التونسيون انتخبوا 217 نائبا من بين 1237 قائمة انتخابية.. و«النهضة» و«نداء تونس» الأوفر حظا للفوز

ناخبون يحتجون ضد تجاوز المرزوقي لطابور المنتظرين ويطالبونه بالرحيل.. ويرد: «أنا عائد إليكم»

تونسيون يرفعون سباباتهم بعد ادلائهم بأصواتهم (أ ف ب)
TT

توجه التونسيون أمس إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية في الوقت الذي أصبح فيه تطبيق نظام ديمقراطي كامل قريب المنال بعد نحو 4 سنوات من الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.

ويعد حزب النهضة الإسلامي المعتدل وحزب نداء تونس العلماني المنافس له الحزبين الأوفر حظا للفوز بمعظم المقاعد في انتخابات أمس، والتي تمثل ثاني انتخابات حرة تجري في تونس منذ فرار بن علي خارج البلاد، حسب ما ذكرت وكالة «رويترز».

ويسود تونس وضع أفضل من جيرانها الذين أطاحوا أيضا بحكام استمروا في السلطة فترة طويلة خلال انتفاضات الربيع العربي، وتجنبت إلى حد كبير الاستقطاب والفوضى اللذين شهدتهما تلك الدول المجاورة على الرغم من مواجهتها توترات مماثلة بشأن الإسلاميين في مواجهة حكم أكثر علمانية. وبينما هيمن دور الإسلام في السياسة على الانتخابات الأولى التي جرت في 2011 فإن الوظائف والفرص الاقتصادية وصراع تونس مع المتشددين الإسلاميين هي الآن القضايا الرئيسة التي تشغل بلدا يعتمد بشكل كبير على السياحة الأجنبية. إلا أن العدد الكبير من الأحزاب التي تنافست في انتخابات أمس، من الحركات الإسلامية المحافظة إلى الاشتراكيين، يعني أن تشكيل حكومة ائتلافية النتيجة المحتملة. وسيختار البرلمان المؤلف من 217 عضوا رئيس وزراء جديدا.

وبدا الإقبال في الساعات الأولى في 6 مراكز اقتراع بأنحاء تونس منتظما ومنظما ولم ترد سوى بضع شكاوى من ناخبين مسجلين لم يجدوا أسماءهم في كشوف الناخبين. وقالت السلطات الانتخابية إنه «من إجمالي أكثر من 12 ألف مركز اقتراع في أنحاء البلاد ظلت 5 مراكز فقط مغلقة لأسباب أمنية في القصرين حيث تشن القوات التونسية حملة على إسلاميين متشددين قرب الحدود مع الجزائر».

وفاز حزب النهضة بمعظم المقاعد في انتخابات عام 2011 وقاد ائتلافا قبل أن تجبره أزمة بشأن حكمه، وقتل زعيمين علمانيين، إلى إبرام اتفاق للتخلي عن السلطة لرئيس وزراء مؤقت.

ويقول زعماء النهضة الذين واجهوا انتقادات بسبب سوء الإدارة الاقتصادية، وتراخي التعامل مع الإسلاميين المتشددين إنهم «تعلموا من أخطائهم في السنوات الأولى بعد الثورة». ولكن حزب نداء تونس الذي يضم بعض الأعضاء السابقين في نظام ابن علي يعتبر نفسه من التكنوقراط العصريين القادرين على إدارة التحديات الاقتصادية والأمنية بعد الفترة المضطربة من الحكم الذي كان يقوده الإسلاميون.

ومن بين الأحزاب العلمانية الأخرى التي تبحث عن مكان في البرلمان الجديد بعض الأحزاب التي يقودها مسؤولون سابقون في نظام بن علي يصورون أنفسهم على أنهم تكنوقراط لم يلوثهم الفساد وانتهاكات نظامه.

وتعكس عودتهم شكل الحل الوسط والتوافق اللذين ساعدا تونس على تفادي المواجهات التي شهدتها ليبيا ومصر حيث تحولت الخلافات بشأن دور الإسلاميين ومسؤولي النظام السابق إلى أعمال عنف.

ويعني هذا التوافق بالإضافة إلى تطبيق نظام التمثيل النسبي في الانتخابات أن الطرفين الرئيسيين سيسعيان إلى إبرام اتفاقات مع شركاء أصغر لتشكيل أغلبية في البرلمان ولعب دور أقوى في تشكيل الحكومة الجديدة. ويبلغ عدد الناخبين التونسيين المسجلين 5 ملايين و285 ألفا و136 بينهم 359 ألفا و530 يقيمون في دول أجنبية، بحسب إحصائيات الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات.

وخلافا لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي كلف صياغة الدستور الجديد التي أجريت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وتمكن الناخبون من التصويت فيها ببطاقة إثبات الهوية، لا يحق هذه المرة التصويت لغير المسجلين ضمن سجلات الاقتراع.

وتتنافس في الانتخابات التشريعية ليوم أمس 1327 قائمة (1230 قائمة في الداخل و97 في الخارج) موزعة على 33 دائرة انتخابية (27 في الداخل و6 في الخارج) بحسب هيئة الانتخابات.

وتضم القوائم الانتخابية أسماء نحو 13 ألف مرشح «على أساس مبدأ (المناصفة) بين النساء والرجال، وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة» الواحدة، وفق القانون الانتخابي.

وسينبثق عن الانتخابات «مجلس نواب الشعب» الذي سيمارس السلطة التشريعية لمدة 5 سنوات. ويضم المجلس 217 نائبا بينهم 199 عن 27 دائرة انتخابية في الداخل و18 نائبا عن 6 دوائر في الخارج.

وبحسب القانون الانتخابي، يتعين على هيئة الانتخابات أن تعلن «النتائج الأولية» للانتخابات التشريعية في فترة أقصاها الأيام الـ3 التي تلي الاقتراع والانتهاء من الفرز.

ويبدأ فرز الأصوات «فور انتهاء عمليات التصويت» ويجري بشكل «علني» وبحضور «المراقبين» الأجانب والمحليين وممثلي القوائم (المشاركة) في الانتخابات التشريعية وفق القانون نفسه. ويتعين أن تعلن هيئة الانتخابات النتائج النهائية خلال فترة 48 ساعة من آخر حكم صادر عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بخصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الأولية. واستبعدت القوى السياسية الكبرى حصول حزب بمفرده على الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة لأن النظام الانتخابي النسبي المعتمد يسهل وصول الأحزاب الصغيرة. وأدلى الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي بصوته في مركز اقتراع بمنتجع القنطاوي السياحي في مدينة سوسة (120 كم جنوب شرق العاصمة) صباح أمس لكن بمجرد وصوله أطلق ناخبون صيحات «ارحل» بوجهه.

واحتج ناخبون ضد تجاوز المرزوقي لطابور المنتظرين ودخوله مباشرة إلى مكتب الاقتراع. ورد الرئيس المؤقت على المحتجين «أنا عائد إليكم»، في إشارة إلى استمراره في المنصب بعد الانتخابات الرئاسية المرشح لها. وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة لوكالة الصحافة الفرنسية خلال وقوفه في طابور للناخبين أمام مركز اقتراع جنوب العاصمة تونس «التونسيون يصنعون اليوم لأنفسهم تاريخا جديدا ويصنعون للعرب تاريخا جديدا مع الديمقراطية، ويبرهنون أن الذين فجروا ثورة الربيع العربي متمسكون بالوصول بها إلى غايتها في إنتاج نظام ديمقراطي حديث».