باريس: تعليق عضوية أحد قيادات الجبهة الوطنية المتطرفة لاعتناقه الاسلام

ماكسيم بوتيه اعتنق الإسلام ولم يرَ فيه تناقضا مع مبادئ الحزب

TT

لم يكن ماكسيم بوتيه، هذا الشاب الوسيم ابن الـ22 ربيعا، الطالب في كلية الحقوق وعضو المجلس البلدي عن حزب الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) يتوقع أن يكون تحوله إلى الديانة الإسلامية، وهو الكاثوليكي، سببا لتعليق عضويته في حزب مارين لوبن، زعيمة الحزب ومرشحته للانتخابات الرئاسية الفرنسية السابقة واللاحقة. فالشاب كان يعتبر أن اعتناقه الإسلام مسألة شخصية لا تتناقض مع مبادئ الحزب الذي انتمى إليه، لا بل إنه كان يرى تشابها بين الإسلام كديانة والجبهة الوطنية، إذ كلاهما موضع انتقاد وتشويه من وسائل الإعلام الفرنسية التي تنقل صورا مغايرة عن واقعهما.

يقول ماكسيم بوتيه عضو المجلس البلدي في مدينة نوازي لو غران، وهي ضاحية تقع شرق العاصمة باريس، إنه تعرف إلى الإسلام عن طريق صديق له وهو في التاسعة عشرة من عمره، وإنه تخلى عن كاثوليكيته، وإنه أقدم على خطوة الاعتناق في شهر يوليو (تموز) الماضي.

قد تكون ثمة مفارقة بين تحول هذا الشاب إلى الديانة الإسلامية وبين انتمائه إلى حزب عقيدته الآيديولوجية تركز على التنديد بالإسلام واعتبار حضوره بمثابة «غزو» للحضارة الفرنسية، فضلا عن ذلك، يشكل موضوع التهجم على المهاجرين وعلى المسلمين الذين «يصلون في الشوارع» ويحاولون فرض تقاليدهم وعاداتهم على مجتمع فرنسي مسيحي إحدى الركائز الدعائية لحزب مارين لو بن وقبلها لوالدها جان ماري لو بن الذي شارك كضابط في حرب الجزائر وصدرت بحقه اتهامات بأنه مارس التعذيب ضد الثوار الجزائريين إبان حرب التحرير.

بيد أن الجبهة الوطنية، رغم ما هو معروف عنها، نجحت أكثر من مرة في إغراء بعض المرشحين من أصول عربية أو مسلمة إلى الانضمام إلى صفوفها لإظهار أنها غير عنصرية، لكنها لم تأخذ في الحسبان أن يعتنق أعضاء ومسؤولون فيها الديانة الإسلامية، ولذا كانت العقوبة متوقعة. رغم ذلك، فإن مسؤولي الجبهة يرفضون الربط بين اعتناق ماكسيم بوتيه الإسلام وتعليق مسؤولياته وعضويته، بل إنهم يعللون التدبير العقابي بقيام بوتيه بإرسال فيديو لعدد من كادرات الجبهة الوطنية في المدينة المذكورة اعتبروها غير مقبولة كونها بمثابة دعوة للالتحاق بالإسلام وتمجيد له. لكن المعني الأول بهذه القضية يرد بأن الفيديو المرسلة ليست سوى شرح للأسباب التي جعلته يتخلى عن ديانته الأصلية ويختار الإسلام لما يرى فيه من «انفتاح» ولكونه أراد أن يظهر أنه «ليس دعوة للجهاد والقتل». ولم يكتف بوتيه بإرسال الفيديو، بل وضعها على صفحته على «فيسبوك». ويبدو أنه «ندم» على ما فعله لأن صحيفة «لو باريزيان» نقلت عنه أول من أمس أن «خياره (بث الفيديو) لم يكن صائبا». والحال أن شروح بوتيه لم تكن كافية لأن نائب رئيس الجبهة الوطنية فلوريان فيليبو برر التدبير المتخذ بحقه باعتبار أن تصرفه «تبشيري داخل إطار الحزب». واستطرد فيليبو، بحسب ما نقلت عنه صحيفة «لوموند» أمس، أن «ديانته ليست موضع مساءلة لأن الجبهة الوطنية تتبنى العلمانية» التي تفصل بين الشؤون الدينية والمدنية. ويرى مسؤول الجبهة الوطنية أن حزبا سياسيا كالجبهة الوطنية «ليس المكان المناسب» لمثل هذه الأمور. ولذا، فإن «لجنة النزاعات» داخل الحزب ستنظر في هذه القضية الشهر المقبل.

وواضح أن الجبهة الوطنية غير قادرة على التسويق لخطاب غير هذا. لكن حالة ماكسيم بوتيه ليست الأولى من نوعها، إذ إن عضوا آخر في الجبهة الوطنية اسمه بول لامواتيه، عرف المصير نفسه ليس لأنه اعتنق الإسلام، بل لأنه كان يسوق للحم الحلال في فرنسا وبلجيكا، بينما الجبهة الوطنية كانت قد فتحت النار على اللحم الحلال وعلى المطاعم المدرسية التي تقدمه لتلامذتها من المسلمين.