ضربات التحالف تقتل أكثر من 500 متطرف.. و«داعش» يغلق منافذ كوباني إلى الأراضي السورية

الأكراد يبدلون تكتيكهم العسكري ويعتمدون العمليات النوعية

أحد اللاجئين الأكراد أمام موقد الشاي في مخيم «روجوفا» للاجئين في سوروك الحدودية التركية أمس (أ.ف.ب)
TT

قتل 553 شخصا في سوريا غالبيتهم الساحقة من المسلحين المتطرفين غير السوريين في ضربات التحالف الدولي التي بدأت قبل شهر، وتشمل منذ مطلع الشهر الحالي مواقع في مدينة كوباني (عين العرب) الحدودية مع تركيا حيث أحرز المتطرفون أمس تقدما على المحور الغربي، كما قال مصدر كردي لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا أن المقاتلين الأكراد «بدلوا تكتيكاتهم القتالية منذ وصول المعارك إلى داخل المدينة حيث يخوضون حرب شوارع مع مقاتلي داعش».

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أمس، إن «553 شخصا هم 464 عنصرا من تنظيم داعش و57 عنصرا من تنظيم جبهة النصرة (الفرع السوري لتنظيم القاعدة) و32 مدنيا، قتلوا في الغارات التي يشنها التحالف الدولي ضد أهداف في سوريا منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي»، موضحا أن «الغالبية الساحقة من هؤلاء المسلحين الذين قتلوا في الغارات ليسوا سوريين».

وشنت الولايات المتحدة وحلفاؤها الشهر الماضي أولى غاراتها على مواقع المسلحين المتطرفين في سوريا، بعد نحو شهر ونصف على بدء ضربات التحالف الذي يضم دولا عربية ضد أهداف في العراق المجاور. واستهدفت الغارات التي تمثل التدخل الأجنبي الأول منذ اندلاع النزاع في سوريا منتصف مارس (آذار) 2011. بشكل خاص تنظيم داعش الجهادي المتطرف الذي يسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق المجاور.

وساعدت الغارات على إعاقة تقدم التنظيم في مدينة كوباني الواقعة شمال شرقي محافظة حلب منذ أن بدأت تستهدف تمركزات التنظيم مطلع الشهر الحالي.

وقالت القيادة المركزية الأميركية أمس، إن القوات الأميركية ركزت ضرباتها الجوية مجددا على منطقة قرب مدينة كوباني السورية، وإنها أصابت أيضا منشآت نفطية تسيطر عليها الجماعة المتشددة، مشيرة إلى أن طائراتها شنت 15 ضربة جوية على «داعش» في العراق وسوريا يومي الأربعاء والخميس. وأوضح البيان أن مقاتلة وقاذفة أميركيتين نفذتا 4 غارات قرب مدينة كوباني الحدودية ودمرتا مركز قيادة تابعا لـ«داعش» ومواقع قتالية في منطقة كانت مستهدفة كثيرا هذا الشهر فضلا عن غارتين على صهاريج نفط شرقي دير الزور.

وأحرز تنظيم داعش أمس، تقدما بعد اشتباكات طويلة بدأت مساء الأربعاء واستمرت حتى صباح الخميس، في شمال المدينة وفي وسطها وغربها، بحسب المرصد، وذلك للمرة الأولى منذ أيام. كما تمكن التنظيم من السيطرة على قرى في ريف المدينة الغربي كان فقد السيطرة عليها قبل أيام لصالح المقاتلين الأكراد، وفقا للمرصد أيضا. وجاء هذا التقدم في اليوم الـ38 للمعارك بين الطرفين في كوباني.

وقال المسؤول المحلي في كوباني مصطفى بالي لـ«الشرق الأوسط» إن «الاشتباكات تركزت في حي الصناعة شرق المدينة، وفي شارع 48 جنوب شرقي المدينة، وفي تل شعير غرب المدينة»، مؤكدا أن «داعش» استعاد السيطرة على تلة تل شعير التي تبعد مسافة 5 كيلومترات عن المدينة من جهة الغرب، بعد اشتباكات عنيفة مع وحدات حماية الشعب الكردي.

والتلة نفسها، سيطر عليها «داعش» قبل 20 يوما، لكن المقاتلين الأكراد استعادوا السيطرة عليها قبل 10 أيام. لكن الهجوم الذي شنه «داعش» مساء أول من أمس، أفقد المقاتلين الأكراد سيطرتهم على التل.

وبهذا التقدم، يكون «داعش» قد تمكن من السيطرة على الريف الغربي ومحاصرة مدينة كوباني من الجهات الـ3. الشرقية والغربية والجنوبية، بحسب المرصد السوري.

ويخوض عناصر التنظيم في موازاة ذلك اشتباكات مع مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الذين يدافعون عن المدينة التي تبلغ مساحتها بين 5 و6 كلم مربع من أجل التقدم من جهة الجنوب فيها. وبحسب المرصد، فقد قتل في معارك أمس في كوباني 7 من عناصر تنظيم «داعش» و3 مقاتلين أكراد. وأشار إلى أن المنطقة الواقعة شمال المربع الحكومي الأمني ومحيط ساحة الحرية، شهدت أمس اشتباكات عنيفة ومستمرة بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي والتنظيم المتشدد، حيث تمكن الأخير من التقدم في منطقتي ساحة الحرية وشمال المربع الحكومي الأمني، فيما شهدت الجبهة الجنوبية، محاولة للتقدم من قبل التنظيم، دارت على أثرها اشتباكات عنيفة بين مقاتلي وحدات الحماية و«داعش»، أسفرت عن وقوع خسائر بشرية في صفوف الطرفين.

وتركز الاستراتيجية العسكرية لـ«داعش» في الفترة الأخيرة على «الزخم البشري والكثافة العددية» بحسب ما قال بالي لـ«الشرق الأوسط»، فيما «بدلت وحدات الحماية التكتيك القتالي الذي كانت تتبعه قبل انتقال المعارك إلى داخل المدينة وتحولها إلى حرب شوارع». وأوضح أن معارك الكر والفرّ، «تغيرت الآن، حيث تعتمد الوحدات على تنفيذ العمليات النوعية واعتماد المجموعات الصغيرة في الحرب، بحيث تتبع استراتيجية إقلاق راحة (داعش) في أي مكان يسيطر عليه».

ويسيطر «داعش» اليوم على شارعين رئيسين في كوباني، فيما تشهد المناطق الأخرى اشتباكات مباشرة. وساهمت التعزيزات التي رمتها طائرة أميركية إلى مقاتلي «وحدات الحماية» مطلع الأسبوع، في تعزيز قدرتهم على المقاومة، لكنها لا تتضمن أسلحة «تمكن المقاتلين من شن هجوم مضاد على مواقع (داعش) واستعادة السيطرة على مواقعهم».

وقال بالي إن الأسلحة التي رميت بالمظلات «أغلبيتها ذخيرة وأسلحة نوعية خاصة بحرب الشوارع مثل القناصات، تفيد كثيرا في حرب الشوارع، لكنها لا تساعد على شن هجمات مضادة».

وبدأ مقاتلو تنظيم «داعش» المتطرف هجوما في اتجاه مدينة عين العرب في 16 سبتمبر الماضي، وتمكنوا في السادس من الشهر الحالي من دخول المدينة، وهم يسيطرون حاليا على أكثر من 50 في المائة منها، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.