فنان عراقي يفضل كوخه الطيني للرسم والحياة

في تجربة جديدة وبعيدا عن صخب المدينة

حسين الركابي في مرسمه .. ومع حضور حفل افتتاح معرضه الشخصي
TT

بعيدا عن مركز مدينته وأهله، وسحر معارض العواصم العربية، ومن بينها العاصمة بغداد، فضل الفنان التشكيلي العراقي حسين الركابي السكن في كوخ صغير بناه بنفسه من الطين، ووفر كل مستلزماته كي يكون محرابه في عشق ريشته وألوانه وإنتاج لوحات فنية جديدة، في خطوة عدها الكثيرون من أصدقائه ومعارفه مفاجئة، وهو يرفض العيش حتى في العاصمة العراقية بغداد، بعد أن تتلمذ في أكاديمياتها سنوات طويلة.

الركابي بدا سعيدا وهو ينشغل «بتأثيث عزلته» في كوخه الطيني البعيد عن صخب المدينة ودمارها (كما يقول)، وبعد سنوات طويلة جرّب فيها ألوان الحياة وصخبها في مدينته والعاصمة بغداد خلال فترة دراسته الأكاديمية فيها، إضافة إلى بقية العواصم العربية التي زارها، وهي الخطوة التي فاجأت أصدقاءه والمقربين منه.

وخلال حفل افتتاح معرضه الشخصي الجديد في كوخه المتواضع في أقاصي مدينته الناصرية، والذي شهد حضورا متميزا من الفنانين والمتحمسين للاطلاع على تجربته، أكد الركابي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «حلم بناء الكوخ راودني منذ زمن طويل، ووجدت المكان مناسبا في قرية يطلق عليها (قرية الحسينات) بعيدا عن مركز المدينة بنحو نصف ساعة». وأضاف «أحب العزلة والوحدة، فلهما الفضل في التأمل وقضاء وقت أطول للعمل وكسب طاقة إيجابية جديدة».

ولعل أكثر ما يميز كوخ الركابي هو اقترابه من الشكل المعروف للكوخ حتى في مواد البناء البسيطة من أوتاد الخشب والطين وسقفه المنحني وبدائية كل موجوداته، وافتقاره لكل وسائل الرفاهية والحداثة، لكنه وبحسب كلام الركابي يمثل له «مرسما ومعبدا وغاليري، ومعرضا دائما للفنون حتى نهاية حياته وربما بعد مماته». الركابي أكد في حديثه أن كوخه تحول إلى محطة لقاء وحوار مع أصدقائه المقربين وزملاء جمعهم تعب المدنية وصخبها وافتقاد الطبيعة التي هي الحافز الأهم للإبداع الفني.

ويقول الدكتور شفيق المهدي، مدير عام دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة، خلال افتتاحه معرض الكوخ «إن تجربة الركابي فريدة ومهمة في آن واحد، فكوخه الطيني لمس فينا حضارة الطين المتمثلة بجنوب العراق وحضارة سومر القديمة التي هي أصل الإبداع والفنون». وأكد أن التجربة لا بد لها من النجاح، وهي تجمع كل مقوماتها بأعمال فنية خالفت الشائع وتعمقت بدواخل النفس البشرية، وهي رسالة للجميع لأجل دعم الحياة الثقافية المدنية كحركة تنويرية وسط ركاب الحروب والعنف السائد ببلاد الرافدين. وسبق أن أقام الركابي 7 معارض شخصية بين 1996 و2013، توزعت في العراق والأردن والمغرب، وجمعت بين التميز والاختلاف.