مصر تتعهد بـ«إجراءات رادعة» لمواجهة الإرهاب.. وتودع الضحايا في «جنازة عسكرية»

انتشار عسكري موسع وفرض الطوارئ 3 أشهر وحظر تجوّل ليلي في مناطق بشمال سيناء

جنود مصريون يحملون في جنازة عسكرية نعوش زملائهم الذين قتلوا في هجوم انتحاري بشمال سيناء أول من أمس (رويترز)
TT

بعد اجتماعات متوالية تواصلت منذ مساء أول من أمس مع مجالس الدفاع الوطني والأعلى للقوات المسلحة على خلفية الحادث الإرهابي الذي استهدف نقطة أمنية بمحافظة شمال سيناء المصرية مما أسفر عن مقتل نحو 30 جنديا، حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أن الهدف من العمليات الإرهابية هو إسقاط الدولة المصرية، ووجه اتهامات لجهات خارجية - لم يحددها - بدعم الإرهاب، مؤكدا أن كل التحديات الموجودة تهون طالما أن الشعب المصري منتبه وصامد مع جيشه وشرطته.

وقال السيسي، في كلمة ألقاها أمس عقب اجتماع مطول مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إن «المعركة في سيناء ممتدة ولن تنتهي قريبا»، موجها تعازيه لكل المصريين والجيش في شهداء سيناء الذين سقطوا أول من أمس الجمعة.

وقال الرئيس المصري: «من المهم أن نكون على علم بالهدف المقصود من تلك العملية التي حصلت على دعم خارجي»، مشيرا إلى أن «هذا يحدث لكسر إرادة مصر والمصريين وكسر إرادة الجيش المصري الذي يعتبر عمود مصر»، مشيرا إلى أن تلك الجهات الداعمة توجه سؤالا مفاده: «هل المصريين ينتوون النجاح وإعادة الدولة مرة أخرى؟ هل تتحركون في جميع الاتجاهات وتحققون النجاح في كل شيء؟ لا ليس مطلوبا أن تنجح مصر».

وأضاف السيسي: «أتحدث إلى كل المصريين أن ينتبهوا لما يحاك لنا، كل ما يحدث نحن على علم به ونتوقعه، وتكلمنا فيه وتحدثنا عنه من قبل 3 يوليو (2013، حين أعلنت خارطة الطريق وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي). ونحن على علم بأن هذا مشوار سنمشيه، وأمر سوف نقابله، وكنا نقول إما أن يواجه هذا المصريون أو الجيش؛ فاخترنا الجيش.. ولا نريد أن نهتز».

وقال الرئيس المصري: «هناك شهداء سقطوا قبل ذلك، وهناك شهداء سيسقطون لأنها قضية وحرب كبيرة.. مصر تخوض حرب وجود، وهذا معناه أننا كلنا على قلب رجل واحد. المؤامرة كبيرة ضدنا. وأنا لا أقلق إلا من شيء واحد فقط، وهو خوفي عليكم يا مصريون. لكن أي شيء أو تحد أو تهديد آخر لا يشغلني طول ما كان المصريون واقفين ومنتبهين». متابعا: «علينا أن نرى دائما التحدي، وعيننا عليه ونحن ثابتون ومتحركون في اتجاه هدف واحد؛ إعادة الدولة المصرية إلى مكانتها.. وهذا ليس سهلا، هذا يحتاج إلى صبر.. وهناك معاناة وألم ودم كلنا سندفعه من أجل بلدنا الآن وللأجيال القادمة».

وأوضح السيسي أن «المعركة في سيناء ممتدة لن تنتهي في أسبوع أو اثنين أو شهر أو اثنين»، مؤكدا أن «أحدا لن يقدر على كسر لا إرادة المصريين ولا إرادة الجيش أبدا، ولن يقدر أحد أن يدخل بين الشعب المصري ووحدته وبين قيادته.. هذا هو الخطر الحقيقي».

وأشار الرئيس المصري إلى «اتخاذ إجراءات»، قائلا إن «الإجراءات التي اتخذناها اليوم (أمس) سوف تبقى في إطار التطور»، وأن «المنطقة الحدودية بيننا وبين القطاع (غزة) لا بد أنه سيكون هناك إجراءات لإنهاء هذه المشكلة من جذورها.. مشكلة رفح والمنطقة الحدودية». موضحا أن «هناك إجراءات كثيرة سوف تتخذ في الفترة القادمة».

