انتهاء عمليات مشاة البحرية الأميركية والقوات البريطانية في أفغانستان

وزارة الدفاع الأفغانية لـ («الشرق الأوسط»): تهديدات طالبان لا تزال موجودة.. والقوات الدولية ستدرب 5 آلاف عنصر من جيشنا

القوات البريطانية في ولاية هلمند (جنوب) تسلم قاعدة «باستون» للقوات الأفغانية أمس (أ.ب)
TT

أنهت آخر وحدات مشاة البحرية الأميركية والقوات القتالية البريطانية عملياتها رسميا في أفغانستان أمس، واستعدت للانسحاب من البلاد وسلمت قاعدة «كامب ليذرنيك» للجيش الأفغاني، فيما لم يعلن عن توقيت انسحاب الجنود من القاعدة في إقليم هلمند الاستراتيجي لأسباب أمنية، فيما سلمت القوات البريطانية في ولاية هلمند جنوب أفغانستان المضطرب قاعدة «باستون» وهي أكبر قاعدة عسكرية استقرت فيها القوات البريطانية منذ عام 2006 ضمن مهمة حلف شمال الأطلسي «إيساف» للقوات الأفغانية استعدادا للرحيل من البلاد مع حلول نهاية العام الحالي موعد خروج كل القوات الدولية المقاتلة من البلاد، وأعلن مسؤولون في لندن أمس أنه جرى غلق آخر قاعدة عسكرية بريطانية في أفغانستان، وإنهاء العمليات القتالية البريطانية التي استمرت 13 عاما.

وأفادت وزارة الدفاع البريطانية في بيان أن قوات الأمن الوطنية الأفغانية تسلمت قاعدة «كامب باستون»، ومن المقرر أن تغادر القوات البريطانية إقليم هلمند خلال الأيام المقبلة. وقال وزير الدولة لشؤون الدفاع مايكل فالون: «بكل فخر نعلن انتهاء العمليات القتالية البريطانية في هلمند، بعد أن قدمت لأفغانستان أفضل فرصة ممكنة لمستقبل مستقر». وأضاف: «رغم أننا ننهي فصلا مهما من تاريخنا المشترك، سوف يستمر التزام المملكة المتحدة بدعم أفغانستان قائما عبر التطوير المؤسسي وفي أكاديمية ضباط الجيش الأفغاني الوطني وفي التنمية». وقد تم إنزال العلم البريطاني لأول مرة من القاعدة ورفع العلم الأفغاني في حفل عسكري أقيم داخل القاعدة بمشاركة قادة عسكريين من الجانبين وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذت تحسبا لهجمات طالبان ووجه البريجادير روب تومسون، كبير العسكريين البريطانيين في هلمند، التحية لأرواح 453 بريطانيا فقدوا حياتهم، كما وجه التحية إلى 140 ألف بريطاني خاضوا الصراعات في أفغانستان لشجاعتهم والتزامهم.

من جانبه قال الجنرال شير محمد كريمي رئيس هيئة أركان الجيش الأفغاني أثناء عملية التسلم، إنه «ممتن لأداء القوات البريطانية خلال الأعوام الماضية». مشيرا إلى أن تسليم القاعدة لا يعني نهاية التعاون العسكري بين الجابين بل سنظل في تواصل مستمر لمواجهة الأخطار التي قد يواجهها الجيش الأفغاني في المنطقة.

