ليبيا: حرب بالطائرات بين مدن الزنتان ومصراتة

الجيش الليبي لـ («الشرق الأوسط») : أحكمنا السيطرة نظريا على كامل بنغازي.. وللبرلمان حرية الانتقال من طبرق

ليبيون بجانب حطام عربية بعد المواجهات التي حدثت في منطقة بنينة في بنغازي أمس (رويترز)
TT

في تطور نوعي لافت للانتباه، دخلت ليبيا أمس للمرة الأولى بشكل رسمي مرحلة الحرب بين المدن، حيث قصفت طائرات حربية تابعة لقوات ما يسمى بعملية فجر ليبيا مواقع عسكرية للزنتان على بعد 170 كيلومتر جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس، فيما أبلغ العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم هيئة أركان الجيش الليبي «الشرق الأوسط» أن الجيش الليبي أحكم سيطرته نظريا على كامل أحياء مدينة بنغازي في شرق البلاد، رغم استمرار المعارك ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة.

وأعلن الجيش الليبي عن صدور أوامر من رئيس الأركان العامة اللواء عبد الرزاق الناظوري لطائرات سلاح الجو الليبي بقصف مواقع ميليشيات فجر ليبيا في المنطقة الغربية، لدعم الجيش الليبي على الأرض وإنهاء ما وصفه بالمهزلة وعودة سيطرة الدولة على المؤسسات الحكومية.

وطبقا لما أعلنه مصدر عسكري، فإن قوات فجر ليبيا أحكمت سيطرتها على منطقة الرابطة والطريق الرابط بين ككلة غريان، حيث نقلت وكالة الأنباء المحلية عن الناطق باسم درع ليبيا القوة الرابعة عبد الجليل حفيظ قوله إن عناصر تابعة لما يعرف بجيش القبائل تسللت إلى تلك المنطقة في وقت سابق لمحاولة قطع الطريق بين غريان وككلة لمنع وصول الإمدادات العسكرية ونقل الجرحى والمصابين إلى مستشفى غريان.

وأضاف: «إن القوة الوطنية المتحركة والثوار من مختلف المدن يساندون ثوار ككلة، وإن معارك شرسة ما زالت مستمرة ضد جيش القبائل في الجبهة الغربية والجنوبية من مدينة ككلة».

وأكد مسؤول أمنى في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» صحة هذه المعلومات، وقال إنه تم أمس رد جيش القبائل عن منطقة الرابطة وفك الحصار عن ككلة والقلعة.

وأضاف المسؤول، الذي رفض الإفصاح عن اسمه في تصريحات خاصة عبر الهاتف: «لا يوجد جيش وطني على تخوم طرابلس، كلها جيوش قبلية مناطقية على رأسها بعض القادة العسكريين، الوضع في طرابلس مستتب 100 في المائة، هدوء، أمن، أمان، نافيا وجود أي تحركات أو مظاهر مسلحة.

وتابع: «الوضع في العاصمة طبيعي جدا، والكل يعرف مكانه ومؤمن جهته بشكل كبير، لا نتوقع انتقال ما يجرى في بنغازي والمنطقة الشرقية إلى هنا».

إلى ذلك، قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات فجر ليبيا التي تضم ميلشيات مسلحة من مصراتة وحلفائها من الجماعات المتشددة، قصفت صباح أمس مخازن ذخيرة للزنتان بمنطقة القواليش، فيما أعلنت غرفة عمليات ثوار ليبيا أن خمسة انفجارات هزت جنوب قرية الزنتان وسط تصاعد دخان كثيف.

وقال مصدر عسكري محسوب على فجر ليبيا لـ«الشرق الأوسط»: «نعم الطيران الحربي الذي شن هذه الغارة الجوية هو موالٍ لفجر ليبيا، هناك من ثلاث لخمس طائرات»، مشيرا إلى أنه تم سحب طائرتين أو طائرة واحدة كانت في مطار معيتيقة لمصراتة وكان العمل جاريا على صيانتها في مصراتة. وتوقع المصدر الذي اشترط حجب هويته لحساسية وضعه العسكري أن يرد مقاتلو الزنتان على هذه الغارة بعمل عسكري وشيك، وقال: «بالطبع لأنهم لن يصمتوا ولن يقفوا مكتوفي الأيدي». في المقابل كشف المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا في بيان له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، النقاب عن أن قوات فجر ليبيا قامت طيلة الأيام الماضية بإعطاء إحداثيات كل أماكن تمركز العصابات التابعة للمجلس العسكري الزنتان وخطوط إمدادها وأماكن هبوط الطائرات التي تزودهم بالذخائر من مجلس برلمان الخونة.

