عادي، مضيفا: «طرابلس يلفها الوجوم والبرد والريح وتخلو من المارة».

ونفى المسؤول الذي طلب عدم تعريفه وجود أي تحركات عسكرية أو أمنية مريبة، لافتا إلى أن قوات ما يسمى عمليتي «فجر ليبيا» و«قسورة» التي تضم مقاتلين من مصراتة وحلفائها من الجماعات المتشددة وضعت نفسها في حالة تأهب تحسبا لأي طارئ.

إلى ذلك، أبلغ شهود عيان في العاصمة طرابلس «الشرق الأوسط» أنهم شاهدوا لافتة ورقية وضعت حديثا على مقر السفارة المصرية في طريق الشط تحمل عبارة «مقر المتضررين بحرب التحرير من الثوار».

وقال الشهود، إن الورقة التي تبلغ مساحتها نحو نصف متر تقريبا، وضعت على الباب الأمامي للسفارة بعد ساعات من تعرضها لحادث اعتداء شنه مسلحون يعتقد أنهم تابعون لما يسمى غرفة عمليات ثوار ليبيا مساء أول من أمس.

وطبقا لما روته مصادر أمنية وشهود عيان فإن مسلحين اقتحموا مقر السفارة الخالي تماما من العاملين فيه وأطلقوا النار لبضعة دقائق قبل أن ينسحبوا مجددا.

وفي تطور لافت أعادت السلطات المهيمنة على طرابلس طلاء السور الخارجي لمقر السفارة المصرية وأزالت عنه العبارات المسيئة لمصر ولرئيسها عبد الفتاح السيسي.

وبدا أن هذه التطورات على صلة بوصول وفد دبلوماسي مصري إلى مقر مجلس النواب الليبي في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي لاختيار الموقع الذي ستعمل منه قنصلية مصرية جديدة سيتم الإعلان عنها خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقال مصدر في مجلس النواب، إن القنصل المصري هاني بسيوني ومعانيه بدأوا بالفعل في تجهيز القنصلية التي تم اختيار مقرها على الشارع الرئيسي في طبرق.

وأجل وزير الخارجية المصري سامح شكري زيارة كانت مقررة أمس إلى طبرق لأسباب لوجيستية، حسبما أعلن ناطق باسم الخارجية المصرية، في حين توجه شكري إلى الجزائر لعقد محادثات تتعلق أيضا بالوضع الراهن في ليبيا.

من جهته، اعتبر مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي التونسي، أن التدخل الأجنبي في ليبيا سيعمق الأزمة، ودعا الأطراف المتنازعة لوقف الاقتتال وبدء حوار يقود للاستقرار السياسي.