كندا تشدد الأمن بعد مقتل جنديين في هجومين

تراخي الأمن تحت المجهر بعد هجوم البرلمان * اعتقال رجل على بعد بضعة أمتار من رئيس الوزراء الكندي

جنود كنديون قرب نصب الجندي المجهول في أوتاوا قبل زيارة رئيس الوزراء ستيفن هاربر وزوجته أمس (رويترز)
TT

أوقف رجل، صباح أمس، قرب نصب الجندي المجهول في أوتاوا، حيث قُتل جندي كندي، أول من أمس، أثناء زيارة رئيس الوزراء ستيفن هاربر وزوجته. وحاصر عناصر في الشرطة الرجل الذي دخل منطقة محظورة تماما منذ هجوم أول من أمس، وتمكنوا من اعتقاله. وذكرت وسائل الإعلام أن الرجل من المشردين. وفي الجهة الأخرى من الشارع، كان رئيس الوزراء الكندي وزوجته يستعدان لدخول السيارة للتوجه إلى النصب الذي قُتل أمامه الجندي. وقال رئيس الحكومة إن منفذ «الهجوم الإرهابي» قُتل في تبادل لإطلاق النار في البرلمان الفيدرالي الواقع على بعد 300 متر. وأحيطت زيارة هاربر وزوجته بإجراءات أمنية مشددة، بعد أن زود الشرطيون برشاشات آلية بدلا من المسدسات. ورغم الصدمة التي سببتها أحداث أوتاوا التي وقعت بعد يومين على مقتل عسكري آخر استهدف في مدينة تبعد 40 كلم جنوب شرقي مونتريال، يتوقع أن يستأنف مجلسا العموم والشيوخ أعمالهما.

وأكد رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر أن «التنظيمات الإرهابية لن تخيف كندا أبدا»، بعد مقتل جندي، تلاه إطلاق نار في البرلمان سبب حالة من الذعر في أوتاوا، وانتهى بمقتل المهاجم. والجندي هو ثاني عسكري كندي يُقتل خلال 3 أيام فيما عده هاربر في خطاب تلفزيوني «هجومين إرهابيين. وسبب المهاجم، الذي أعلن أنه كندي يدعى مايكل زيهاف بيبو (32 عاما)، حالة من الذعر في العاصمة الاتحادية، إذ إن الشرطة تخوفت لساعات من وجود مهاجمين آخرين في المبنى، قبل أن ترفع الطوق الأمني مساء. وأكد رئيس بلدية أوتاوا جيم واتسون رفع الطوق الأمني، موضحا أن قائد الشرطة أبلغه بأنه «كان هناك مهاجم واحد، وأن مطلق النار هذا قتل». وقال رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر إن بلاده ستعزز أمنها لتفادي هجمات أخرى بعد هجومين خلال 3 أيام قُتل فيهما جنديان دهسا وبالرصاص، وذلك بعد أسبوعين من انضمام كندا إلى التحالف الدولي ضد «داعش» في العراق وسوريا.

وأضاف هاربر في كلمة للشعب، مساء أول من أمس، أن حادثتي صدم جنديين بسيارة، الاثنين، في مقاطعة كيبيك وقتل آخر بالرصاص في البرلمان الاتحادي بالعاصمة أوتاوا، أول من أمس (الأربعاء)، ستزيدان من تصميم بلاده على مواجهة المخاطر الأمنية.

وتابع أن الهجومين اللذين وصفهما بالإرهابيين يشكلان تذكيرا بأن كندا ليست في منأى عمّا وصفها بالهجمات الإرهابية، لكنه قال إن ذلك لن يرهبها. بينما أكد مسؤولون كنديون لصحيفة «غلوب أند ميل» أن منفذ الهجوم كان معروفا لدى الاستخبارات التي صنفته «مسافرا خطرا»، وسحبت السلطات منه جواز سفره.

وتذكِّر صفات هذا الرجل بمارتن رولو كوتور الشاب الذي صدم جنديين بسيارته في ضاحية مونتريال الاثنين، وكان رولو كوتور اعتنق الإسلام وأصبح يؤمن بعقيدة جهاد الإسلاميين المتطرفين كغيره من 90 كنديا تشتبه بهم السلطات، ومنع هو أيضا من السفر، وصودر منه جواز سفره بشبهة السعي للالتحاق بساحة القتال مع التنظيمات الإسلامية عن طريق تركيا. من جهتها، قالت سوزان بيباو والدة المشتبه به مايكل زيهاف بيبو إنها تشعر بالحزن والأسف للضحايا، وأوضحت في رسالة إلى وكالة «أسوشييتد برس»، أن دموعها للضحايا الأبرياء وليست من أجل ابنها.

