القتال يتجدد في بحنين.. والجيش اللبناني يضبط 3 سيارات مفخخة وعبوات ناسفة

مصادر عسكرية لـ («الشرق الأوسط»): مجموعات مسلحة تحضر لعمل أمني كبير

TT

تجدد القتال بين مسلحين متشددين والجيش اللبناني في تلال بلدة بحنين، في شمال لبنان، أمس، بعدما أحكم الأخير سيطرته على المراكز الأمنية التابعة للإسلامي المتشدد خالد حبلص، وواصل ملاحقة المسلحين المتشددين في المنطقة الواقعة في محافظة عكار (شمال لبنان)، حيث ضبطت وحداته 3 سيارات مفخخة، و50 عبوة ناسفة معدة للتفجير، بموازاة الاشتباكات في مدينة طرابلس.

وأكدت مصادر عسكرية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش اللبناني «أحبط مخططا كبيرا لهز الاستقرار في لبنان»، من خلال عمليات عسكرية نوعية نفذها في الشمال استهدفت مجموعات متشددة. وقالت المصادر إن المجموعات التي ينفذ الجيش اللبناني عمليات ضدها «كانت تحضر لعمل أمني كبير»، مشددة على أن المضبوطات التي ضبطت بحوزتهم في الشمال «لا تشير إلى أن التحضيرات كانت بريئة». ولم تكشف المصادر عن أهداف «المجموعات الإرهابية في الشمال» التي يشتبك معها الجيش اللبناني، مؤكدة أن «التحقيقات لم تصل بعد إلى هذا العمق»، مشيرة إلى أن «ملاحقة المسلحين لا تزال مستمرة».

وكانت معارك بحنين التي تتبع قضاء «الضنية» شمال طرابلس بدأت بعدما أفشل الجيش، في عملية «نوعية وسريعة»، محاولة خطف 5 عسكريين في حافلة نقل ركاب صغيرة في منطقة المنية الواقعة على بعد 10 كيلومترات شمال مدينة طرابلس، على يد مجموعة مسلحة متشددة، بموازاة اندلاع المعارك في طرابلس أول من أمس.

وجاءت محاولة اختطاف العسكريين بعد ساعات قليلة من اندلاع المعارك في الأحياء القديمة في مدينة طرابلس التي استعاد الجيش اللبناني أمس السيطرة عليها، لكنها انتقلت إلى احياء أخرى. وقالت المصادر العسكرية إن المجموعات «نزلت إلى ساحة في مدينة طرابلس (مساء الجمعة) لتتمركز علنا قبل أن تصل وحدات الجيش إلى المكان، مما دفعهم إلى إطلاق النار باتجاه الجيش والاشتباك مع وحداته، مما يشير إلى مخطط ما كان يسعى له المسلحون».

وواصلت وحدات الجيش اللبناني أمس عملياتها في طرابلس وفي بحنين. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، أمس، أنها تابعت «عمليات الدهم والتفتيش وملاحقة المسلحين في منطقة بحنين، حيث ضبطت سيارة مفخخة ثالثة ومخزنا يحتوي على كميات من الأسلحة والذخائر والأعتدة العسكرية، إضافة إلى 50 عبوة ناسفة مجهزة للتفجير».

وجاءت تلك العمليات بعد أن سيطرت وحدات الجيش على جامعة الشرق ومدرسة السلام اللتين كانت مجموعات مسلحة تتلقى أوامرها من حبلص تتحصن فيهما. وأوقف الجيش مجموعة تابعة لحبلص، الذي فر مع بعض المسلحين إلى البساتين. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن الجيش اللبناني «قصف المربع الأمني لحبلص بالمروحيات»، مشيرة إلى أن أعمدة الدخان تصاعدت منه. ولم يكن حبلص معروفا قبل هذه المعارك بين أسماء القيادات الإسلاميين في شمال لبنان، رغم أن نبرته «لطالما كانت متشددة كثيرا»، كما قالت مصادر محلية بارزة في طرابلس لـ«الشرق الأوسط»: «فضلا عن أنه عمل في الفترة الأخيرة على التحريض ضد الجيش اللبناني». ولفتت المصادر إلى أن حبلص «لم يكن قياديا لمجموعة مسلحة، بل كان لديه مناصرون وأتباع يؤيدون آراءه، حتى إنه كان يهاجم قيادات دينية إسلامية في المدينة».

