تونسيات.. من متفوقات في الجامعات إلى خبيرات بالأسلحة والمتفجرات

التنظيمات المتشددة لجأت إلى تكتيك جديد في استقطابها الكفاءات

عناصر من الأمن التونسي يقومون بتمشيط جبال الشعانبي حيث يختبئ الإرهابيون أول من أمس (رويترز)
TT

خرجت زوجة أحد الإرهابيين بكل جرأة وأطلقت وابلا من الرصاص على قوات الأمن التي حاصرت المنزل الذي تحصنت فيه مجموعة إرهابية لأكثر من 28 ساعة غرب العاصمة التونسية، وأظهرت براعة لافتة للانتباه في إتقانها استعمال السلاح والرماية الدقيقة، بينما كان زوجها مختبئا داخل مطبخ المنزل المحاصر.

واستعملت امرأة أخرى ضمن المجموعة المتهمة بالإرهاب ابنها درعا بشرية ولم تأبه لأمر الأمومة، وانطلقت في تصويب سلاح الكلاشنيكوف في اتجاه الأمنيين.

هذه الصور ليست الأولى من نوعها التي تعلن عنها وزارة الداخلية التونسية بشأن تونسيات يهاجمن قوات الأمن، ويتضح أنهن يتقن استعمال الأسلحة المتطورة على غرار الكلاشنيكوف والقنابل اليدوية والتعامل مع المتفجرات، فقد سبق أن واجهت إحدى التونسيات في شهر يناير (كانون الثاني) 2013 قوات الأمن في حي دوار هيشر الواقع غرب العاصمة والقريب من وادي الليل، لتصبح هذه الوقائع بمثابة الظواهر الاجتماعية والنفسية التي تتطلب التشخيص والبحث عن أسبابها الدفينة. ولعل ما لفت الانتباه في العملية الأمنية التي جرت أحداثها في وادي الليل غرب العاصمة، أن النساء يتفوقن لأول مرة على عدد الرجال؛ إذ قضت قوات الأمن التونسية على 5 نساء وقبضت على أخرى، ولم يقتل في عملية الاقتحام سوى إرهابي واحد.

وفي قراءة لهذه الهيكلة الجديدة للمجموعات الإرهابية، قال إعلية العلاني، الخبير التونسي المختص في الجماعات المتشددة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأحداث الأخيرة سواء في تونس أو في الخارج (تنظيم داعش مثالا)، أظهرت غياب التفرقة الكبيرة بين الجنسين في استعمال الأسلحة والتدرب على صناعة المتفجرات والتعامل مع مختلف الأوضاع الأمنية»، ولا شك أن العناصر الإرهابية تتقن السيطرة القوية على عقول المنتدبات الجديدات ضمن المجموعات الإرهابية، وهو أمر بات ملحوظا، على حد قوله، وما تغيير مسار حياتهن بذاك الشكل إلا دليلا على انغماس المرأة بدورها في عالم الإرهاب.

ويضيف العلاني: «علينا الانتباه جيدا وقراءة تركيبة المجموعات الإرهابية من الداخل والاطلاع على هيكلتها، فهي مركبة في الغالب من نساء ورجال، وإن لم يكن هناك عناصر نسائية، فإن جهاد النكاح قد يحل الإشكال».

ولعل عامل السن (أقل من 22 سنة) في حالة الفتيات التونسيات، يؤكد سهولة السيطرة على عقول الفتيات، وتقديم الوعود بالجنة للمنتمين للتنظيمات المتشددة، وإظهار بقية المجتمع في حالة كفر؛ وهو ما يزرع بذرة مقاومة السلطة داخل تلك المجموعات.

وتواصلا مع هذا الرأي، أظهرت التحقيقات الأمنية الأولية أن التونسيات المشاركات في المواجهات المسلحة التي جدت وسط الأسبوع الماضي، كن متفوقات في الدراسة وتحولن في لحظات معدودة إلى عالم الإرهاب والجريمة، ومن بين الفتيات شقيقتان من ولاية توزر(جنوبي تونس)؛ إذ إن إحداهما نجحت في امتحان الباكالوريا (الثانوية العامة) بمعدل 19 من 20، وواصلت دراسة الهندسة في إحدى المؤسسات الجامعية قبل أن تتعرف على أحد أنصار الأفكار المتشددة، فتتغير حياتها وتنتقل من طالبة متفوقة لتصبح الدراسة بالنسبة لها كفرا، وتقتنع بضرورة مقاومة الظلم والاستبداد المجسد في السلطة القائمة. وأثرت هذه الطالبة على شقيقتها لتنقطع بدورها عن الدراسة وتنضم للخلية الإرهابية. كما أن طالبة أخرى اختفت من منزل والديها في مدينة العالية (60 كلم شمال العاصمة التونسية) لتظهر بعد أسبوع واحد ضمن المجموعة الإرهابية، وتقضي نحبها في المواجهات، وهو ما طرح أسئلة حول سهولة استقطاب الفتيات ضمن المجموعات المتشددة.

ومن خلال التحقيقات الأمنية، يبدو أن عدة طالبات في الجامعة التونسية ذهبن ضحية استقطاب زميلتهن فاطمة الزواغي التي كانت تقطن بدوار هيشر القريب من وادي الليل، والزواغي كانت مكلفة بالجناح الإعلامي لتنظيم أنصار الشريعة المحظور، وهي مكلفة باستقطاب الشباب؛ إناثا وذكورا.