ختام الحملة الانتخابية.. وإنهاء حصار مجموعة يشتبه بارتباطها بالتطرف في تونس

مقتل 5 نساء ورجل تحصنوا في بيت غرب العاصمة لأكثر من 28 ساعة

جندي تونسي يقف إلى جانب سيارة تابعة للحرس الوطني قرب المنزل الذي كان الإرهابيون متحصنين فيه غرب العاصمة تونس أمس (رويترز)
TT

قال محمد علي العروي المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية في مؤتمر صحافي مشترك عقد يوم أمس مع وزارة الدفاع، إن قوات الأمن نفذت عملية إنزال ناجحة ضد المجموعة الإرهابية المتحصنة بأحد المنازل غرب العاصمة التونسية، وأسفر التدخل المسلح عن إنقاذ الطفلين الرهينتين بأيدي المجموعة الإرهابية. وعد العروي الأمر بمثابة «الأعجوبة» بعد إنقاذ الطفلين اللذين اتخذتهما المجموعة المسلحة دروعا بشرية، أثناء المفاوضات التي أجرتها مع قوات الأمن.

وقال إن طفلة أصيبت على مستوى الركبة، وأضاف أن امرأة خاطرت بالطفلة وأطلقت النار على قوات الأمن المتركزة قرب المنزل المحاصر، لكن العملية انتهت بإنقاذ الطفلة، وقتل المرأة التي احتمت بالطفلين لمهاجمة قوات الأمن.

ومباشرة، وبعد الانتهاء من عملية الاقتحام، تعالت الزغاريد والتصفيق، وردد من حضروا العملية الأمنية النشيد الوطني بحماس ليصمت الرصاص في اليوم نفسه الذي يشهد انتهاء الحملة الانتخابية ودخول البلاد مرحلة الصمت الانتخابي.

وجرى الاستنجاد بالفرق المختصة في الكشف عن القنابل والمتفجرات التابعة للوحدات المختصة، لتأمين المنزل الذين كان يتحصن فيه الإرهابيون بعد أن تم القضاء عليهم خلال عملية الاقتحام.

يأتي هذا التدخل المسلح بعد محاصرة متواصلة للمنزل الذي تحصن فيه الإرهابيون في منطقة وادي الليل غرب العاصمة لمدة فاقت أكثر 28 ساعة، وصمتت، ظهر أمس، أصوات الرصاص لتخلف وراءها مقتل 6 عناصر متهمة بالإرهاب (رجل و5 نساء) فيما أصيبت الطفلة التي اتخذها الإرهابيون درعا بشرية إصابة بليغة، وتعرض الطفل الثاني لإصابة طفيفة.

وأصيب خلال عملية المداهمة أحد أعوان الأمن، لكن إصابته كانت بسيطة، وكان اليوم الأول من المواجهات المسلحة قد أسفر عن مقتل عنصر من عناصر الحرس الوطني وجرح آخر.

وألقت قوات الأمن القبض على إرهابي واحد، بعد إصابته إصابة بليغة في الصدر، ولم تتعرض في المقابل أم الطفلين وهي زوجة أحد المتهمين بالإرهاب لأي إصابة، وخرجت سليمة من عملية الاقتحام. وذكر طارق الجبار المكلف بالإعلام في ولاية (محافظة) بنزرت شمال العاصمة التونسية لـ«الشرق الأوسط» أن إحدى النساء اللاتي سقطن في المواجهات لا يزيد عمرها عن 21 سنة، وقد اختفت من منزل والديها في مدينة العالية (50 كلم شمال العاصمة) منذ أسبوع فقط، لتظهر مع المجموعة الإرهابية المسلحة في مدينة وادي الليل غرب العاصمة.

