التكتل السياسي المعارض في الجزائر يرفض مبادرة مؤتمر للإجماع الوطني

تعثر مسار التحقيق في مقتل رجال دين فرنسيين بالجزائر

TT

أظهر أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر برودة في التعاطي مع مبادرة سياسية تهدف إلى الخروج من الأزمة السياسية، روج لها أقدم حزب معارض، ودعاه إلى التوجه بها إلى نظام الحكم «الذي يرفض التغيير». فقد أعلن عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم»، أمس بصفحته في «فيسبوك»، أنه استقبل أول من أمس وفدا من «القوى الاشتراكية»، في سياق الزيارات التي يجريها الحزب مع الأحزاب لحشد التأييد لـ«مؤتمر الإجماع الوطني»، الذي يريد عقده قبل نهاية العام الجاري، ولكن من دون أن يوضح مضمون المبادرة أو آليات تنفيذها. وقال مقري بهذا الخصوص «اتسم اللقاء بكثير من الأريحية والمودة والتقارب في وجهات النظر، بخصوص توصيف الوضع العام في الجزائر المثير للقلق، من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وأيضا في المحيط الإقليمي والدولي»، وأضاف مستدركا أن هذا اللقاء «أظهر أن المبادرة المعروضة على الحركة، لم تأت بجديد يضاف لمجهودات المعارضة في تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي. كما أن مجهودات الزملاء في جبهة القوى الاشتراكية يجب أن توجه للسلطة الحاكمة، من حيث أنها هي الجهة التي لا تزال ترفض التوافق الحقيقي، وترفض التعاطي إيجابيا مع مبادرات المعارضة».

وفهم من موقف مقري أن «حركة مجتمع السلم» ترفض مسعى «الإجماع الوطني»، وبأن مبادرة «القوى الاشتراكية» تهدف إلى الالتفاف على مطالب «تنسيقية الانتقال الديمقراطي»، خاصة ما تعلق بإقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بذريعة أنه مريض وعاجز عن تسيير دفة الحكم.

يشار إلى أن «مجتمع السلم» هي قاطرة التكتل الحزبي المعارض «تنسيقية الانتقال الديمقراطي»، الذي نشأ على خلفية حصول بوتفليقة على ولاية رابعة في انتخابات الرئاسة التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي.

وأصدرت «التنسيقية» بيانا ذكرت فيه، بخصوص مبادرة «الإجماع الوطني» أن «النظام فشل في جولة المشاورات المزعومة حول الدستور، التي لم تعرف نتائجها إلى اليوم، ومع ذلك لا يزال يسعى بطرق ملتوية إلى جر الطبقة السياسية الواعية إلى مشاورات جديدة، غير مجدية، بدأت في الآونة الأخيرة»، في إشارة إلى لقاءات «القوى الاشتراكية» مع الأحزاب. كما دعا البيان إلى «مواصلة الضغط على النظام السياسي بالطرق السلمية كوسيلة وحيدة، لتوفير الحريات والانتقال الديمقراطي المبني على الحوار الجاد والتوافق الحقيقي وليس المغشوش». في غضون ذلك تعثر مسار التحقيق في مقتل رجال دين مسيحيين فرنسيين بالجزائر عام 1996. بسبب رفض السلطات الجزائرية نقل عينات من جماجمهم إلى فرنسا لإخضاعها لخبرة جنائية. لكن متحدثا باسم وزارة الخارجية الفرنسية هون أمس من بوادر أزمة بين سلطات بلده والجزائر بخصوص عمل الفريق القضاة الفرنسيين، الذي حضر إلى الجزائر منذ أسبوعين لاستخراج بقايا عظام رهبان فرنسيين، تعرضوا للاختطاف والقتل قبل 18 سنة في أعالي منطقة جبلية تقع إلى جنوب العاصمة. وذكر المسؤول الفرنسي بموقع الوزارة أمس أن «عمل البعثة الفرنسية بالجزائر جرى في ظروف جيدة، وعليه نوجه الشكر للسلطات المستضيفة التي وفرت الإمكانات للبعثة»، التي تتكون من القاضي الشهير المتخصص في محاربة الإرهاب مارك ترفديتش، وزميلته ناتالي بو، اللذين واجها رفضا قاطعا من السلطات الجزائرية لنقل عينات من جماجم الرهبان، إلى فرنسا لإجراء خبرة عليها للتأكد من هوية مرتكبي الجريمة. وندد محامي عائلات الضحايا أول من أمس، بـ«العراقيل التي يضعها الجزائريون للحيلولة دون معرفة الحقيقة». أما وزير العدل الجزائري الطيب لوح فقال لصحافيين بالبرلمان إن الشرطة والدرك الجزائريين يتوفران على المخابر الضرورية لإخضاع العينات للتحقيق الجنائي. وشدد على أن «الأمر يتعلق بسيادة البلد، وبالتالي لن تخرج العينات منه».