وقالت شبكة «سي تي في» الكندية إن مايكل زيهاف بيبو صاحب سوابق جنائية، وقد حُكم عليه بالسجن عامين بجرائم سرقة وحيازة أسلحة في 2003، كما لوحق بتهمة حيازة مواد مخدرة قرب مونتريال وأوتاوا. وكانت السلطات الكندية تحدثت، منذ الاثنين، عن عمل إرهابي هو الأول المرتبط بالتطرف الإسلامي في تاريخ كندا. ودعت أوتاوا أخيرا إلى التزام أكبر قدر من اليقظة في مواجهة أعمال ممكنة لمتشددين على أراضيها، بعد انضمامها إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمكافحة «داعش» في العراق. ورفعت السلطات الكندية مستوى الإنذار الإرهابي إلى «متوسط». وقال ديفيد هاريس المستشار الأمني في مركز انسينيس للدراسات الاستراتيجية والمتعاقد السابق بجهاز المخابرات الكندي إن مبنى البرلمان «رمز للحكومة، ويُتوقع أن يكون أحد أصعب الأهداف. لذلك من المثير للقلق أن يحدث ذلك». وأضاف: «يبدو أنه لا يوجد شيء يُذكر يقف في طريق من يحاول اجتياز المدخل الأول للبرلمان الكندي». رغم أن دولا كثيرة عززت إجراءات الأمن عقب هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001 وتصاعد التوترات الجيوسياسية في جميع أنحاء العالم، تبقى إجراءات الأمن في معظم المباني الرسمية في كندا دون تشديد. وظل مجمع مبنى البرلمان مترامي الأطراف في أوتاوا مفتوحا نسبيا أمام الجمهور. ولدخول مبنى سنتر بلوك، وهو المبنى الرئيس الذي يضم مجلس العموم ومجلس الشيوخ ومكتب رئيس الوزراء، يحتاج الزائر إلى مجرد فتح الباب الأمامي. وفي الداخل، يوجد حراس أمن لكن دون بوابة أو حواجز تمنع الدخول إلى الممرات الرخامية المزخرفة. ويمكن لموظفي البرلمان أو الزوار الذين يحملون أوراق اعتماد، مثل الصحافيين، المرور أمام الحراس دون أي إجراءات إضافية. ويدخل الزوار الآخرون من باب آخر قريب، حيث يتعين المرور عبر أجهزة الكشف عن المعادن، وتقتصر حركتهم على مناطق محددة. ويزور الأطفال البرلمان بشكل روتيني مع مدرسيهم أو أسرهم.

ويدخل النواب من أبواب أخرى قريبة من مجلس العموم، حيث لا يحتاج الحراس سوى التعرف على وجوههم، والسماح لهم بالدخول مباشرة.

وقال بول بيلار وهو محلل كبير سابق بوكالة المخابرات المركزية، وهو الآن أستاذ في الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون بواشنطن: «إطلاق النار في أوتاوا بلا شك سيؤدي إلى تحول في التوازن لصالح تشديد الإجراءات الأمنية والحد من القدرة على الدخول».

وأضاف: «رغم أننا لا نعرف حتى الآن دافع المسلح، يمثل الحادث تذكيرا لتعرض حلفاء الولايات المتحدة لهجمات بدوافع كثيرة ومظالم مختلفة، بما في ذلك مشاركة الحليف في استخدام القوة المسلحة بالخارج». وأرسلت كندا 6 طائرات مقاتلة للمشاركة في حملة على مقاتلي «داعش» في العراق. وحوادث إطلاق النار نادرة نسبيا في كندا، التي تشدد قوانين حيازة السلاح بخلاف الولايات المتحدة. وتستخدم المنطقة العشبية الرئيسة أمام البرلمان للمظاهرات السياسية، وتكون المداخل حول المباني خالية إلى حد كبير للسماح بمرور الحافلات التي تنقل المشرعين والموظفين من مبنى إلى آخر.

وتقوم الشرطة الاتحادية بدوريات في المنطقة بانتظام. وأشار تقرير للمراجع العام في كندا إلى بعض نقاط الخلل الأمني بمنطقة البرلمان التي تشترك في تأمينها شرطة أوتاوا وشرطة الخيالة الملكية الكندية الاتحادية والأجهزة الأمنية لمجلس الشيوخ ومجلس العموم.