الطبقة الوسطى تحدد نتائج انتخابات الرئاسة البرازيلية

الرئيسة روسيف تطمح إلى ولاية جديدة مع منافسة شديدة من نيفيس

TT

فتحت أبواب مراكز الاقتراع صباح أمس في البرازيل للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي تتنافس فيها الرئيسة المنتهية ولايتها ديلما روسيف التي تسجل تقدما طفيفا مقابل المرشح الحزب الاجتماعي الديمقراطي إيسيو نيفيس. وشهدت البرازيل منافسة شديدة بين رئيسة يسارية تحظى بدعم قوي بين الفقراء وسيناتور ينتمي لتيار الوسط يعد بسياسات مؤيدة لقطاع الأعمال لتحريك الاقتصاد الراكد.

ومنحت استطلاعات الرأي تقدما بسيطا للرئيسة ديلما روسيف التي تسعى للفوز بفترة ثانية مدتها 4 سنوات. ويهيمن حزب العمال الذي تنتمي إليه على السلطة في البلاد منذ 12 عاما، واستغل طفرة اقتصادية لتوسيع برامج الرعاية الاجتماعية وانتشال أكثر من 40 مليون شخص من براثن الفقر. وديلما روسيف كانت المقاومة السابقة التي تعرضت للتعذيب إبان الديكتاتورية العسكرية والملقبة بـ«المرأة الحديدية» لحزمها وطاقتها الكبيرة على العمل، خرجت من ظل مرشدها الرئيس السابق لولا لتخلفه، وأصبحت أول امرأة تتولى رئاسة البرازيل. وفي سن 66 عاما تترشح روسيف لولاية ثانية في الدورة الثانية من الاقتراع التي جرت أمس الأحد، بعد حصولها في الدورة الأولى على 41.59 في المائة من الأصوات.

وروسيف التي تشبه بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، معروفة بصلابة مواقفها بما يتناقض مع مرشدها الرئيس السابق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا العامل النقابي الذي أصبح رئيسا (2003 - 2010) والمعروف ببساطته وقربه من الناس.

وقالت في الأول من يناير (كانون الثاني) 2011 عند تسلمها الوشاح الرئاسي من لولا: «أنا سعيدة، ولم أشعر بذلك إلا نادرا في حياتي، للفرصة التي أعطاني إياها التاريخ بأن أكون أول امرأة تترأس البرازيل».

وكانت روسيف وزيرة للمناجم والطاقة في حكومة لولا، وشغلت هذا المنصب بين عامي 2002 و2005، ثم وزيرة من عام 2005 حتى 2010، وترأست حينذاك مجلس إدارة عملاق النفط بتروبراس.

وقبل فوزها في الولاية الرئاسية الأولى، لم تكن روسيف قد خاضت أي انتخابات في السابق، وكانت شبه مجهولة بالنسبة للبرازيليين.

وقالت روسيف في يونيو (حزيران) حين أعلن حزبها حزب العمال ترشيحها رسميا للانتخابات الرئاسية: «بعد هذا الرجل العظيم لولا، ستتولى حكم البرازيل امرأة، ستواصل البرازيل على نهج لولا».

وروسيف معروفة بحزمها وصرامتها وأيضا بتقريعها علنا الوزراء.

وقالت مازحة أثناء مقابلة مع الصحافيين: «أنا في حكومة وفي بلد لا يتحمل فيه أي رجل وزر مواقفه. أنا المرأة الفظة الوحيدة في البرازيل ومحاطة برجال لبقين».

وفي عام 2005 هزت فضيحة تمويل مواز للحملة الانتخابية لحزب العمال قيادة الحزب وأجبرت كبار مسؤوليه في الحكومة على الاستقالة. وهو ما جعل روسيف التي كانت وزيرة للطاقة تتولى ثاني أهم المناصب في الحكومة.

وفي بداية 1980 ساهمت في إعادة تأسيس الحزب الديمقراطي العمالي، يسار شعبوي، بزعامة ليونيل بريزولا قبل انضمامها إلى حزب العمال في 1986.

ولإدراكها أن الفوز بالانتخابات يمر أيضا عبر التلفزيون، فقد خضعت لعدة عمليات جراحة تجميلية. وبدت إثرها أكثر نضارة، وتخلت عن نظاراتها السميكة التي كانت تعطيها صورة المجتهدة أكثر منها ذكية.

وخلال 4 سنوات من الرئاسة، تابعت روسيف بنجاح المعركة التي بدأها لولا لمكافحة التفاوت الاجتماعي في البرازيل، لكن للمفارقات فإن أداءها خلف خيبة أمل لدى البرازيليين، لا سيما في الشق الاقتصادي. ولكن كثيرا من الناخبين يعتقدون أن مرشح المعارضة إيسيو نيفيس، وهو حاكم ولاية سابق ويحظى بتأييد بين الطبقة فوق المتوسطة والأغنياء، يقدم تغييرا مطلوبا بشدة لأكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية. ومنذ أن تولت روسيف منصبها تباطأ النمو الاقتصادي الذي بلغ ذروته عام 2010 محققا نسبة 5.‏7 في المائة.

وتجاهل البرازيليون، إلى حد بعيد، تبادل الاتهامات ومزاعم الفساد التي اتسمت بها أكثر الحملات تنافسا منذ عقود، وانقسموا بدلا من ذلك بين من يشعرون أنهم أفضل حالا عما كانوا عليه قبل أن يتولى حزب روسيف السلطة، ومن يرون أن البلاد سقطت في هاوية.

وقال تياغو نونيز، وهو طبيب يبلغ من العمر 32 عاما في ساو باولو، أدلى بصوته لصالح نيفيس: «تعبنا بعد 12 عاما.. نريد تغييرا. نريد تعليما أفضل ورعاية صحية».

وبعد الحملة التي كانت الأكثر حيوية في تاريخهم الحديث، دعي 142.8 مليون ناخب إلى الإدلاء بأصواتهم في هذا البلد الشاسع.