وعلى صعيد متصل، تقدم السيسي الجنازة العسكرية التي أقيمت لضحايا القوات المسلحة أمس. وأدى الرئيس صلاة الجنازة وقراءة الفاتحة على أرواح شهداء مصر، وقام بتقديم العزاء لأسرهم، مؤكدا أن مثل هذه العمليات الإرهابية الغادرة لن تنال من عزيمة وإصرار الشعب المصري وقواته المسلحة على اقتلاع جذور التطرف والإرهاب.

وكان السيسي قد ترأس منذ ساعة مبكرة من صباح أمس اجتماعا طارئا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، استمر عدة ساعات، بحضور وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، ورئيس الأركان الفريق محمود حجازي، وكافة أعضاء المجلس. وبدأ بالوقوف دقيقة حداد على أرواح الضحايا.

وأكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية عزمه على «استئصال الإرهاب الغاشم من سيناء؛ هذه البقعة الغالية من أرض مصر». مشددا في بيان أصدره أمس على أن هذه الأعمال الإرهابية لن تزيد مصر بشعبها وجيشها إلا إصرارا على اقتلاع جذور الإرهاب.

وفي إطار متابعة توصيات مجلس الدفاع الوطني، التي صدرت عقب اجتماعه ليلة أول من أمس الجمعة، والتي أقرها السيسي بقرار جمهوري، تمت دراسة الخطوات التنفيذية لتفعيل تلك التوصيات، ولا سيما إعلان حالة الطوارئ بمناطق من محافظة شمال سيناء.

كما تم تكليف لجنة من كبار قادة القوات المسلحة لدراسة ملابسات الأحداث الإرهابية الأخيرة بسيناء، واستخلاص الدروس المستفادة والتي من شأنها تعزيز جهود مكافحة الإرهاب بصوره كافة في سائر أنحاء الجمهورية. وأكد المجلس عزمه استئصال الإرهاب الغاشم من هذه البقعة الغالية من أرض مصر، مؤكدا أن هذه الأعمال الإرهابية لن تزيد مصر بشعبها وجيشها إلا إصرارا على اقتلاع جذور الإرهاب.

وكان السيسي أصدر مساء الخميس قرارا جمهوريا بشأن إعلان حالة الطوارئ في مناطق بشمال سيناء، نظرا للظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بها المحافظة. حيث تقرر إعلان حالة الطوارئ في المنطقة المحددة: شرقا من تل رفح مارا بخط الحدود الدولية وحتى العوجة، وغربا من غرب العريش وحتى جبل الحلال، وشمالا من غرب العريش مارا بساحل البحر وحتى خط الحدود الدولية في رفح، وجنوبا من جبل الحلال وحتى العوجة على خط الحدود الدولية، لمدة 3 أشهر اعتبارا من الساعة الخامسة صباح يوم السبت الموافق 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

كما تقرر حظر التجوال في ذات المنطقة طوال مدة إعلان حالة الطوارئ من الساعة الخامسة مساءً وحتى الساعة السابعة صباحا، أو لحين إشعار آخر. وكذلك تقرر أن «تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بالمنطقة وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين».

وشمل القرار أيضا أن «يعاقب بالسجن كل من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958»، على أن ينشر القرار في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من تاريخ نشره.

من جهته، عقد مجلس الوزراء أمس اجتماعا طارئا برئاسة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء لبحث ودراسة الموقف الأمني واتخاذ إجراءات صارمة وحاسمة لمواجهة الإرهاب خلال الفترة المقبلة.

وأكد محلب أن المصريين جميعا مستمرون ومصرون على مواجهة الإرهاب وعلى استعداد أن يدفعوا الثمن من دماء أبنائهم وأرواحهم، نيابة عن العالم كله، مشيرا إلى أن «الدولة ستتخذ إجراءات حاسمة في هذه الفترة في مواجهة هذه الحرب القذرة»، وأنه «لا مهادنة مع أعداء الأديان وخائني الأوطان»، مشددا على أنه «سيتم الضرب بيد من حديد على كل من يحاول تعطيل مسيرة الوطن وطموحات أبنائه في دولة وطنية تراعي المصالح العليا لأبناء شعبها».

كما عقد محلب اجتماعا أمس مع الفريق أول صدقي صبحي القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، لبحث الأوضاع الأمنية والإجراءات التي ستتخذ خلال الفترة المقبلة لمواجهة الإرهاب.