وبرز حبلص كشيخ متشدد، في اعتصام نظمه للمطالبة بالإفراج عن الموقوفين الإسلاميين، وارتفعت نبرته ضد الجيش بعد معارك عرسال (شرق لبنان) مطلع أغسطس (آب) الماضي. وظهرت المجموعة العسكرية لحبلص بعد استهداف الجيش اللبناني في الأسواق القديمة في طرابلس، أول من أمس، ودعوة تنظيم «جبهة النصرة» لـ«مناصرة المقاتلين في طرابلس»، وهم المقاتلون الذين ينتمي قسم منهم إلى تنظيمات متشددة مثل «داعش» و«النصرة». إزاء ذلك «تحركت مجموعات لحبلص في منطقة المنية»، كما قالت المصادر، وحاولت خطف 5 عناصر من الجيش، لكن وحداته أفشلت المحاولة، وسيطر الجيش على مربعه الأمني ومراكز يلجأ إليها مناصرون له، قبل أن يفر بعض هؤلاء إلى التلال وينفذوا كمينا ضد دورية للجيش.

وواصل الجيش أمس ملاحقة المجموعات الفارة، واشتبكت وحداته بعد الظهر مع مسلحين متشددين، بادروا إلى إطلاق النار على وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة، قبل أن يرد الأخير على مصادر النيران. وتجددت الاشتباكات في تلال بلدة بحنين التي فرّ إليها المسلحون المتشددون، واستهدفوا إحدى دورياته في المنطقة، مما أسفر عن وقوع إصابات في صفوف الوحدات العسكرية.

وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الجيش اللبناني «واصل مطاردة المسلحين في ضهور بحنين - بيت عجاج - الريحانية وصولا إلى معمل إنتاج الكهرباء على نهر البارد، مستخدما الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية»، مؤكدة أنه «أوقع قتلى وجرحى في صفوف المسلحين ويعمل على تعقب الباقين». وكان الجيش نفذ فجر أمس عملية نوعية في مدرسة السلام، بحسب ما أعلنت قيادته في بيان صادر عن مديرية التوجيه، أكدت خلاله أن قوة من الجيش هاجمت فجرا «مجموعة إرهابية مسلحة كانت متحصنة في مدرسة السلام - بحنين، حيث أوقعت عددا من الإصابات في صفوف عناصرها، وأوقفت عددا آخر منهم، فيما لاذ الباقون بالفرار، مخلفين وراءهم كميات من الأسلحة والذخائر المتنوعة، كما ضبطت في محيط المدرسة سيارتين نوع (رابيد) و(مرسيدس) مفخختين بكميات من المتفجرات والقذائف الصاروخية».

إضافة إلى ذلك، دخل الجيش مسجد هارون في منطقة المنية، وأحكم السيطرة عليه، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية «الوطنية للإعلام»، مشيرة إلى أن مدينة المنية «أصبحت تحت سيطرة الجيش بالكامل، وقد ألقى الجيش القبض على عدد من المسلحين».

وقطع مجهولون الأوتوستراد الدولي الذي يربط طرابلس بالمنية أمام المجمع التربوي في البداوي، قبل أن تتوجه على الفور دورية من الجيش مطلقة النار في الهواء، واتخذ عناصر هذه الدورية مواقع قتالية في عدة نقاط تحسبا لأي طارئ، كما أفادت «الوكالة الوطنية».