المفوضية الأوروبية تعتبر اختبارات البنوك الأوروبية خطوة مهمة نحو الاتحاد المصرفي

العملية تهدف إلى التعرف على مدى قدرة البنوك على التعامل مع السيناريوهات الكارثية

TT

رحبت المفوضية الأوروبية ببروكسل بنتائج اختبارات التحمل للبنوك التي جرت على مستوى الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الماضية، وتضمنت تقييما شاملا من جانب المصرف المركزي الأوروبي. وقالت المفوضية في بيان أمس: «إنه منذ بداية الأزمة المالية، جرى إدخال تحسينات رئيسة في الإطار التنظيمي ومستوى ونوعية رأس المال، مما عزز بشكل كبير قدرة البنوك الأوروبية، وأظهرت نتائج اختبارات التحمل والتقييم الشامل وجود رقابة شديدة لم تشهدها البنوك في أي وقت مضى، ويعتبر هذا الاتجاه الإيجابي خطوة مهمة نحو آلية الإشراف الموحد الذي يعد عنصرا أساسيا للاتحاد المصرفي». وأضافت أن هذه الاختبارات التي لم يسبق لها مثيل في أي مكان في العالم من حيث الحجم والصرامة توفر مستوى عاليا من الشفافية في الميزانية العمومية للبنوك، وتعرض البيانات اعتبارا من نهاية 2013، وتسمح بتحديد وتعويض أي مناطق ضعف متبقية: «وتعتبر هذه الأمور، جزءا لا يتجزأ من جهود واضعي السياسات، لبناء قطاع مصرفي قوي ومستقر في الاتحاد الأوروبي، وكذلك تمهد الطريق لإجراءات تصحيحية، وتأخذ في الاعتبار الجودة العالية التي أظهرتها البنوك منذ يناير (كانون الثاني) 2014». وحددت الاختبارات صافي النقص في رأس المال، والجهات المختصة ذات الصلة، بما في ذلك المصرف المركزي باعتباره المشرف على الاتحاد المصرفي، واعتبارا من الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) سيكون المسؤول عن تحديد واتخاذ أي إجراء رقابي، وإجراءات المتابعة الصارمة في الوقت المناسب، وقال بيان المفوضية إن الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي لديه إصرار على النجاح في هذه العملية، من أجل استعادة كامل الثقة في البنوك الأوروبية حتى تستطيع أن تقدم قروضا بأسعار مقبولة للاقتصاد الحقيقي وبشكل خاص للأسر والشركات الصغيرة والمتوسطة، كما تؤكد المفوضية أن إجراءات المتابعة تتماشى مع القوانين الأوروبية، وأن الأولوية هي ضمان استيفاء أي نقص في رأس المال. كما أشار البيان إلى أن نتائج اختبارات البنوك والتقييم الشامل توفر الطمأنينة للمستثمرين حول نوعية الميزانيات العمومية للبنوك، وسيتبع ذلك يقظة مستمرة وعمل صارم من جميع الجهات الرقابية المختصة، بدعم كامل من المفوضية الأوروبية، وسيلعب المصرف المركزي الأوروبي الدور الحاسم باعتباره المشرف الوحيد على الاتحاد المصرفي الأوروبي.

ويذكر أنه في تصريحات سابقة أشار جيروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو إلى أن اختبارات التحمل في عام 2014 في الدول الأعضاء تهدف إلى التعرف على مدى قدرة البنوك على التعامل مع السيناريوهات الكارثية، ولمح رئيس مجموعة اليورو إلى أن اختبارات التحمل التي أجريت من قبل لم تكن صارمة بالدرجة الكافية، واختبارات 2014 أكثر صرامة، وستكون سمعة البنك المركزي الأوروبي على المحك في هذا الصدد، وأن المسؤولين في المركزي الأوروبي يدركون جيدا أنه بعد إجراء هذه الاختبارات فإن سقوط أي بنك جديد قد يسيء إلى سمعة المركزي الأوروبي من حيث مدى ثقة المستثمرين في الإشراف الأوروبي على هذا الأمر.

يأتي ذلك فيما اعتمدت المفوضية الأوروبية ببروكسل، قبل يومين، القواعد التفصيلية لمساهمات البنوك في آلية القرار الموحد، في إطار الاتحاد البنكي، التي اقترحها المجلس الأوروبي في وقت سابق. وقال نائب رئيس المفوضية والمكلف ملف الأسواق الداخلية ميشيل بارنييه، إنه في إطار مواجهة الأزمة المالية، عملت المفوضية على تحسين النظام المالي، بحيث تعمل البنوك على حل مشاكلها دون أن يتحمل دافعو الضرائب هذا العبء، وفي إطار قواعد تفصيلية وضمن آلية صندوق القرار الموحد، وبتمويل من القطاع المصرفي، وأضاف أنها خطوة مهمة تجعل هذا الأمر حقيقة واقعة، وأضاف أنها خطوة مهمة، كما أنه نهج عادل، وسوف تسهم البنوك بما يتناسب مع حجم المخاطر ومكانتها، كما أن هذه القواعد الجديدة تمهد الطريق أمام الإطار التشغيلي لآلية القرار الموحد التي تعتبر عنصرا أساسيا في الاتحاد المصرفي.

