مقتل 13 مدنيا في معارك رداع.. والسكان يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة

قبائل إب توقف تمدد الحوثيين نحو الجنوب

عنصر من جماعة الحوثي يعمل على تنظيم سير مظاهرة معارضة بالدراجات النارية ضد قرار لحظرها أمس في صنعاء (إ.ب.)
TT

تواصلت أعمال العنف في مدن وسط اليمن، حيث شهدت مدينة رداع ومحيطها أمس معارك ضارية بالأسلحة الثقيلة بين مسلحي تنظيم القاعدة، المتحالفين مع مسلحي القبائل في مواجهة ميليشيات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، فيما تمكن مسلحو القبائل في محافظة إب، من إيقاف تمدد الحوثيين الذين يحاولون منذ أسبوع إرسال تعزيزات إلى مقاتليهم داخل المدينة لكنهم فشلوا بسبب وقوف القبائل ضدهم رغم وساطات من قيادات عسكرية وقبلية موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح لهذه القبائل بالسماح للحوثيين بالمرور بحسب مصادر محلية بالمنطقة.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة البيضاء وسط البلاد أن اشتباكات عنيفة دارت مساء الخميس، في 4 بلدات هي (العرش ومدينة رداع ومديريتا قيفة وهما القريشية وولد ربيع)، حيث استهدف الحوثيون بالمدافع الثقيلة مواقع تسيطر عليها القبائل في وادي تاه، ودار النجد، بعد أن فشلوا في السيطرة على جبل اسبيل، وجبل شبر الذي يشرف على وادي تاه. وأكدت المصادر أن حرب شوارع شهدتها مدينة رداع التي تعتبر ثاني أكبر مدينة بالمحافظة، واستخدم فيها الرشاشات الثقيلة وسمع دوي انفجارات كبيرة من منطقة قلعة رداع التاريخية التي يتمركز فيها الحوثيون، وأوضحت المصادر أن الحوثيين قتلوا شخصا وجرحوا آخر من أتباع شيخ قبلي متحالف معهم يدعى الشيخ علي الطيري، في هجوم لمسلحيهم على اجتماع قبلي دعا إلى خروج المسلحين من منطقتهم، وهو ما تسبب في انقسام وتوتر في علاقة الحوثيين بهذه القبائل التي تشرف على المدخل الرئيس الذي يربط محافظة ذمار مع رداع، وكانت هذه القبائل وقعت اتفاقا قبليا مع الحوثيين يسمى «الخط الأسود»، وهو عرف قبلي يسمح بفتح الطرق التي تشرف عليها القبائل أمام مسلحي الحوثيين دون أي اعتراض.

ويعيش أبناء مدينة رداع أوضاعا إنسانية صعبة، بسبب المعارك التي لم تتوقف منذ بدأت قبل من 10 أيام، وسقط فيها من المدنيين أكثر من 13 شخصا، ويقول عمار التام وهو من سكان المدينة لـ«الشرق الأوسط»: «هناك صعوبة في حصر أعداد الجرحى الذين يقدرون بالعشرات، وبينهم أطفال ونساء ولاجئون أفارقة»، وأوضح التام وهو طبيب وإعلامي يعمل بالمستشفى الوحيد بالمدينة: «نعيش بين نارين، فجميع المدنيين تحت رحمة القذائف والرصاص من جميع الأطراف، مع توسع مناطق المعارك إلى أكثر من منطقة وهو ما وضع السكان في حصار إجباري»، ويضيف التام «بدأ الصراع بين الحوثيين والقاعدة، لكن قبائل المنطقة أعلنت رفضها لوجود أي جماعات مسلحة في مناطقهم، ودخلت في مواجهة مع الحوثيين الذين يخططون لإسقاط المحافظة بأيديهم»، ولفت إلى أن «السكان يفتقدون للخدمات العامة، مثل الكهرباء والمياه، والصحة، إضافة إلى توقفت معظم المدارس». وأكد أن الجماعات المسلحة تحتمي بالتجمعات السكانية ما جعل المدنيين دروعا بشرية، وشكل خطرا عليهم وعلى أسرهم، وانتقد التام غياب المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة أو المنظمات المحلية في هذه الظروف التي يعيشها أبناء المدينة، ويقول «لا يوجد أي مساعدات إغاثية من أي منظمة دولية أو محلية، لإنقاذ المدنيين من هذه المعارك».

وتقع محافظة البيضاء جنوب شرقي من العاصمة صنعاء، عاصمتها مدينة البيضاء التي تبعد عن صنعاء مسافة 268 كلم، وتبلغ مساحتها 21489 كلم، وعدد مديرياتها 20. يقطنها أكثر من نصف مليون نسمة، وتشترك في حدودها مع 8 محافظات، 4 محافظات شمالية و4 محافظات جنوبية، وتشكل المرتفعات الجبلية فيها نحو 70 في المائة من مساحتها، وفيها 6 مشاف ومراكز صحية منها مستشفيان مركزيان فقط يفتقدان للإمكانات والتجهيزات الصحية.

وفي سياق آخر تمكن مسلحو القبائل في محافظة إب، من إيقاف تمدد الحوثيين الذين يحاولون منذ أسبوع إرسال تعزيزات إلى مقاتليهم داخل المدينة لكنهم فشلوا بسبب منع القبائل لهم، رغم وساطات من قيادات عسكرية وقبلية موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح لقبائل مديرية الرضمة بالسماح للحوثيين بالمرور بحسب مصادر محلية بالمنطقة.

وأكدت المصادر أن قيادات عسكرية وقبلية بمنطقة يريم التي يسيطر عليها الحوثيون، فشلوا في إقناع الشيخ عبد الواحد هزام الشلالي الدعام بالسماح لمسلحي الحوثي بالمرور من منطقتهم إلى مدن بجنوب البلاد للسيطرة عليها، وقالت المصادر إن الدعام وهو من أكبر مشايخ المنطقة وقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، تعهد بعدم السماح لأي مسلحين من جماعة الحوثي أو «القاعدة» بالوجود في المديرية التي شهدت منذ أشهر معارك بين القبائل والحوثيين، وعقد الدعام قبل أيام اجتماعا لقبائل المنطقة أكدوا فيه رفضهم لمرور مسلحي الحوثي إلى محافظة الضالع الجنوبية، وأعلنوا فيه تشكيل لجان قبلية للانتشار في الطرق الرئيسة بمديرية الرضمة.

إلى ذلك أقرت اللجنة الأمنية في محافظة تعز وسط البلاد، برئاسة حاكمها المحلي شوقي هائل إنهاء المظاهر المسلحة داخل المدينة، وناقشت اللجنة في اجتماعها أمس الخميس بحضور قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء الركن محمود الصبيحي، التدابير الاحترازية لتحقيق الأمن والسكينة العامة داخل المحافظة التي أعلنت رفضها لأي وجود لمسلحي الحوثي داخلها، وكانت المكونات السياسية بما فيهم ممثلون لجماعة «أنصار الله» الحوثيين، وقعوا اتفاقا قبل أسبوع ينص على رفض أي مظاهر مسلحة، خارج إطار الجيش والأمن داخل محافظتهم، وأن تقوم الأجهزة الأمنية بدورها في حفظ الأمن والاستقرار، وتشكل محافظة تعز إلى جانب محافظة إب إقليم الجند في الدولة الاتحادية، إذ تعتبران من أكثر المناطق اليمنية كثافة سكانية حيث يبلغ عدد سكانهما أكثر من 5 ملايين نسمة يعيش أغلبهم على الزراعة وعلى الوظيفة الحكومية.