انتخابات أوكرانيا اليوم تفتح الباب أمام صراعات جديدة

«كتلة الرئيس» الأوفر حظا.. وحزب قومي متشدد مرشح لتبوؤ المركز الثاني

موظفة في إحدى اللجان الانتخابية تتفقد في كييف أمس الوضع فيها (أ.ف.ب)
TT

وسط توقعات بفوز «كتلة الرئيس» الأوكراني بيترو بوروشينكو بغالبية مقاعد مجلس «الرادا»، في أول انتخابات برلمانية تجرى في البلاد بعد الإطاحة بالرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش في فبراير (شباط) الماضي، يتوافد الناخبون الأوكرانيون اليوم في كل أقاليم ومقاطعات البلاد عدا منطقتي لوغانسك ودونيتسك اللتين أعلنتا استقلالهما من جانب واحد، وشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، وذلك بهدف انتخاب أعضاء برلمانهم الجديد (450 معقدا).

ومن المقرر أن تجرى هذه الانتخابات بموجب 50 في المائة حسب القوائم الحزبية، والنصف الآخر بموجب النظام الفردي. وبهذا الصدد أشار زعماء «جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك» إلى رفضهما المشاركة في هذه الانتخابات، وحددوا 2 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل موعدا لإجراء انتخاباتهما الداخلية.

وكان الرئيس بوروشينكو أعلن عن حل البرلمان السابق، وإجراء انتخابات مبكرة وسط أجواء عاصفة تشهد اشتعال المواجهات العسكرية مع الانفصاليين في لوغانسك ودونيتسك جنوب شرقي البلاد من جانب، واحتدام الخلافات بين مختلف القوى السياسية في بقية أرجاء أوكرانيا من جانب آخر. وتؤكد الشواهد أن إعلان بوروشينكو عن هذه الانتخابات المبكرة يستهدف تعزيز مواقعه على رأس السلطة التنفيذية من خلال قاعدة تشريعية تكفل له استصدار ما يدعم نظامه خلال الفترة المقبلة استعدادا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي وقع معه اتفاق الشراكة الذي سبق ورفض سلفه فيكتور يانوكوفيتش توقيعه نهاية العام الماضي وكان في صدارة الأسباب الذي أطاحت بنظامه.

ومن المعروف أن خريطة الأحزاب السياسية الخمسة التي سبق أن شكلت البرلمان السابق كانت تغيرت بعد انفراط عقد بعضها، بما يتسق مع التغييرات العاصفة التي شهدتها أوكرانيا منذ الإطاحة بيانوكوفيتش. ففيما أعلن حزب «أودار» بزعامة فيتالي كليتشكو عن انحيازه إلى الرئيس بوروشينكو وتشكيل ما يسمى اليوم بـ«كتلة الرئيس» التي تتوقع استطلاعات الرأي فوزها بما بين 30 إلى 35 في المائة من الأصوات، أعلن رئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك، إثر انشقاقه عن حزب «باتكفشينا» (الوطن) الذي تتزعمه يوليا تيموشينكو «أميرة الثورة البرتقالية»، عن تشكيل ما يسمى اليوم بـ«الجبهة الشعبية» التي انضم إليها الكسندر تورتشينوف رئيس البرلمان الحالي، وعدد من قادة التشكيلات المسلحة التي تخوض الحرب في جنوب شرقي أوكرانيا، وتتوقع استطلاعات الرأي فوزها بنسبة تقترب من 10 في المائة، لتخوض المنافسة على الفوز بالمركز الثالث مع حزب «باتكفشينا» بزعامة تيموشينكو الذي تقول الأرقام باحتمال فوزه بما بين 7 إلى 8 في المائة من الأصوات. أما المركز الثاني في الانتخابات فتتوقع الاستطلاعات أن يفوز به الحزب المتشدد القومي الراديكالي أوليغ لياشكو، مفاجأة الانتخابات الرئاسية الماضية، بنسبة تتراوح بين 10 و13 في المائة، وإن كان هناك من يتوقع أن تكون «الجبهة الشعبية» بزعامة ياتسينيوك من أشد منافسيه.

