هكذا يوظف المستوطنون أساليبهم الملتوية للاستيلاء على أملاك الفلسطينيين في القدس

تشمل صفقات مشبوهة وسماسرة فلسطينيين مأجورين أو شركات وهمية

TT

أصبح المستوطنون الإسرائيليون يلجأون إلى الاستيلاء على أملاك فلسطينية في القدس الشرقية المحتلة باستخدام سلسلة من الصفقات المشبوهة وسماسرة فلسطينيين مأجورين، أو شركات وهمية لتعزيز الاستيطان وتهويد المدينة المقدسة.

وبهذا الأسلوب تمكن مستوطنون إسرائيليون من الاستيلاء على 35 شقة سكنية في حي سلوان في القدس الشرقية في أقل من 3 أسابيع، بعد شرائها في صفقات لفها الغموض، وعندما يتمكنون من تحقيق هدفهم يعمدون إلى الانتقال إلى منازلهم الجديدة في جنح الليل لتجنب اندلاع مواجهات مع السكان.

وكانت عائلة الرجبي الفلسطينية تبحث عن مشتر لمبنى يتألف من 3 طوابق في الحي، مع قطعة أرض في الحي القريب من البلدة القديمة والمسجد الأقصى، ولكنها تراجعت خوفا من تسريبه لمستوطنين. وفي هذا الصدد قال زهير الرجبي لوكالة الصحافة الفرنسية إن رجلا فلسطينيا تقدم لشراء المنزل «بدعوى شرائه لأحد أقاربه المقيم في دبي»، موضحا أنه «من عائلة معروفة بوطنيتها وانتمائها للقضية الفلسطينية. وقد تم بيع المبنى بمبلغ 450 ألف دينار أردني (أكثر من 600 ألف دولار). لكن الناس يتهموننا بالمشاركة في بيع البيت».

وكانت عائلة الرجبي قد نشرت قبل أيام إعلانات في الصحف الفلسطينية، تظهر فيها وثيقة البيع مع اسم المشتري الفلسطيني، مؤكدة أنها لم تكن تعلم أنه سيتم تسريبه لمستوطنين. وقد أكد الرجبي ندم عائلته على بيع البيت، وقال بهذا الخصوص «لقد خدعنا.. كان يجب أن نكون حريصين أكثر من ذلك. لكن المشكلة الأكبر الآن هي أنه لم يعد بوسعنا فعل أي شيء. المستوطنون كالسرطان ينتشرون في الجسم حتى يقوموا بقتله».

ويشير خليل التفكجي، الخبير الفلسطيني المعروف في شؤون الخرائط والاستيطان، أن الجمعيات الاستيطانية المتطرفة «تستولي في العادة على أملاك الفلسطينيين في القدس الشرقية، إما عن طريق قانون أملاك الغائبين، أو عبر اللجوء إلى سماسرة».

وبموجب قانون أملاك الغائبين الذي أقرته إسرائيل عام 1950 صادرت الدولة العبرية أملاك الفلسطينيين والعرب الذين غابوا بتاريخ 1 سبتمبر (أيلول) 1948 عن الأراضي الواقعة تحت سيادة دولة إسرائيل.

وفيما يتعلق بالسماسرة الفلسطينيين، فهم يعتبرون واجهة للمنظمات الاستيطانية المتطرفة من أجل شراء المنازل بطريقة قانونية تماما.

ويؤكد المحامي أحمد الرويضي، مستشار الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس، أن «السماسرة قد زاد عددهم في القدس وداخل الخط الأخضر»، في إشارة إلى المناطق التي يعترف بها المجتمع الدولي كحدود لإسرائيل. لكنه أوضح أن «هناك ضغطا شعبيا حقيقيا لمقاطعة السماسرة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، وهناك توجه لمهاجمتهم بالأسماء والصور».

وردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، رفض المحامي آفي سيغال، الذي يمثل بعض المنظمات الاستيطانية، تحديد الوسائل التي يستخدمها زبائنه للاستيلاء على المنازل الفلسطينية. لكنه أكد أنه جرى «تنفيذ كل هذه العمليات بطريقة قانونية وشرعية».

ويؤكد التفكجي أنه عبر عمليات الاستيلاء على المنازل في سلوان، تريد إسرائيل حسم ملكية منطقة سلوان ديموغرافيا، وأوضح أنه «في أي مفاوضات سلام مع الفلسطينيين مستقبلا فإن إسرائيل تسعى لأن تكون الأملاك في منطقة يهودية، مع غالبية يهودية لأخذها من الجانب الفلسطيني دون أي مقابل».

ومع تزايد عمليات الشراء سيصبح عدد المستوطنين الإسرائيليين في حي سلوان 500 مستوطن، يقيمون وسط نحو 45 ألف فلسطيني في الحي الذي يشهد اشتباكات متكررة.

من جهتها، قللت حاغيت اوفران من منظمة «السلام الآن» المناهضة للاستيطان من نجاح هذه الحملات، مشيرة إلى أنه منذ نهاية الثمانينات نجحت الحركات الاستيطانية في نقل نحو 2500 مستوطن إسرائيلي إلى الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية، لكنها أكدت «أنها تجعل حياة الفلسطينيين صعبة للغاية، ولكنها فشلت في تهويدها».

إلا أنها حذرت من خطر أكبر من ذلك وهو قدوم سياحة كبيرة مؤيدة للاستيطان في القدس الشرقية، خاصة في منطقة مثل سلوان، موضحة أن «الزوار سيعتبرون سلوان وموقع مدينة داود الأثري موقعا يهوديا، ولن ينظروا إليه أبدا كمكان فلسطيني».