واعتماد المفوضية الأوروبية للقواعد التفصيلية يأتي تلبية لتكليف من البرلمان الأوروبي لتحديد منهجية مساهمات البنوك من أجل تلبية المستويات المستهدفة في صندوق آلية القرار. واعتبارا من 18 أغسطس (آب) الماضي دخلت الآلية الجديدة للقرار الموحد في الاتحاد المصرفي الأوروبي، حيز التنفيذ، بعد أيام قليلة من إعلان المفوضية ببروكسل أنها تبنت تقارير تتعلق باستعراض النظام الأوروبي للرقابة المالية. وتتضمن التقارير نتائج مراجعة سير العمل في الإدارة الإشرافية الجديدة التي وضعت في 2011 بوصفها جزءا من الإصلاحات الشاملة في إطار الاستجابة للأزمة المالية التي عرفتها الدول الأوروبية في عام 2008. وفي مطلع أغسطس نشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي النص الخاص بإنشاء آلية قرار موحدة للاتحاد المصرفي الأوروبي، وقالت المفوضية إن نشر نص آلية القرار الموحد يأتي بعد عام من مقترح حول هذا الصدد تقدم به الجهاز التنفيذي للتكتل الأوروبي الموحد، ويتضمن نص آلية القرار الموحد القواعد الجديدة المحددة لجميع الدول الأعضاء الـ28، ووضع حد للنموذج القديم من عمليات إنقاذ البنوك التي كانت تكلف دافعي الضرائب مئات المليارات من اليوروات، ولكن الآلية الجديدة تسمح باتخاذ القرار في الوقت المناسب والفعال عبر الحدود والبنوك المحلية، وخلال عطلة نهاية الأسبوع إذا لزم الأمر.

وقالت المفوضية الأوروبية إن الآلية الجديدة دخلت حيز التنفيذ، وسيتم تطبيق الأحكام المتعلقة بالتعاون في آلية القرار الموحد من جانب السلطات المحلية لإعداد خطط القرارات الخاصة بالبنوك اعتبارا من مطلع عام 2015، على أن تعمل آلية القرار الموحد بكامل طاقتها مع مطلع يناير من عام 2016. واختتمت المفوضية الأوروبية بالقول إن نشر نص آلية القرار الموحد يساهم في جعل الاتحاد المصرفي الأوروبي حقيقة واقعة. وفي منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي تبنى مجلس الاتحاد الأوروبي ببروكسل قواعد إنشاء آلية قرار موحد لإدارة البنوك، تضمن اتخاذ القرار بطريقة منسقة وفعالة بمشاركة الدول الأعضاء، والتقليل من الآثار السلبية على الاستقرار المالي وإنقاذ البنوك دون اللجوء إلى أموال دافعي الضرائب. وستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يناير المقبل في دول منطقة اليورو الـ18 إلى جانب الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد التي تريد طواعية المشاركة في هذا الصدد.

وحسب بيان صدر ببروكسل، قالت الرئاسة الإيطالية الدورية الحالية للاتحاد: «لقد وضعنا دعامة مهمة أخرى من الاتحاد المصرفي الأوروبي التي سوف تساهم في الحفاظ على سوق واحدة، وأيضا الرخاء لجميع المواطنين في الاتحاد الأوروبي بعد أن تضرروا بشكل كبير من الأزمة المالية العالمية، وفي يناير الماضي اقترحت المفوضية الأوروبية قواعد جديدة لمنع انخراط البنوك في الأنشطة محفوفة المخاطر، وتعطي لسلطة الإشراف على البنوك الصلاحية لفصل بعض الأنشطة التجارية التي قد تنطوي على مخاطر وتهدد الاستقرار المالي لتلك المؤسسات، وتحظر تداول الملكية في الصكوك المالية، واعتمدت المفوضية التدابير المصاحبة التي تهدف إلى زيادة الشفافية في معاملات معينة في القطاع المصرفي، وهي إجراءات تأتي استكمالا للإصلاحات الشاملة لتعزيز القطاع المالي في الاتحاد الأوروبي. ووقتها قال المفوض الأوروبي المكلف بالأسواق الداخلية والخدمات ميشيل بارنييه: (إن مقترحات المفوضية هي التروس النهائية في عجلة استكمال الإصلاح التنظيمي للنظام المصرفي الأوروبي، وتتناول خطوات لتجنب وقوع بعض المصارف الكبرى في الفشل، وبالتالي تحتاج إلى أموال طائلة لإنقاذها)، وجاءت المقترحات بهدف تعزيز الاستقرار المالي وضمان حقوق دافعي الضرائب، ولتوفر الإطار الأوروبي المشترك واللازم لضمان أن لا تؤدي الحلول الوطنية المتباينة إلى خلق تصدع في الاتحاد المصرفي أو تقويض أداء سوق موحدة».

وأشار بيان أوروبي في مطلع العام الحالي إلى أنه جرى التدقيق في المقترحات لضمان التوازن الدقيق بين الاستقرار المالي وتهيئة الظروف المناسبة للإقراض الاقتصادي الحقيقي: «ولهذا أهمية خاصة بالنسبة للقدرة التنافسية والنمو». وأشار البيان إلى أنه منذ بداية الأزمة المالية عرفت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي انقلابا جذريا في التنظيم المصرفي والرقابة، وجرى إدخال إصلاحات للحد من الفشل المحتمل للبنوك، وخلق ظروف أكثر أمنا، ونظاما ماليا أكثر شفافية، والعمل من أجل المصلحة للاقتصاد والمجتمع ككل، وفي هذا الصدد فقد تم اعتماد قواعد جديدة بشأن متطلبات رأس المال، لزيادة مرونة البنوك والحد من تأثيرات أي فشل محتمل لتلك المؤسسات المالية. وتوصل مسؤولو البرلمان الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي إلى اتفاق بشأن قواعد الشفافية الخاصة بالآلية الجديدة للإشراف على المصارف التي سيتم إنشاؤها العام المقبل، والتي ستتولى الإشراف على نشاط كبرى المصارف الـ150 في منطقة اليورو.