وزير الداخلية: المعركة لن تقفل إلا بالحسم العسكري

الجيش اللبناني يحوز «الغطاء السني» ومصادر سلام: الدولة بأكملها خلفه

TT

انتصرت الدولة اللبنانية، شعبيا وسياسيا، في المعركة التي يخوضها الجيش اللبناني مع مسلحين متشددين في مدينة طرابلس وقرى الشمال، بعد أن فشل هؤلاء في إيجاد حاضنة سياسية أو دينية لهم، خلافا لما صور في وقت سابق.

وفيما أكدت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«الشرق الأوسط» أن الدولة تقف بالكامل خلف جيشها، وعينها على مواطنيها في الوقت نفسه، قال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«الشرق الأوسط» إن المعركة «فتحت ولن تقفل من دون حسم»، مشيرا إلى أنه بغض النظر عن التقييم العسكري لما يحصل بحق الجيش من كمائن وهجمات، إلا أن الجيش يمتلك الغطاء الرسمي والديني والشعبي.

وإذ اعترف المشنوق بأن «المعركة لن تكون سريعة»، فإنه أكد أن «الدولة اللبنانية سوف تحسمها»، معتبرا أن المعركة في مدينة طرابلس هي أسهل من القرى الشمالية والجرود، مقدرا عدد المقاتلين الذين يواجههم الجيش بـ200 مقاتل كحد أقصى من كل التنظيمات المتشددة، وهم لبنانيون وسوريون. ورأى المشنوق أن تنظيم داعش ليس من يقاتل، بعدما أصبح يافطة ترفع هنا وهناك.

واستطاعت المؤسسة العسكرية اللبنانية أن تطمئن إلى الغطاء السياسي الكامل الذي منحها إياه التفاف القوى السياسية السنية حولها، وفي مقدمها تيار «المستقبل» الذي يقوده الرئيس الأسبق للحكومة سعد الحريري، ما جعل مهمة الجيش أكثر سهولة، ما أسكت الأصوات التي كانت أكثر انتقادا للجيش، كالنائب خالد الضاهر.

أما وزير العدل اللواء أشرف ريفي، فرفض بدوره تصوير المعركة على أنها «حرب على أهل السنة». وقال في بيان أصدره أمس: «سمعت بعض الأصوات والجهات التي اعتبرت أن ما يجري الآن في طرابلس، وبعض مناطق الشمال، هو حرب على أهل السنة. يهمني وبعد رفض هذا الكلام جملة ومضمونا، أن أتوجه لأهلي في طرابلس والشمال وكل لبنان بأن الخيار التاريخي لأهل السنة كان وسيبقى خيار الدولة والمؤسسات ولبنان العيش المشترك، اتخذوه ودفعوا أبهظ الأثمان، من اغتيال الشهيد (مفتي لبنان) الشيخ حسن خالد (في منتصف الثمانينات) إلى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري (عام 2005) وسائر الشهداء، وهم مستمرون بهذا الخيار مع الرئيس سعد الحريري». وأضاف: «رهاننا فقط على الدولة، ولن نرد على الدويلة التي تسهم بإشعال حرب مذهبية في لبنان والمنطقة، بدويلة مشابهة، بل إن ردنا أعطيناه في 14 (مارس) آذار 2005، حيث التقى جميع اللبنانيين في مساحة وطنية مشتركة، فكان أن خرج جيش النظام السوري، وكان أن ولدت المحكمة الدولية، وسنستمر معكم بهذا النضال».

وتابع: «أعلنا وقوفنا إلى جانب ثورة الشعب السوري، ولكننا في المقابل رفضنا أي تدخل لبناني من أي طرف. وعلى هذا الأساس واجهنا (حزب الله)، وسنبقى في مواجهته، في دخوله إلى سوريا وارتكابه الجرائم بحق الشعب السوري. وعلى هذا الأساس أيضا، نرفض إعطاء (حزب الله) الذي أسهم بنقل الأزمة إلى لبنان، أي مكسب، وهو الذي يحاول دائما ترتيب اصطدام مع الجيش اللبناني. فأي فائدة ترجى من نقل العنف إلى مناطقنا؟ وأي فائدة ترجى من الرد على النظام السوري وحلفائه اللبنانيين، باعتماد نموذجهم الذي يكاد يشعل حربا مذهبية، تدك ما تبقى من بنية الدولة؟». بدوره، أسف شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، في تصريح أدلى به، «لاستمرار بعض القوى في التعامي عن مدى خطورة الوضع في البلاد على وقع الأزمات المتفجرة في دول الجوار»، مؤكدا «المسؤولية التاريخية التي يحملها جميع الأطياف للقيام بكل ما يلزم لإنقاذ البلاد من التدهور نحو الفتنة التي يواجهها الجيش والقوى الأمنية على مساحة الوطن وعند حدوده»، مشددا على «ضرورة دعم الجيش الوطني في المواجهة التي يخوضها اليوم في طرابلس، حيث يأبى أهلها إلا أن يكونوا في مقدمة المحافظين على السلم الأهلي، وقد أنهكتهم معارك عبثية ما فتئت تتسلل إليهم بين الحين والآخر».

وأبدى رئيس «حزب الكتائب اللبنانية» الرئيس أمين الجميل «تضامنه مع أهالي مدينة طرابلس والمحيط ومع الجيش اللبناني»، مستنكرا «التعديات ضد أهالي المدينة والجيش». وأكد الجميل أن «جرح طرابلس يهم كل اللبنانيين وآن الأوان لوضع حد لانتهاك السيادة الوطنية والمدينة وأمنها والتعدي على الجيش»، داعيا إلى «مواقف حاسمة لإنهاء المأساة والعودة إلى الاستقرار في المدينة».

ورأت النائب بهية الحريري أن الجيش اللبناني «يخوض معركة الدفاع عن لبنان الرسالة وعن جميع اللبنانيين، مقدما في سبيل ذلك كوكبة جديدة من شهدائه الأبطال الذين افتدوا الوطن كله بدمائهم وأرواحهم». وأضافت الحريري في بيان تعليقا على أحداث طرابلس: «إننا إذ نشارك بقلوبنا ودعائنا أهلنا في طرابلس والشمال هذه الأوقات العصيبة، نسأل الله تعالى أن يفرج عنهم وعن جميع اللبنانيين هذه المحنة التي يعيشونها. ونقول إن طرابلس مدينة الشرفاء كانت وستبقى دائما إلى جانب الدولة ومؤسساتها الشرعية الأمنية والعسكرية، تقدم التضحيات في سبيل بقاء لبنان وعزته وكرامته». وقال النائب أيوب حميد، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، إن «استهداف الجيش اليوم هو استهداف لهيبة الدولة وكرامتها وعزتها وإمكانية استمرارها واحدة موحدة، وهو استهداف لكل الوطن». واعتبر أن «شهداء الجيش اليوم إنما يجسدون حقيقة عمق الإيمان والانتماء للوطن من أجل العدالة ومواجهة الباطل». ودعا الجميع إلى «وحدة الصف، سياسيين وعاملين ومجاهدين، خلف جيشنا الوطني في هذه المعركة المصيرية التي يواجه فيها الإرهاب والإرهابيين الذين هم امتداد لما يجري في سوريا والعراق».