قوات الجيش الليبي تتهيأ لدخول معقل المتطرفين في «تورا بورا» بنغازي

الحكومة غير الشرعية تتحدث عن تعليمات مشفرة للهجوم على طرابلس

TT

استكمل الجيش الليبي سيطرته أمس على الجانب الشرقي من مدينة بنغازي بشرق ليبيا، بعدما نجح في دحر الجماعات المتطرفة والاستيلاء على معسكر 17 فبراير (شباط) التابع لها، فيما بدأت قوات الجيش بالتعاون مع السكان المحليين في حملة مطاردات واسعة النطاق لتعقب عناصر الجماعات المتطرفة في المناطق التي نجح الجيش في استعادتها. وقال سكان محليون، إن أعمدة الدخان تصاعدت من شرق وغرب بنغازي، وإنهم سمعوا أصوات اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والثقيلة في مناطق متفرقة بالمدينة.

وأكدت القوات الخاصة التي يقودها العقيد ونيس بوخمادة، سيطرة قوات الجيش الليبي على المدخل الشرقي لمدينة بنغازي وفرار من وصفتهم بقيادات الخوارج خارج المدينة، مشيرة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إلى سيطرة قوات الجيش الليبي ومن ضمنها القوات الخاصة على سجن الكويفية بالكامل وسط فرحة أهالي منطقة الكويفية واستقبالات من المناطق.

ومع ذلك، فقد حذرت الشباب والسكان المشاركين في حملة الجيش من مغادرة المناطق التي بحوزتهم، مضيفة: «عليكم بتسليم الأسري إلى القيادة العامة للقوات المسلحة وجمع المعلومات من داخل المناطق».

واقتربت طلائع لقوات من الجيش من حي الليثي القديم جنوب شرقي بنغازي، الذي اشتهر باسم «تورا بورا»، ويعتبر أهم وأكبر معقل لتنظيم أنصار الشريعة في المدينة.

وطبقا لما قاله سكان لـ«الشرق الأوسط» في الحي المعقد والضيق الذي حاولت القوات الخاصة فيما مضى اقتحامه وفقدت عشرة من عناصرها، فإن 10 قيادات على الأقل من تنظيم أنصار الشريعة تقطن في نفس الحي، الذي يقيم فيه أيضا السجين الليبي محمد الدرسي، الذي بادلته السلطات الأردنية بسفيرها المختطف في طرابلس فواز العيطان في شهر مايو (أيار) الماضي.

وأظهرت لقطات فيديو مصورة العقيد المهدي البرغثي آمر الكتيبة 204 دبابات التابعة للجيش وهو يتحدث برفقة جنوده من أمام المعسكر الذي سيطر عليها الجيش.

ولقي جنديان من هذه الكتيبة مصرعهما جراء الاشتباكات الدائرة الآن بمنطقة قار يونس بمدينة بنغازي، بينما أصيب جندي آخر جراء سقوط قذيفة هاون على بوابة استيقاف بمنطقة الصفصاف بجوار مطار الأبرق الدولي الذي تعرض مؤخرا لسلسلة اعتداءات بقذائف صاروخية بهدف تعطيل العمل فيه.

في غضون ذلك، بدأت وحدات من الجيش النظامي الليبي حملات مطاردة ومداهمة استهدفت منازل قادة الميليشيات الإسلامية في مدينة بنغازي.

وأعلن العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم أركان الجيش الليبي، أنه تم العثور على ما وصفه بترسانة من الأسلحة والذخائر في منزل وسام بن حميد قائد ما يعرف بالقوة الأولى للواء درع ليبيا في المنطقة الشرقية في منطقة الكويفية الواقعة بالمدخل الشرقي لمدينة بنغازي، مشيرا إلى أن «ترسانة أخرى من الأسلحة والذخائر وجدت في بيت أحمد العقيلي القيادي في أنصار الشريعة في منطقة أرض أزواوة وسط بنغازي».

ويتمركز الجيش في تخوم مدينة بنغازي الشرقية والجنوبية والغربية، لكنه يتخذ من مرتفعات بنينا، حيث مطار بنغازي والرجمة الواقعتان في الضاحية الجنوبية الشرقية للمدينة مركزا للقيادة والسيطرة، حيث غرفة العمليات الرئيسة لعملية الكرامة التي دشنها اللواء خليفة حفتر في شهر مايو الماضي.

