القاهرة تسعى لتوسيع اختصاصات القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين في قضايا «الإرهاب»

نجيب جبرائيل لـ («الشرق الأوسط») : إجراء استثنائي بات ملحا.. ولا يتعارض مع حقوق الإنسان

TT

تسعي القاهرة خلال الفترة المقبلة لتوسيع اختصاصات القضاء العسكري في مصر لمحاكمة المدنيين المتورطين في قضايا الإرهاب، بعد الهجمات التي وقعت أحدثها في محافظة شمال سيناء الجمعة الماضي، وأودت بحياة العشرات من جنود الجيش عندما تم استهداف كمين «كرم القواديس» ما بين الشيخ زويد ورفح، وأعلنت الحكومة المصرية الليلة قبل الماضية، أنها وافقت على «تقديم مشروع بتعديل قانون القضاء العسكري، لإضافة - ضمن اختصاصاته - قضايا الإرهاب التي تهدد سلامة وأمن البلاد، والتي تتعلق بالاعتداء على منشآت وأفراد القوات المسلحة والشرطة والمرافق والممتلكات العامة وإتلاف وقطع الطرق».

وعلى صعيد متصل، أصدر الرئيس السيسي قرارا بتفويض رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب في اختصاصات رئيس الدولة المنصوص عليها في القانون بشأن حالة الطوارئ، نظرا للظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بها محافظة شمال سيناء.

وتأتي هذه الإجراءات الحكومية استجابة لمطالب سياسيين وقوى مدنية ووطنية بضرورة وجود محاكمات عسكرية للمدنيين الذين توجه لهم اتهامات بشأن تلك الهجمات حتى إن استهدفت مدنيين أو منشآت مدنية. في حين قال نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحاكم العسكرية إجراء استثنائي هدفه السرعة في إصدار الأحكام القضائية»، لافتا إلى أنها لا تتعارض مع حقوق الإنسان التي تنادي في الأصل بالحفاظ على الروح البشرية.

ويختص القضاء العسكري بمحاكمة المدنيين في القضايا المتصلة بهجمات أو اعتداءات على المنشآت العسكرية وأفراد الجيش بمن فيهم العاملون في منشآت مدنية مملوكة للجيش.

وقالت مصادر في مجلس الوزراء المصري لـ«الشرق الأوسط» إنه «إذا وافق الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يتولى سلطة التشريع لحين انتخاب برلمان جديد، على التعديلات، سوف يصبح التعديل القانوني نافذا، وسيتم نشره في الجريدة الرسمية بعدها، ومن ثم أي جريمة ستقع بعد إصداره ستخضع فورا للقضاء العسكري بكافة أحكامه».

ويقول المطالبون بتوسيع اختصاصات القضاء العسكري إن نظر القضايا المتصلة بأمن البلاد أمام القضاء المدني يستغرق وقتا طويلا، الأمر الذي يجعله غير رادع. ويقول البرلماني السابق مصطفى بكري بعد حادث سيناء الإرهابي، إنه «لا بد من إحالة كافة القضايا التي تضمنت اعتداءات على منشآت عسكرية وعسكريين إلى المحاكم العسكرية فورا». وأكد بكري عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «الشعب مل وضج من جرائم عصابات الإخوان الإرهابية وتابعيهم.. ولو كانت هناك قوانين رادعه والتعامل بمنطق العين بالعين لما تجرأ القتلة وارتكبوا هذه الأفعال الإرهابية التي تدفع البلاد ثمنها من دم أبنائها الشرفاء».

لكن هناك سياسيين وناشطين ينتقدون محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، قائلين إن «القضاة العسكريين ليسوا القضاة الطبيعيين للمتهمين المدنيين».

من جانبه، قال نجيب جبرائيل، المحامي والناشط الحقوقي، إن «المحاكم العسكرية إجراء استثنائي على غير ما اعتاد عليه القضاء المصري». وتابع بقوله: «لكن في ظل الظروف التي تمر بها مصر الآن، بات الأمر ضرورة ملحة في أن يتخذ مثل هذا التعديل، لا سيما وأن القصد منه هو الحكم السريع في قضايا الإرهاب بعد أن أصبح الخطر يحيط بمصر»، لافتا إلى أن هناك غضبا شعبيا من البطء في أحكام القضاء، وأن هذا الإجراء استجابة لمطالب المصريين.

وأضاف جبرائيل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «القضاء العسكري يطبق نفس القوانين التي تطبق في القضاء العادي، من حيث قانون الإجراءات الجنائية والعقوبات، وإجراءات التقاضي. لكن الفرق بينهما في السرعة والإنجاز فقط»، لافتا إلى أن الميزة في القضاء العسكري أنه متفرغ ويتخذ إجراءات سريعة في القضايا التي ينظرها.

وحول ما إذا كانت المحاكم العسكرية سوف تتعارض مع حقوق الإنسان، كما يردد البعض، قال جبرائيل: «أعتقد أن المحاكم العسكرية سوف لا تشمل قضايا الحريات»، مضيفا: «ربما تعترض بعض منظمات حقوق الإنسان، وفي ذلك الوقت سوف تكون لها أجندات خاصة، لأن حقوق الإنسان ترفض أن ترتكب مثل هذه الأعمال ضد الإنسان، وتقضي بأن يأمن الإنسان على حياته».

لكن الناشط الحقوقي جبرائيل أكد أن مصر ليست وحدها هي من تطبق هذا الإجراء، وإن كان تحت أسماء أخرى للمحاكم الاستثنائية، فسبق أن طبقته الولايات المتحدة الأميركية في أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، واستخدمت مثل هذه الإجراءات الاحترازية لحفظ أمنها، وإنجلترا كذلك، فكل دولة ترى طرقا وإجراءات تتخذها في هذا الشأن لحماية أمنها. وتمني جبرائيل أن يكون القانون لفترة محددة وألا يطول.

ويشار إلى أن آخر حكم صدر ضد مدنيين من محكمة عسكرية كان قبل 5 أيام، حينما قضت محكمة عسكرية بإعدام سبعة أشخاص يشتبه في أنهم أعضاء بجماعة أنصار بيت المقدس، أخطر تنظيم متشدد في مصر، لاتهامهم بالضلوع في قتل ضابطين من خبراء المفرقعات بالقوات المسلحة أثناء الهجوم على مخبأ كان يستخدمه أشخاص يشتبه في أنهم متشددون بقرية (عرب شركس) بمحافظة القليوبية شمال القاهرة في مارس (آذار) الماضي.