سيناريوهات أسواق النفط العالمية تسير عكس مسارات الأحداث السياسية

خبراء اقتصاديون أرجعوا أسبابها إلى الحرب المنظمة

TT

أثار الهبوط المتواصل لأسعار النفط اهتمام الكثير من المراقبين الاقتصاديين بسبب النهج الذي تمر به السوق إذ من المتعارف عليه أن تؤدي المشاكل السياسية إلى ارتفاع الأسعار خاصة أنها تدور حول منابع النفط الأكبر في العالم إلا أن ذلك جاء مخالفا برسم المسار الهابط للسوق منذ بداية ضربات التحالف على تنظيم «داعش».

وقال الدكتور راشد أبانمي، رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية لـ«الشرق الأوسط» بأن المسار الهابط للنفط في هذه المرحلة لم يخضع لمعايير العرض والطلب والمؤشرات الاقتصادية المتعارف عليها والتي عادة ما تتحكم في الأسواق إذ أن السوق مع توافر الأسباب السياسية التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار لم تستجب وجاءت مغايرة لذلك، مشيرا إلى أن السبب الرئيس في ذلك يعود إلى أن الأزمة السياسية وخاصة ما يدور في سوريا والعراق والحرب على تنظيم «داعش» كان أمرا منظما ومخططا له ولم يكن بشكل مفاجئ إلى جانب كبرى الدول المشاركة في التحالف الذي حدد له وقت وبالتالي فتح هذا الأمر دخول عوامل سياسية على أسعار النفط من خلال زيادة الإنتاج لخفض الأسعار بحيث يؤدي ذلك إلى إعاقة الإطراف المعادية للتدخل في الأحداث الجارية في المنطقة، والتي تعتمد على دخل النفط في تمويل ما يعرف بحرب الوكالة.

وتوقع أبانمي أن تستمر أسواق النفط في المسار الهابط خلال هذه الأزمة حيث ستصل الأسعار إلى 50 دولارا للبرميل إلى أن يتم الانتهاء من الفترة الزمنية للحرب على التنظيمات الإرهابية، مبينا أن أسواق النفط عادة ما ترتفع بشكل كبير في حال حدوث الحروب المفاجئة مستشهدا بما أحدث من ارتفاع عند إعلان الولايات المتحدة الأميركية توجيه ضربة عسكرية إلى النظام السوري حيث أدى إلى تصاعد الأسعار استجابة لتلك الأحداث التي لم يخطط لها كما في وضع الضربات الحالية على مواقع التنظيمات الإرهابية.

وكانت أسعار النفط سجلت تراجعا ملحوظا خلال الربع الثالث من العام الجاري بعد تراجعها من 115 دولارا إلى 92 دولارا إلى أن وصلت لمستويات 88 دولارا.

من جانبه قال معتصم الأحمد الخبير الاقتصادي بأن ما يحدث في سوق النفط يعود إلى أسباب اقتصادية وسياسية فالأول زيادة السعودية إنتاجها بحيث تساهم في التأثير على المستثمرين في النفط الصخري فيما يتعلق الأخير بأسباب سياسية للضغط على إيران التي عادة تطالب بزيادة الإنتاج قبل بداية الأزمة السياسية بالإضافة إلى ما تمارسه الولايات المتحدة الأميركية من ضغط على روسيا.

يشار إلى أن صندوق النقد الدولي ذكر أن هبوط أسعار النفط العالمية من غير المتوقع أن يؤثر على خطط الإنفاق للدول المنتجة للخام في الشرق الأوسط في الأجل القصير بالنظر إلى ما لديها من احتياطيات مالية كبيرة، لافتا إلى أن امتلاك تلك الدول لاحتياطيات مالية كبيرة سيسمح لها بأن تواصل خططها للإنفاق في الأجل القصير رغم أن هبوط سعر النفط يثير مشكلة في الأجل الطويل.

ويقدر حجم استهلاك العالم من النفط بـ40 مليون برميل يوميا، يمثل الوقود الأحفوري ما نسبته 80 في المائة من الاستهلاك العالمي، إلى جانب العوامل التي تزيد الاستهلاك العالمي مثل زيادة السكان والحركة الاقتصادية.

وتشير تقارير اقتصادية إلى أن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات عالية لا يخدم مصلحة الدول المنتجة فيما لا يخدم انخفاضها إلى مستويات منخفضة جدا خططها التنموية لتطوير الصناعة وزيادة الاكتشافات النفطية.