تقدم كتلة الرئيس الأوكراني عشية الانتخابات.. وخصومه يلوحون بـ«ثورة ثالثة»

موسكو تريد تطبيق اتفاق السلام بين كييف والانفصاليين.. ولا يهمها رأي الغرب في ضم القرم

بوروشينكو يجلس إلى جانب أطفال خلال زيارته مدينة أوديسا على البحر الأسود أمس. وكتب على اللافتة المرفوعة «أوكرانيا، سلم، أوديسا» (رويترز)
TT

في حين تستعد أوكرانيا لتنظيم انتخابات تشريعية الأحد المقبل، أظهرت استطلاعات للرأي تقدم لائحة كتلة الرئيس بيترو بوروشينكو الموالي للغرب. وذكر معهدان شهيران بالعاصمة كييف أمس، أن من المتوقع أن تحصد كتلة الرئيس بوروشينكو ما بين 28 و30 في المائة من الأصوات، يليها الحزب الراديكالي الأوكراني بقيادة أوليغ لياتشكو بنسبة 12 في المائة، ثم حزب الجبهة الشعبية حديثة التأسيس بزعامة رئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك بنسبة 10 في المائة تقريبا. ويذكر أن بوروشينكو الذي تولى الرئاسة منذ يونيو (حزيران) الماضي، يريد من إجراء هذه الانتخابات المبكرة الحصول على تفويض قوي للبدء في الإصلاحات التي تم الإعلان عنها.

وتتواصل الاستعدادات للانتخابات في إطار تمحور شعارات الناخبين حول الدعاية لتعزيز علاقات أوكرانيا بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والعمل من أجل استعادة شبه جزيرة القرم، إلى جانب ما تطرحه التكتلات الانتخابية المختلفة من شعارات لحل المشكلات الداخلية في البلاد. وفي هذا الإطار أعلنت يوليا تيموشينكو زعيمة حزب «باتكيفشينا» (الوطن) أنها جمعت القدر اللازم من توقيعات المواطنين اللازمة لدفع الرئيس بوروشينكو إلى الإعلان عن إجراء الاستفتاء «حول انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو» في توقيت مواكب للانتخابات المبكرة المقررة الأحد. وقالت تيموشينكو، إن الانضمام إلى الناتو سيضع حدا للنزاع العسكري الحالي في جنوب شرقي أوكرانيا. وأضافت أن الرئيس الأوكراني يستطيع ذلك رغم ضيق الوقت في حال توفر الإرادة السياسية، مشيرة إلى أن تفويت مثل هذه الفرصة سيكون «خطأ استراتيجيا» آخر، يمكن أن يسفر عن مخاطر جديدة تتهدد الأمن القومي لأوكرانيا وسيادتها وحدودها الوطنية. وكانت تيموشينكو وأنصارها توجهوا إلى مقر إدارة الرئيس لتقديم ما جمعوه من توقيعات تحت شعار «الناتو هو السلام».

بدوره، أعلن رئيس الوزراء ياتسينيوك ورفيق مسيرة تيموشينكو في حزب «باتكيفشينا»، عن نفس التوجه، مؤكدا ضرورة الانضمام إلى حلف الناتو كسبيل لمواجهة ما وصفها بأطماع روسيا في أوكرانيا. وكان ياتسينيوك قال في خطاب له في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد تدمير أوكرانيا وإعادة بناء الاتحاد السوفياتي السابق. وتابع حينها أن الحل الوحيد للخروج من المأزق الراهن يتلخص في ضرورة الانضمام إلى الناتو، وإن أعرب صراحة عن شكوكه تجاه إمكانية ذلك في المستقبل المنظور.

وتتسم الأوضاع الراهنة في أوكرانيا بتوتر كبير يزيد من حدته تصارع القوى السياسية واختلافها حول سبل الخروج من الأزمة الأوكرانية، وهو ما أكدته نتائج استطلاعات الرأي حول هذه القضية. وأشارت لودميلا تشيتفيرتوخينا خبيرة معهد غورشينيتسا إلى أن نتائج استطلاع للرأي أجراه المعهد في الفترة من 12 إلى 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في كل الأقاليم، عدا لوغانسك ودونيتسك، أكدت أن نسبة 38.1 في المائة يرون ضرورة الخروج إلى الميدان في «ثورة ثالثة»، في حال عجز السلطة عن القيام بواجبها وتنفيذ تعهداتها. وكانت يوليا تيموشينكو «أميرة الثورة البرتقالية» الأولى في عام 2004 أعلنت في أعقاب الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأوكرانية التي خسرتها أمام الرئيس الحالي بوروشينكو في مايو (أيار) الماضي، أنها ستخرج لتزعم «الثورة الثالثة» ضد السلطات الأوكرانية، في حال انفجار الأزمة الاقتصادية والمساس بحقوق ومصالح الفئات العريضة من أبناء الشعب الأوكراني.

وبينما تتابع أجهزة الإعلام الروسية استعدادات القوى السياسية في أوكرانيا لانتخابات الأحد، بكثير من الاهتمام، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن محاولات التنبؤ بما يمكن أن تسفر عنه تطورات الأزمة الأوكرانية «عمل عبثي لا طائل من ورائه». وقال لافروف في حديثه أمس مع المشاركين في دورة منتدى فالداي التي تجرى هذا العام في منتجع سوتشي إنه «ليس هناك ما يستوجب التفكير في مستقبل الأزمة الأوكرانية، بقدر ما يرى ضرورة الاستمرار في تنفيذ اتفاقيات مينسك حول وقف إطلاق النار في جنوب شرقي أوكرانيا». وأكد أن السلطات الرسمية في كييف كانت مدعوة إلى بدء مثل هذا الحوار منذ أبريل (نيسان) الماضي، أي منذ التوصل إلى الاتفاق الرباعي بين روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ومضى لافروف ليقول: «إن رأي الغرب بشأن شبه جزيرة القرم أو غيرها من مسائل روسيا الداخلية لا يهمه». وحول علاقات بلاده بأطراف المجتمع الدولي قال لافروف، إن موسكو تسعى إلى إقامة علاقات إيجابية مع أوروبا، لكنها ستقوم بالتوازي بتطوير علاقاتها مع دول آسيا والمحيط الهادي، في إشارة إلى توطيد علاقات روسيا مع الصين والهند وبلدان مجموعة «شنغهاي» وآسيا الوسطى.