وبلغت حصيلة الاشتباكات إلى 121 شخصا في الذكرى السنوية الثالثة لإعلان «تحرير» البلد من قبضة العقيد الراحل معمر القذافي الذي دام حكمه أكثر من 42 عاما.

وفي العاصمة الليبية طرابلس، زعم مكتب شؤون الأمن القومي التابع لما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني أن قوات الجيش الوطني التي دعاها رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني للزحف على طرابلس هي كلام مشفر المقصود منه إعطاء الأوامر للمندسين داخل دوائر الدولة لتعطيل كل الخدمات والعبث في النظام الإداري للدولة وإدخالها في حالة من الفوضى. ودعا المكتب في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية كل المواطنين الإبلاغ عن أي حالات مشبوهة تريد العبث بمؤسسات الدولة ونظامها الإداري. في المقابل، دعا عقيلة صالح رئيس مجلس النواب إلى الحوار والمصالحة وإلقاء الأسلحة التي ساهمت في القتل والدمار في ليبيا والاتجاه إلى الحوار والمصالحة وبناء الدولة والعمل على استقرار البلاد.

ودعا عقيلة الذي كان يتحدث من مدينة البيضاء، في كلمة له بمناسبة الذكرى الثالثة لإعلان تحرير ليبيا، إلى بناء الجيش والشرطة وتفعيل المحاكم والقضاء، ونبذ العنف واحترام دماء شهداء ثورة 17 فبراير، الذين استشهدوا من أجل أن تنعم ليبيا بالحرية والاستقرار والتقدم.

وأحيا أعضاء مجلس النواب مساء أول من أمس الاحتفال بالذكرى الثالثة لتحرير ليبيا والذي نظمه المجلس البلدي لمدينة طبرق.

من جهتها، نفت الحكومة الانتقالية في بيان رسمي تسلمها أي مبادرة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشأن وقف العمليات العسكرية في ككلة والقلعة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.

وأوضحت الحكومة، أنها طالبت مرارا وتكرارا منذ بدأت المجموعات المسلحة غير الخاضعة للدولة والمسماة «فجر ليبيا» الهجوم على مطار طرابلس، في 13 يوليو (تموز) الماضي، بوقف الهجوم.

وفي انتقاد واضح لمساعي الأمم لمتحدة أضاف البيان: «كان الأولى أن تدعو البعثة المجموعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة لوقف إطلاق النار وتسليم أسلحتها للسلطة الشرعية التي يعترف بها العالم ومنظمة الأمم المتحدة نفسها».

وأشار إلى أن الحكومة «تضم صوتها إلى صوت بعثة الأمم المتحدة وتطالب المجموعات المسلحة التي تسمى (فجر ليبيا) وكل التشكيلات المسلحة الأخرى بوقف القتال في جميع مناطق ليبيا، والخروج من مدينة طرابلس وضواحيها وبقية المدن، وتسليم أسلحتها وفق آلية يضعها المبعوث الأممي السفير برناردينو ليون».

كما دعت إلى تسليم مرافق ومنشآت الدولة إلى السلطات المختصة، وقبول خيارات الشعب الليبي التي جاءت عن طريق صناديق الاقتراع، والاعتراف بشرعية مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه، والانخراط في العمل السياسي السلمي في المؤسسات الشرعية المنتخبة كمواطنين مدنيين خاضعين لمبدأ التداول السلمي للسلطة.

إلى ذلك، أجرى وزير الداخلية الليبي عمر السنكي اتصالا هاتفيا بنظيره التونسي لطفي بن جدو تناول مناقشة بعض الجوانب الأمنية بين البلدين وسبل دعم التعاون في مجالات الأمن، وكذلك تسهيل دخول المواطنين الليبيين من المنافذ البحرية والجوية للأراضي التونسية بجوازات السفر المخطوطة بشكل يدوي نظرا للعوائق الفنية التي تواجه منظومة الجوازات خلال هذه الفترة والتي جارٍ إصلاحها من قبل الشركة المختصة.

وقال بيان للحكومة الليبية إن الوزير التونسي أبدى استعداد وترحيب بلاده بتقديم المساعدة اللازمة للمواطنين الليبيين القاصدين تونس، كما تم الاتفاق على تحديد موعد لزيارة وزير الداخلية الليبي إلى تونس خلال الأسابيع المقبلة.