الهجمات ضد الغرب تثير مخاوف جديدة حيال نفوذ «داعش»

«الذئب المنفرد» رعب من الإرهاب الأصولي المحلي

TT

ألقت الشرطة البريطانية القبض على 4 أشخاص بتهمة التدبير لعملية تفجير على غرار الهجوم على فندق مومباي قبل 6 سنوات، بينما ألقت السلطات الأسترالية القبض على مجموعة مكونة من 12 شخصا متهمين بتدبير تهم قتل جريئة من نوعها، بما في ذلك قطع الرؤوس علنا.

وفي كندا، شن رجل مسلح هجوما على مبنى البرلمان وتسبب في قتل الجندي المنوطة به حراسة النصب التذكاري لضحايا الحرب، بينما دهس سائق سيارة جنديين، مما أودى بحياة أحدهما، وفي كلتا الحالتين، كان للجناة صلات ضعيفة بالمتطرفين الإسلاميين. كما طالت هذه الهجمات مدينة نيويورك؛ حيث هاجم رجل مسلح بـ«بلطة» 4 من رجال الشرطة في حي كوينز، مما أدى إلى إصابة أحدهما في رأسه وآخر في ذراعه.

أثارت سلسلة تلك الأحداث - التي وقعت على مدى الأسابيع الـ4 الماضية - مخاوف جديدة بشأن قدرة المتطرفين الذي يطلقون على أنفسهم «داعش» على تحفيز ما يسمى بهجمات «الذئب المنفرد»، التي تصمم وتنفذ من قبل أفراد أو مجموعات صغيرة في أنحاء العالم الغربي، وقد يكون لها صلة ضئيلة أو معدومة بـ«داعش».

لا يوجد دليل يشير إلى أن هذه الأحداث وقعت بواسطة أي شبكة إرهابية منظمة، ولكن في كل حالة كان يجري تدبير أعمال العنف أو تنفيذها من جانب أفراد تحركهم رسائل المتطرفين الإسلاميين. ويُذكر أن كل تلك الأحداث وقعت في الشهر ذاته منذ بدء تنظيم داعش تحريض المسلمين في الغرب على اقتراف مثل تلك الأفعال.

ومن جهته، قال ويليام مكانتس، باحث في التشدد الإسلامي بمعهد بروكينغز: «المنتمون لتنظيم القاعدة لم يفعلوا ذلك أبدا»، فلمدة عقود، كان يدعو تنظيم القاعدة المسلمين في الغرب لشن الهجمات، ولكنهم «لم يصغوا» لندائه، ولكن يرى السيد مكانتس أن «هؤلاء المنتمين لـ(داعش) هم أشخاص نشطون حقا»، واستخدموا اسما جديدا للمجموعة وهو «داعش».

فيما يرى محللون أن المؤامرات والهجمات واسعة النطاق تمثل تحولا في طبيعة الجماعة وتهديدها للغرب؛ فعلى النقيض من تنظيم القاعدة أو الجماعات الجهادية الأخرى، كان تنظيم داعش يركز سابقا على السيطرة على الأراضي في مختلف أنحاء سوريا والعراق، وعلى عمليات القتل الطائفية في المنطقة خاصته، وليس على الحرب العالمية ضد الغرب، ولكن منذ بدء حملة القصف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ضد «داعش» لضرب معاقله في سوريا، سعى «داعش» للانتقام من خلال حث المتعاطفين معه في مختلف أنحاء الغرب على الرد نيابة عنه.

وتغير بشدة مسار الرسائل التي يوجهها التنظيم إلى المسلمين في الغرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي من «انضموا إلى (داعش) وشاركوا في تنفيذ هجمات» إلى «إننا نتعرض للهجوم ولكن ماذا تفعلون؟ إنكم فقط جالسون هناك!»، وذلك حسب ما ذكره مختار عوض، باحث في المركز الليبرالي للتقدم الأميركي، الذي يقع مقره في واشنطن.

كما قال، خلال زيارته القاهرة: «إنهم يحاولون إلحاق الخزي بالمتعاطفين معهم»، مضيفا: «إن لم يكن بمقدورك الانضمام لنا هنا، فعلى الأقل افعل ما تستطيع القيام به هناك».

وتشير ردود الفعل السريعة في كندا وفي أماكن أخرى إلى أن المزيج الفريد المتمثل في أعمال العنف المثيرة للدهشة، ودهاء الرسائل التي ينشروها عبر وسائل الإعلام، والتباهي واسع النطاق بما يقترفونه من أعمال، ربما يمكن «داعش» من إحداث هجمات «الذئب الوحيد»، مثل ذلك الهجوم على البرلمان الكندي، حتى دون الحاجة لتأسيس شبكة أو منظمة دولية. وإذا تمكن «داعش» من إلهام الكثير، فإنه سيكون بذلك شكل تهديدا واسع النطاق، الأمر الذي كان مجرد حلم بالنسبة لتنظيم القاعدة.

سلطت الهجمات التي شهدتها كندا بالفعل ضوءا مختلفا على انتشار التدابير المتخذة من جانب الدول في مختلف أنحاء العالم لمنع مواطنيها من السفر إلى سوريا والعراق للانضمام إلى القتال مع «داعش»، خوفا من احتمالية عودتهم وتشكيل تهديد على بلادهم.

وأفادت الشرطة بأن الرجل المسلح الذي هاجم البرلمان يُدعى مايكل زيهاف بيبو، وهو مختل عقليا واعتنق الإسلام وله تاريخ من تعاطي المخدرات، وكان قد أخبر والدته أنه عقد العزم على الانضمام للحرب في سوريا. ولكن الهجوم المميت الذي شنه في أوتاوا يبين أنه كان يشكل خطرا بالفعل، وبالتالي، فإن منعه من السفر سيكون مجرد إبقاء للتهديد بالقرب من البلاد.

ومن جانبه، أوضح برنارد هايكل، المتخصص في دراسة الإسلام المتشدد في جامعة برينستون، أنه في بعض الجوانب يعمل «داعش» فحسب على بلورة «عقيدة الجهاد الدفاعي وخصخصة العنف الذي دعا له تنظيم القاعدة لقرابة عقدين من الزمن». وكتب البروفسور هايكل في رسالة له عبر البريد الإلكتروني: «لا يوجد شيء محدد بالنسبة لـ(داعش) الذي يشكل مصدر إلهام لأعمال العنف. كما أن هجمات (الذئب المنفرد) كانت تحدث من قبل»، في إشارة إلى مذبحة فورت هود التي نفذها الميجور نضال مالك حسن في تكساس عام 2009.

* خدمة «نيويورك تايمز»