قيادات في الحزب الحاكم في جنوب السودان تنتقد اتفاق رئيس الدولة مع زعيم المتمردين

طالبت بضرورة محاسبة المتورطين في الحرب وتقديمهم إلى العدالة

TT

أعربت قيادات في حزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان عن تحفظاتها من الاتفاق الذي وقعه رئيس الدولة مع زعيم المتمردين، رياك مشار، في أروشا التنزانية حول إعلان المبادئ لرسم خريطة طريق لوحدة حزب الحركة الشعبية الحاكم، وعدت القيادات ضرورة إعمال المحاسبة لمن تورطوا في الحرب بدلا من الحديث عن المسؤولية وحدها.

وقال القيادي في حزب الحركة الشعبية الحاكم وعضو برلمان جنوب السودان، إن «ما تم التوقيع عليه في أروشا التنزانية بين الرئيس سلفا كير ميارديت، وزعيم المتمردين رياك، يمثل خريطة لوضع مبادئ للحوار داخل الحزب»، مشيرا إلى أن «الاتفاق نص على أن الأطراف تتحمل مسؤولية الحرب التي حدثت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي»، لكنه قال: «بدلا من تحمل المسؤولية وحدها كان يجب أن يتم النص صراحة على المحاسبة لكي يضع الآمال أمام الشعب بأن أي شخص قد تورط في الحرب سيقدم إلى العدالة، وأن جميع قيادات الحركة على استعداد للمحاسبة»، وأضاف أنه «في غياب مبدأ المحاسبة قد لا يجد هذا الاتفاق تأييدا لأن الآلاف قتلوا في الحرب، إلى جانب الملايين الذين تشردوا وفقدوا ممتلكاتهم».

وانتقد قرنق طرح قضية وحدة الحزب في الاتفاق، بيد أنه قال إن «الوحدة تعني بالنسبة لهذه القيادات العودة إلى المناصب التنفيذية التي أبعدوا عنها، وتقاسما جديدا للسلطة»، وقال في هذا الصدد: «الوحدة داخل حزب الحركة الشعبية لن تتحقق، وما تم في أروشا هو تفاهمات بين عدد من القيادات وتكتلات للعودة إلى مناصب تم إبعاد بعضهم عنها»، وتساءل قائلا: «كيف ستواجه هذه القيادات الجماهير بعد عمليات القتل وتحريض الشعب بعضه ضد بعض؟ وما هو مستقبل الميليشيات التابعة لرياك مشار؟ وإذا كنت في مكان المتمردين لاخترت اسما جديدا بدلا من (الحركة الشعبية)، وأن أعمل على وقف الحرب»، وأضاف موضحا: «الحركة الشعبية أصبحت ماركة مسجلة، ولأنها حركة ثورية ولها تاريخ طويل، فإن عددا من القيادات يسعى لأن يلصق الاسم بها، وحتى لو انشقت بحزب جديد، فإنها تضع اسم (الحركة الشعبية) في الحزب الجديد».

من جانبه، قال قيادي بارز في حزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان، طلب حجب اسمه، إن «معظم الإخفاقات داخل حزبه كانت وراءها القيادات الحالية»، وأضاف موضحا: «الأمين العام المُقال باقان أموم، مثلا، لم يقم بواجباته في تحمل الأمانة العامة وأهمل عمله القيادي»، مشيرا إلى أن هناك تخوفات مبطنة داخل صفوف الحزب، خصوصا القيادات الوسطى والصف الثاني»، وقال في هذا الشأن: «يرى البعض أن اتفاق أروشا محاولة لتأجيل الخلافات بين قيادات الحركة، ولكنه ليس حلا ناجعا وجذريا للمشكلة، وإنما ترميم جزئي لا يمثل اتفاق حسن نوايا.. ورياك مشار يسعى لأن يقوم سلفا كير بتقديمه إلى شعب جنوب السودان باعتباره خليفة له دون سند من القيادة السياسية، وأن يصبح مرشح الرئاسة القادم».

وشدد القيادي ذاته، على ضرورة وضع ضمانات لعدم تكرار أحداث ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وعد أن ما تم في اجتماع أروشا تأكيد للهيمنة والمحاصصة المناطقية والعرقية، وفرض لرغبات شخصية، وليست رؤية حزبية وفكرية عميقة، وقال: «الحزب الحاكم سيصير حكرا على قبيلتي الدينكا التي ينحدر منها الرئيس سلفا كير، والنوير التي ينتمي إليها منافسه رياك مشار»، وطالب بعدم تجاهل محاسبة القيادات المتورطة، سواء في الحكومة أو في صفوف المتمردين.

وكان رئيس جنوب السودان رئيس حزب الحركة الشعبية الحاكم سلفا كير ميارديت، قد وقع الأسبوع الماضي مع رياك مشار، نائبه السابق وزعيم المتمردين في مدينة أروشا التنزانية، اتفاق إعلان مبادئ لحل الأزمة داخل الحزب، وقد اعترف المسؤولان عن مسؤوليتهما في الحرب التي اندلعت في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، التي راح ضحيتها أكثر من 10 آلاف مواطن، إلى جانب مليون ونصف المليون نازح، وقد فشلت وساطة الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (الإيقاد) طوال الـ10 أشهر الماضية في تحقيق السلام في الدولة التي استقلت حديثا.

وينتظر أن تعقد (الإيقاد) قمة رئاسية، الأربعاء المقبل، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تزامنا مع استئناف المحادثات بين أطراف النزاع بعد غد، كما يتوقع أن يتم توقيع اتفاق لإنهاء الحرب، وقد أعلن مسؤول رفيع في الوساطة، الأسبوع الماضي، عن حدوث اختراق كبير في عملية السلام.