وتقع ولاية هلمند التي تعتبر معقلا سابقا لمقاتلي طالبان بالجنوب الأفغاني الذي تنحدر منه غالبية مقاتلي طالبان بالقرب من الحدود الباكستانية خصوصا مناطق القبائل منها والتي تعتبر ملاذا آمنا وحديقة خلفية لمسلحي طالبان الذين يتخذون منها مقرا لتنفيذ عملياتهم في الداخل الأفغاني، كما أن هلمند هي من الولايات التي يكثر فيها زراعة الأفيون والحشيش التي تصنع منه مادة المخدرات ويعتقد أن طالبان تمول عملياتها من عائدات المخدرات التي تبلغ ملايين الدولارات سنويا، وفي أحدث تقرير أممي أشار إلى أن زراعة المخدرات ارتفعت نحو 30 في المائة العام الحالي مقارنة مع العام المنصرم رغم الجهود المحلية والدولية للقضاء عليها. وفي ولاية هلمند أيضا سلمت القوات الأميركية آخر قاعدة عسكرية لها وهي قاعدة «ليدرنيك» للقوات الأفغانية وأنزلت العلم الأميركي في حفل عسكري ورفع العلم الأفغاني بدلا منه في خطوة تعتبر مهمة ضمن عمليات نقل المسؤوليات الأمنية من القوات الدولية لنظيراتها الأفغانية التي تدربت على أيدي مدربين أجانب ويبلغ تعدادها زهاء 350 ألف عنصر، وانتقلت القوات الأميركية والبريطانية إلى قاعدة عسكرية أخرى تمهيدا للخروج النهائي في موعد لم يحدد بسبب الظروف الأمنية، ويذكر أن نحو 453 عنصرا من القوات البريطانية فقدوا حياتهم منذ انتشارها في أفغانستان خاصة في ولاية هلمند جنوب البلاد وذلك في هجمات شنها مقاتلو طالبان أو في عمليات انتحارية تبنتها الحركة المتشددة التي تقاتل الحكومة الأفغانية والقوات الدولية منذ الإطاحة بها نهاية عام 2001.

وفي حوار خاص أجرته «الشرق الأوسط» في كابل مع المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية الجنرال ظاهر عظيمي عقب عملية التسليم والتسلم لقاعدتين عسكريتين في ولاية هلمند وإعلان إنهاء العمليات القتالية للقوات البريطانية والأميركية هناك وما إذا كانت طالبان لا تزال تشكل تهديدا في المنطقة قال إن «الجيش الوطني الأفغاني تسلم اليوم أكبر قاعدة عسكرية للقوات الدولية في ولاية هلمند وهي قاعدة (باستون)». وكان الجيش الأفغاني تسلم سابقا قواعد عسكرية صغيرة تابعة لهذه القوات في الولاية والمناطق المجاورة لها، مشيرا إلى أن الجانبين الأفغاني وقوات «إيساف» لإرساء الأمن والاستقرار اتفقا على أن تقوم القوات الدولية بتدريب نحو 5 آلاف عنصر من الجيش الوطني الأفغاني لحفظ القاعدة العسكرية التي تم تسلمها اليوم. مؤكدا أن فرقة عسكرية للجيش الأفغاني توجد في المنطقة منذ شهور وهي ستقوم حاليا بحماية القاعدة العسكرية. مضيفا أن القوات الأفغانية جاهزة للرد على أي تهديدات أمنية قد تشكلها طالبان أو الجماعات المسلحة الأخرى.

وقال عظيمي إن «تهديدات طالبان موجودة خاصة في ولاية هلمند التي تعتبر معقلا للمتمردين». مشيرا إلى أن عملية تسليم القاعدة العسكرية للجانب الأفغاني لا يعني نهاية التنسيق الأمني بين الجانبين خاصة فيما يتعلق بعمليات الإسناد والدعم الجوي للقوات الأفغانية. مشيرا إلى أن القوات الأفغانية كانت تتلقى الدعم الجوي سابقا من القوات الدولية، وسيظل هذا الدعم متواصلا في المستقبل أيضا حتى تتمكن القوات الأمنية الأفغانية من الوقوف على رجليها. وأوضح الجنرال عظيمي لـ«الشرق الأوسط» أن تهديدات طالبان ليست جديدة وهي لا تنحصر بولاية هلمند فقط. مشيرا إلى أن «قواتنا الأمنية على أهبة الاستعداد للرد على أي تهديد أمني من قبل طالبان». مضيفا أن «السنوات الأخيرة أثبتت أن الجيش الوطني الأفغاني أصبح جاهزا وقادرا في مواجهة الأخطار والتصدي لها». وكانت أفغانستان والولايات المتحدة قد وقعتا على الاتفاقية الأمنية في 5 سبتمبر (أيلول) الماضي والتي ستسمح بإبقاء بضعة آلاف من جنود الولايات المتحدة الأميركية وزهاء 300 من قوات حلف شمال الأطلسي في عدد من القواعد العسكرية بعد خروج القوات المقاتلة لمتابعة عمليات تدريب القوات الأفغانية.