لكنه طلب في المقابل التريث بخصوص نشر الأخبار المتداولة بخصوص القصف الجوي الذي تعرضت له مخازن ذخيرة بمدينة الزنتان ومهبط الطيران، مضيفا: «إلى حد هذه اللحظات لم تأتنا تأكيدات من غرفة عمليات فجر ليبيا للقوات الجوية بخصوص الاستهداف وتنفيذ طلعات جوية، وعليه يبقى الخبر بالنسبة لنا معلقا حتى تأكيده رسميا، على الرغم من ورود أخبار من غرفة عمليات الجبل بمشاهدة ألسنة دخان متصاعد من بعض المناطق».

يشار إلى أن مقاتلي الزنتان ومصراتة كانوا رفاق سلاح وخلال الحملة التي ساندها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) عام 2011 للإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي، لكن سرعان ما دبت يبينهم الخلافات حول السلطة وحولوا مناطق من العاصمة طرابلس إلى ساحة حرب اعتبارا من شهر يوليو (تموز) الماضي.

وفى بنغازي بشرق ليبيا، أكد العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم هيئة أركان الجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط» أنه من الناحية النظرية قد يكون الجيش الليبي قد أحكم سيطرته على كامل بنغازي إلا حي الليثي، مشيرا إلى أن هناك اشتباكات أخرى في منطقة القوارشة وسط ما وصفه بعمليات تطهير واقتحام. وأوضح المسماري أن الاشتباكات كانت مستمرة أمس داخل أحياء مدينة بنغازي وتحديدا في حي الصابري بشمال المدينة، وهو من الأحياء القديمة وبالقرب من قلب المدينة. وتابع: «الآن هناك اشتباكات من هذا المحور وتقدم للجيش بشكل بطيء لأن الحي يشهد كثافة سكنية كبيرة جدا وأغلب المباني فيه عبارات عن عمارات وهناك جيوب للإرهابيين».

وأضاف: «حي الليثي هو الحي الجنوبي ويضم مجموعات كبيرة للإرهابيين وهو قد يكون آخر معقلهم وسيكون آخر الأحياء التي سيتم تحريرها، هناك تقدم من المحور الجنوبي محور الإسمنت، وهناك تمشيط وتنظيف الأراضي المحررة في حي بوعطني» وقلل المسماري من حجم خسائر الجيش خلال هذه المعارك، وقال: «ليست هناك معلومات دقيقة عن عدد الضحايا لكن لم يصل إلا عدد قليل من المصابين وتم نقلهم إلى مستشفى المرج».

وحول إمكانية انتقال مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا مؤقتا له، إلى بنغازي بعد إعلان تحريرها بالكامل من قبضة المتطرفين، قال المسماري لـ«الشرق الأوسط»: «مهمتنا كجيش هي تأمين بنغازي بشكل كامل، باعتبارها العاصمة الاقتصادية وتضم السوقين الصناعية والتجارية».

وتابع: «مهمتنا تأمين كل المدينة، والبرلمان جزء من مؤسسات الدولة وبالتالي لأعضاء البرلمان حرية الانتقال إلى بنغازي بناء على قرار من البرلمان ونحن مهمتنا الحماية فقط».

وكان وفد يضم خمسة من أعضاء مجلس النواب قد انتقل جوا أمس من مدينة طبرق إلى مطار بنينا في مدينة بنغازي، في زيارة هي الأولى من نوعها من بدء العمليات العسكرية الأخيرة للجيش الليبي هناك ضد ميلشيات تنظيم أنصار الشريعة وما يسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي.

وقال مصدر مطلع في المجلس لـ«الشرق الأوسط»: «بنغازي هي المقر الرسمي للبرلمان وإلى أن تهدأ الأمور سينتقل البرلمان إلى هناك»، مشيرا إلى أن زيارة الأعضاء الخمسة من البرلمان تستهدف التأكيد على سيطرة الجيش على مطار بنينا ومدينة بنغازي.