وبينما أعلن «حزب الأقاليم» الحاكم السابق «عن عدم خوضه لهذه الانتخابات وتبعثر نوابه بين مختلف الأقاليم والمقاطعات وما ظهر فيها من تشكيلات حزبية جديدة، ظهرت رموز المعارضة ومنها نواب «الأقاليم» و«الشيوعي الأوكراني» للإعلان عن تشكيل ما يسمى بـ«كتلة المعارضة» بزعامة يورى بويكو، وتضم ستة من الأحزاب الصغيرة منها «حزب القانون والنظام»، و«حزب التنمية»، و«حزب المركز»، و«حزب السياسة الجديدة»، و«حزب أوكرانيا العاملة»، و«أوكرانيا إلى الأمام». ومن المتوقع أن تفوز هذه الكتلة بما يزيد قليلا خمسة - ستة في المائة متقدمة عن حزب «أوكرانيا القوية» بزعامة سيرغي تيغيبكو المتوقع ألا تتعدى نسبة ناخبيه أكثر من 3 في المائة، أي ما يعني احتمالات عدم دخوله البرلمان لعدم تجاوز حاجز الخمسة في المائة المقررة كحد أدنى حسب الدستور الأوكراني. وبهذه المناسبة يتوقف المراقبون عند احتمالات عدم تجاوز عدد من أشهر رموز المعارضة الراديكالية لحاجز 5 في المائة مثل حزب «سفوبودا» (الحرية) بزعامة أوليغ تياغنيبوك، وحزب «القطاع الأيمن»، وعدد آخر من الأحزاب مثل «المعونة الذاتية»، و«الحزب الشيوعي الأوكراني».

وكان رئيس ديوان الكرملين سيرغي إيفانوف، أعلن في حديث له مع المشاركين في «منتدى فالداي» نهاية الأسبوع الماضي، أن روسيا ستعترف بالانتخابات البرلمانية الأوكرانية الحالية.

وثمة من يقول في أوكرانيا وخارجها إن نتائج الانتخابات البرلمانية الأوكرانية لا بد أن تحدد ملامح مستقبل أوكرانيا خلال الفترة القريبة المقبلة، في الوقت الذي يتوقع فيه كثيرون أن تكون هذه النتائج من أهم العناصر المدعوة إلى تسريع عملية الإطاحة بالرئيس الحالي بوروشينكو والإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة، رغم يقين الكثير من المراقبين تجاه احتمالات تشكيل «كتلة الرئيس» مع رفاق مسيرته من «الجبهة الشعبية» برئاسة ياتسينيوك رئيس الحكومة للغالبية المرتقبة في البرلمان الجديد.

وتقف الحرب في جنوب شرق أوكرانيا في صدارة التحديات التي تظل تعترض مسيرة الرئيس بوروشينكو وأنصاره. ورغم إجماع الآراء على أن قرار السلطات الأوكرانية الجديدة يظل خارج حدود أوكرانيا ويتعلق إلى حد كبير بالإرادة والتوجهات الأميركية، فإن روسيا تظل القاسم المشترك للحلول التي تنشدها أوكرانيا للكثير من مشاكلها السياسية والاقتصادية بما في ذلك القضايا المتعلقة بمستقبل جنوب شرقي أوكرانيا، إلى جانب مسألة الغاز.

وكانت روسيا أعلنت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف أن موسكو لن ترضخ لأي ضغوط من جانب الغرب لتنفيذ أي شروط أو معايير على غير وفاق مع كل ما سبق وتوصلت إليه من اتفاقات في جنيف وبرلين وكذلك اتفاقات مينسك حول وقف إطلاق النار، ومنح جنوب شرقي أوكرانيا للوضعية الخاصة التي نصت عليها هذه الاتفاقات الموقعة في سبتمبر (أيلول) الماضي بموجب ما طرحه الرئيسان بوتين وبوروشينكو وبدء الحوار الشامل. أما عن القرم وموقف الغرب من شبه الجزيرة فقال لافروف إنه لا يعير رأي الغرب أهمية، شأنه في ذلك شأن ما يتعلق بآرائه في أي قضايا تخص السياسة الداخلية الروسية».