المرأة التونسية..حضور قوي في الانتخابات

حاضرة في كل مكان والأحزاب تطلب ودها

TT

ازدحم شارع الحبيب بورقيبة، الشارع الرئيس بالعاصمة التونسية، مساء أول أمس الجمعة بالناس، بعد أن توافد عليه الآلاف من المواطنين خاصة من أنصار الأحزاب السياسية التي اختارت أن تختم حملتها للانتخابات التشريعية التي تجري اليوم الأحد في تونس، ومن بينها خاصة حركة النهضة الإسلامية، والاتحاد من أجل تونس (ائتلاف لأحزاب يسارية) والجبهة الشعبية (تحالف لأحزاب يسارية وقومية عربية). وبدا لافتا أن عددا كبيرا من هؤلاء الوافدين على الشارع هم من النساء.

ولا يعد ذلك استثناء.. فقد كان حضور المرأة بشكل عام في الحراك السياسي الذي تعيشه تونس في السنوات الأخيرة قويا ومؤثرا. أما بالنسبة للانتخابات التي ستجرى اليوم فيمكن القول إن المرأة التونسية حاضرة في كل مكان وفي كل المواقع لتلعب كل الأدوار التي تتطلبها الانتخابات في جانبها السياسي أو جانبها التنظيمي.

ولا يزال التونسيون يحتفظون بصور عديدة من انتخابات 2011 خاصة عن الطوابير الطويلة أمام مكاتب الاقتراع والتي كان فيها حضور المرأة التونسية بارزا منذ الساعات الأولى للصباح، وتواصل أحيانا وقتا طويلا تخلت فيه المرأة التونسية عن «مهامها التقليدية المألوفة»، وتفرغت بشكل رئيس للانتخابات.. والأرجح أن يعاد هذا السيناريو اليوم في انتخابات 2014 وأن تسجل المرأة التونسية حضورا قويا من بين من سيقومون بالتصويت.

في محل لبيع الأسماك بسوق مدينة أريانة قرب العاصمة تونس قالت «نعيمة برهومي»، موظفة بشركة اتصالات، لـ«الشرق الأوسط»: «سأنهض غدا باكرا لأتوجه لمركز الاقتراع، وفي حالة إتمامي للتصويت بسرعة أعتزم زيارة مراكز أخرى قريبة من سكناي في منطقة المنزه لأعاين عن كثب مدى المشاركة والأجواء العامة». وإذا كانت «نعيمة» ستخصص كامل اليوم الأحد للانتخابات، وذلك لمجرد المواكبة وحب الإطلاع، فإن عددا كبيرا آخر من النساء التونسيات ستكون لهن اليوم في ما له علاقة بالانتخابات مهام رسمية أو «نضالية سياسية في هذا اليوم التاريخي»، على حد قول إحداهن.

فخلال الحملة الانتخابية التي تواصلت على مدى ثلاثة أسابيع وقبل ذلك أيضا اعتمدت كل الأحزاب السياسية من اليمين ومن اليسار ومن كل الطيف السياسي التونسي على المرأة بشكل أساسي. وكانت المرأة عنصرا نشيطا جدا في الحملة الانتخابية، لبست ألوان الحزب أو القائمة التي تمثلها أو تناصرها، وقامت بتعليق المعلقات، وجابت الأحياء ودخلت المقاهي والفضاءات العامة لتوزيع المطبوعات وللحديث مع الناخبين والناخبات لإقناعهم بالمشاركة في الانتخابات وبالتصويت للقائمة التي تمثلها. والأهم من ذلك فإن المرأة التونسية تمثل نحو نصف عدد المترشحين لهذه الانتخابات التشريعية، فبحكم القانون الانتخابي التونسي فإن حضور المرأة في القوائم الانتخابية يكون وجوبا مناصفة مع الرجل. لكن عددا قليلا من النساء حظين بترؤس القائمات، وهذا يقلل من حظوظ الكثيرات منهن لدخول مجلس نواب الشعب، لأن فرصة دخول المجلس تبقى بالأساس وبحكم نظام الاقتراع المعتمد في تونس من نصيب رئيس القائمة بالدرجة الأولى.

أما على جبهة المجتمع المدني فقد نظمت العديد من الجمعيات في الأيام الأخيرة ملتقيات عديدة لحث المرأة على المشاركة الواسعة في الانتخابات، وقبل ذلك لحثها على التسجيل في القوائم الانتخابية. وكانت الهيئة المستقلة العليا للانتخابات عرضة لعديد من الانتقادات، لأنها حسب بعض هذه الجمعيات لم تقم بالجهد الكافي للوصول إلى النساء في المناطق الريفية خاصة. وفي هذا الإطار نظمت جمعية تونسية تعنى بالناخبات التونسيات مطلع الأسبوع ندوة حول الانتخابات، وانتقد المشرفون على الندوة وجود 300 ألف امرأة تونسية دون بطاقة تعريف وطنية وهو ما منعهن من التسجيل على قوائم الناخبين وبالتالي حرماهن من التصويت، علما بأن المرأة التونسية حصلت على حق الانتخاب منذ 1956.

ويبقى الأهم بالتأكيد صوت المرأة التونسية الذي تسعى الأحزاب السياسية إلى الفوز به.. وقد عملت كل الأحزاب في برامجها أو حملتها الانتخابية على طلب ود المرأة و«مغازلتها» من خلال الإثناء على دورها في المجتمع والتعهد بحماية حقوقها ومزيد دعم هذه الحقوق، والتأكيد أيضا على حق المرأة التونسية في تقلد كل مناصب المسؤولية مهما علا شأنها.. فكيف ستتفاعل المرأة الناخبة مع هذه الوعود، ولمن ستعطي صوتها؟