وذكر محمد علي العروي المتحدث باسم وزارة الداخلية، أن كل المصابين قد نُقلوا إما إلى المستشفى العسكري بالعاصمة أو مستشفى الأطفال في باب سعدون وسط العاصمة. وأشار إلى حجز 238 رصاصة وأسلحة كلاشنيكوف وقنابل يدوية، بالإضافة إلى عدد من الوثائق والهواتف الجوالة وأجهزة حاسوب. لكنه نفى وجود أي دليل على أن المجموعة الإرهابية تنتمي إلى تنظيم «داعش».

وبشأن عملية المداهمة وتفاصيلها، قال العروي إن قوات الأمن والجيش فاوضت الإرهابيين من أجل تسليم أنفسهم سالمين وإنقاذ الطفلين الصغيرين (3 و5 سنوات) والنساء، إلا أنهم رفضوا الاستسلام وقرروا مواصلة المواجهات المسلحة.

وأشار إلى أن المفاوضات توقفت في حدود الساعة الثانية فجرا لتُستأنف في الساعة السابعة صباحا، ولم تسفر المفاوضات التي أجراها أحد السلفيين الذين استعانت بهم قوات الأمن عن نتائج وأفضت إلى تكفيره من قبل الإرهابيين المحاصرين، وواصلوا الامتناع عن تسليم أنفسهم.

واحتمت إحدى النساء وراء أحد الأطفال وأطلقت الرصاص على قوات الأمن، وصرح محمد العروي بأن الإرهابيين «قذرون ويفتقرون للإنسانية»، على حد تعبيره، في إشارة لاستغلال الأبناء الصغار واستعمالهم دروعا بشرية.

وفي السياق ذاته، قال العروي إن وزارة الداخلية ألقت القبض على 4 عناصر إرهابية على علاقة بـ«خلية وادي الليل» الإرهابية. وأشار إلى التحقيقات الأمنية تصب في اتجاه معرفة المزيد من المعلومات بشأن تدريب النساء على استعمال الأسلحة المتطورة ومدى ارتباطهن بمجموعات إرهابية أخرى.

وفي الوقت ذاته، أكد بلحسن الوسلاتي المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية تنفيذ مجموعة من الرمايات الدقيقة، يوم أمس، على أماكن تحرك الإرهابيين، وقال إن الرماية استعملت خلالها المدفعية الثقيلة والطائرات وشملت عدة مناطق غابية في مرتفعات الشمال الغربي التونسي.

وتخشى المؤسسة الأمنية والعسكرية في تونس من محاولات متكررة لإجهاض العملية الانتخابية التي تجري يوم غد (الأحد)، وتؤكد على تجنيد كل الإمكانات البشرية والاستخباراتية لتنظيم الانتخابات البرلمانية وإنهاء المسار الانتخابي.

وذكر لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسية أن قرابة 50 ألف عون أمن سيتكفلون بحماية مراكز الاقتراع من الداخل والخارج، وأن مراقبة مشددة تخضع لها كل المؤسسات الانتخابية طوال الأيام التي تسبق يوم الاقتراع، والتي تليه.

وأكد بن جدو مشاركة قرابة 23 ألف عسكري في تأمين العملية الانتخابية، وقد تم استدعاء عسكريين احتياطيين لتأمين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي تجري نهاية الشهر المقبل.

وفي السياق ذاته، أشار شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى الانتهاء من توزيع كل المواد الانتخابية (لوائح انتخابية وخلوات وصناديق الاقتراع والحبر السري) وأن ولاية (محافظة) بن عروس (قرب العاصمة) هي الدائرة الأخيرة التي حصلت على المواد الانتخابية الضرورية لإجراء الانتخابات. وذكر في تصريح لوسائل الإعلام أن 20 ألف ملاحظ سيسعون لإنجاح «العرس الانتخابي» والوقوف على شفافيته، وأن قرابة 60 ألفا من ممثلي الأحزاب السياسية تقدموا بمطالب إلى هيئة الانتخابات لمتابعة الانتخابات البرلمانية التي تجري غدا (الأحد) 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.