الحوار الأطلسي في مراكش يدعو إلى رد شامل على التهديدات التي يواجهها العالم

500 شخصية من 60 بلدا يبحثون قضايا الأمن والتنمية والتعاون بين ضفتي المحيط

TT

اختلف المشاركون في الدورة الثالثة لمنتدى الحوار الأطلسي، الذي احتضنته مدينة مراكش المغربية، حول ترتيب الأولويات، بيد أنهم يتفقون في تحديد الإشكاليات الكبرى التي تواجه العالم، والتي حددوها في الأمن والتهديدات الإرهابية والفقر، وانتشار وباء «إيبولا»، والهجرة وتجارة المخدرات والأسلحة والبشر، والتغيرات المناخية، والديمقراطية، ومطالب الشباب ومكافحة الفساد.

كما اتفق المشاركون في المنتدى، الذي ينظم في مراكش تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، على ضرورة إيجاد حل شمولي للمشاكل والتحديات التي يواجهها العالم، غير أن آراءهم تباينت أيضا حول الجهة المرشحة لتصدر قيادة المبادرات الدولية، هل الأمم المتحدة، أو مجموعة الـ20، أو أميركا، أو البلدان الصاعدة، أم هيئة مشتركة.

وقال يوسف العمراني، المكلف مهمة في الديوان الملكي المغربي، في افتتاح المنتدى مساء أول من أمس: «لا يمكن لأي بلد بمفرده اليوم أن يدعي امتلاك الحلول والأجوبة عن التحديات الكبرى التي تواجهها المنطقة الأطلسية». ويرى العمراني أن الأمن والاستقرار يجب أن يتصدرا الأولويات، لأنه «من دون أمن لا يمكن الحديث عن التجارة والتنمية والاستثمارات والتشغيل ومكافحة الفقر». وأشار العمراني إلى تنوع التهديدات الأمنية الجديدة التي تواجه الضفة الأطلسية لأفريقيا وتداخلها، واتخاذها لأبعاد تتجاوز النطاق الإقليمي.

وذكر العمراني على رأس هذه التهديدات «الإرهاب والتطرف الذي يعصف بالعديد من دول المنطقة، والقرصنة التي تضعف سواحلها، خاصة في محيط خليج غينيا، وتهريب المخدرات الذي يضعف عدة دول بأفريقيا الغربية، وتهريب السلاح والبشر الذي ينخر منطقة الساحل ويصدر إلى أبواب بلدان الشمال، وأخيرا (إيبولا) الذي لم يجر التصدي له بشكل كافٍ وفي الوقت المناسب داخل موطنه الأصلي، والذي تحول إلى خطر عالمي».

وقال إن هذه التهديدات الشمولية التي تتشاطرها الدول على ضفتي الأطلسي أصبحت تتطلب إيجاد أدوات جديدة لمواجهتها على مستوى شمولي، من خلال حلول مشتركة. وأوصى العمراني بضرورة بحث هذه الحلول في إطار شراكات استراتيجية بين ضفتي الأطلسي، على المستويات البشرية والاقتصادية والأمنية، بهدف إتاحة الفرصة لبروز عصر جديد من الازدهار والتنمية المشتركة في المنطقة الأطلسية يعطي الأولوية للأبعاد الإنسانية للتنمية، على أساس توفير التعليم والعمل والصحة للسكان.

من جهتها، ترى لورا شنشيلا الرئيسة السابقة لكوستاريكا أن أبرز التحديات التي تواجه المنطقة الأطلسية تتصدرها التغيرات المناخية، التي تكلف البلدان الساحلية 5 في المائة من الإنتاج الداخلي الخام في السنة، والتي تهدد باختفاء مجموعة من البلدان الصغيرة. كما ترى شنشيلا ضرورة إيلاء أهمية خاصة لظاهرة الهجرة، التي تهدد بإفراغ بعض البلدان، خاصة الأفريقية من مواردها البشرية.

ويرى أولوسيغون أوباسانجو، الرئيس السابق لنيجيريا، أن على الدول الغربية مساعدة أفريقيا لكي تصبح قادرة على مواجهة مشاكلها، مشيرا إلى الدور الذي لعبه تدخل المجموعة الاقتصادية لدول أفريقيا في إنقاذ ليبيريا وسيراليون. وقال بهذا الخصوص: «سيراليون كانت دولة شبه فاشلة، وتمكنا من جعلها تقف على رجليها. لذلك علينا أن نكون أقوياء كأفارقة قبل أن نفكر في اللجوء إلى الآخرين».

وأضاف أن الأمور في أفريقيا بدأت تتحسن، مشيرا إلى أن كلمة الديمقراطية أصبحت شائعة ومعروفة فيها، بينما كانت غير معروفة تماما في 40 بلدا أفريقيا قبل 20 عاما. وأضاف أن النظام الأساسي للاتحاد الأفريقي أصبح ينص على عدم الإفلات من العقاب، بخلاف منظمة الوحدة الأفريقية التي كانت تعتبر ما يجري في كل بلد أفريقي شأنا داخليا. وقال إن الدول الأفريقية دخلت مرحلة جديدة من التعاون فيما بينها ومع باقي العالم.

وأضاف أوباسانجو أن أفريقيا تحتاج إلى ضمان الشغل والكرامة لأبنائها وحمايتهم من الفقر والآفات المرتبطة به، مشيرا إلى أن سبب ظهور تنظيم بوكو حرام الإرهابي هو أساسا الفقر وضعف تنمية مناطق شمال نيجيريا، التي تعد مهد التنظيم، والاضطهاد الذي عاناه سكان تلك المنطقة من الحكومة العسكرية.

وقال في هذا الصدد: «هناك كراهية وبغض كبيرين، ومشكلة أخلاقية عويصة في شمال البلاد، وكل هذا أدى إلى تقوية (بوكو حرام)، التي أصبحت اليوم تقلق وتهدد الأمن الإقليمي والعالمي».

ويشارك في المنتدى، الذي ينظم من طرف مركز الدراسات السياسية التابع للمجمع الشريف للفوسفات بالمغرب، ومؤسسة «جرمان مارشال فاوند» الأميركية من 24 إلى 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، نحو 500 شخصية من 60 بلدا، ضمنهم رؤساء دول وحكومات سابقون وخبراء وأصحاب قرار. كما يحضر المنتدى 60 شابا جرى انتقاؤهم من 28 بلدا للمشاركة وربط علاقات فيما بينهم.

وقال كريم العيناوي، مدير عام مركز الدراسات السياسية للمجمع الشريف للفوسفات: «إن هدف المنتدى هو مد جسور التواصل والحوار بين ضفتي الأطلسي، وإشراك نخبة من الشباب يهدف إلى وضع ما نقوم به في إطار الاستمرارية على المدى الطويل».