تقرير برلماني فرنسي: السجون مدرسة للمتطرفين الراغبين في التوجه إلى سوريا والعراق

رئيس الحكومة: نعم فرنسا معرضة للخطر الإرهابي

هولاند الرئيس الفرنسي (رويترز)
TT

«نعم، فرنسا معرضة للخطر الإرهابي وانعدام المخاطر الإرهابية أمر غير موجود»، هكذا قرع رئيس الحكومة الفرنسي ناقوس الخطر أمس تعقيبا على العمليتين الإرهابيتين اللتين تعرضت لهما كندا هذا الأسبوع. بيد أن مانويل فالس، في حديث للقناة الإخبارية «بي إف إم»، سارع إلى طمأنة مواطنيه إلى أن الحكومة الفرنسية «تملك الأدوات اللازمة» لمحاربة الإرهاب وأنها نجحت «منذ العام 2012» في تلافي الكثير من المحولات الإرهابية مشيرا بذلك إلى القوانين التي أقرتها فرنسا أو التي بصدد إقرارها مثل مشروع القانون الذي صوت عليه مؤخرا مجلسا النواب والشيوخ وأصبح جاهزا للصدور. وأضاف رئيس الحكومة أنه «من المهم التعاون مع الأهل المعنيين» لمنع توجه قاصرين أو شبان إلى سوريا والعراق منبها إلى مخاطر تجنيد هؤلاء ومنهم من اعتنق الإسلام، عبر الإنترنت أو في السجون الفرنسية.

وفي السياق عينه، حذر رئيس الجمهورية من «عولمة التهديد الإرهابي» وشدد على الحاجة لتبادل المعلومات بين الدول المعنية بالإرهاب. وجاء كلام هولاند في إطار تصريح صحافي أعقب اجتماع شخصيات ومسؤولين ينتمون إلى اليسار في قصر الإليزيه تمهيدا للقمة الأوروبية التي بدأت أمس وتستمر اليوم في بروكسيل. وطالب هولاند بملاحقة الذين يذهبون للجهاد «وينخرطون في حرب ليست حربهم وبعيدا عن بلدانهم» لافتا إلى وجود «شبكات» على اتصال بهؤلاء الإرهابيين لتوفير الدعم لهم رغم أن بعضهم يعمل منفردا.

تعكس هذه التصريحات قلقا فعليا من احتمال تعرض فرنسا لموجة إرهابية لا ينفك المسؤولون عن التحذير منها والسعي لتلافيها عبر تشديد القوانين وتوعية الأهل الذين يلحظون تغيرا في سلوك أولادهم أو أقاربهم. غير أن هذه التدابير لا تبدو كافية وهو ما يظهره استمرار تدفق الجهاديين الفرنسيين أو المقيمين على الأراضي الفرنسية نحو تركيا ومنها إلى سوريا أو العراق.

وليس سرا أن «خطة الطريق» الفرنسية لمحاربة الإرهاب تنهض على دعامتين: الأولى، منع خروج «طلاب الجهاد» من الأراضي الفرنسية عبر سن القوانين التي تتيح للسلطات مصادرة جوازات السفر ومراقبة من تبدو عليه علامات التشدد الديني الأصولي بما يترافق ذلك مع فرض رقابة على مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. والثانية، ملاحقة العائدين من ساحات القتال في سوريا والعراق وتسليمهم للقضاء الذي يتمتع اليوم بالأدوات القانونية التي تتيح توقيف من يظن أنه حارب في صفوف المنظمات الجهادية.

بيد أن هذه التدابير لا تبدو كافية ولعل نقطة الضعف فيها التي أشار إليها رئيس الحكومة سريعا تتناول ما يحصل في السجون الفرنسية حيث يتم تجنيد وتعبئة المتطرفين. وصدر هذا الأسبوع تقرير للنائب غيوم لاريفيه الذي ينتمي إلى حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية وسبق له أن شغل منصب مستشار للرئيس السابق نيكولا ساركوزي، يضع الإصبع على الجرح وينبه من مخاطر ما يحصل في السجون ومن غياب الرقابة ومن كونها تحولت إلى «مدرسة» للجهاد.

جاء في حرفية التقرير ما يلي: «إن السجون الفرنسية تحولت إلى أحد الأمكنة المهمة وليس المكان الوحيد للأصولية الإسلامية ولتطويع الأشخاص الذين على وشك التحول إلى العنف الإرهابي. وهذا الخطر يتزايد بسبب بروز ظاهرة جديدة تتعلق بكيفية التعامل مع الجهاديين العائدين الذين ذهبوا للقتال في سوريا والعراق». ويعتبر التقرير أن هناك «عدة مئات» من المتطرفين الإسلاميين في السجون. وما يزيد من خطورة هذه الظاهرة أن الشخصين اللذين ارتكبا أعمالا إرهابية وهما محمد مراح (عام 2012) في مدينة تولوز ومهدي نموش (الربيع الماضي) في بروكسل، كانا «من خريجي» السجون الفرنسية التي مروا بها قبل التوجه إما إلى باكستان وأفغانستان بالنسبة للأول أو إلى سوريا بالنسبة للثاني. وبحسب غيوم لاريفيه، فإن موضوع الأصولية والتطرف في السجون أصبح بمثابة «التحدي الوطني الكبير» الذي يتعين معالجته قبل استفحال الأمور. وتعد السجون وشبكة الإنترنت الوسيلتين الرئيستين لتجنيد المتطرفين. ويقترح النائب الفرنسي «خطة عمل شاملة» تتيح محاربة هذه الظاهرة وتتعامل، بالدرجة الأولى، مع الجهاديين العائدين عن طريق وضعهم في سجون معدة لهذا الغرض ومجهزة بخلايا متخصصة. ومن الاقتراحات المقدمة عزل الجهاديين عن بعضهم البعض وإخضاعهم لبرامج شخصية بغرض إعادة تأهيلهم. تفيد إحصائيات وزارة العدل أن 40 في المائة (أي نحو 40 ألف شخص) من السجناء من كل الأنواع في فرنسا على علاقة بشكل أو بآخر بالإسلام بينما الجالية الإسلامية لا يزيد عددها على 6 ملايين (من أصل 65 مليون نسمة).