الجيش يحكم سيطرته على مناطق الاشتباكات.. ويتوعد بملاحقة المسلحين

162 موقوفا على صلة بالمعارك.. و30 قتيلا في صفوف المسلحين

TT

أحكم الجيش اللبناني أمس سيطرته على منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس شمال لبنان بعد 3 أيام من المعارك الدامية مع مسلحين متشددين يشتبه بتأييدهم تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، ونفذ انتشارا في الأحياء، وبدأ بتفكيك عبوات ومتفجرات كان زرعها المسلحون في المنطقة، كما أوقف 162 مطلوبا من المتشددين، بينما أعلن مقتل 11 من عناصره و5 مدنيين خلال المعارك.

وسيطر الجيش أمس على منطقة التبانة التي انتقلت المعارك إليها أول من أمس، وشهدت أعنف الاشتباكات. وأعلنت قيادة الجيش في بيان أصدرته، أمس، أن وحدات الجيش واصلت تنفيذ عملياتها العسكرية في مدينة طرابلس ومحيطها، حيث «تمكنت من دخول آخر معقل للجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة التبانة، واعتقلت عددا منهم، بينما تمكن آخرون من الفرار مستفيدين من طبيعة المباني السكنية، بعد أن أقدموا على زرع عبوات وتفخيخات في الأحياء السكنية وخصوصا في محيط مسجد (عبد الله بن مسعود)»، مشيرة إلى أن قوى الجيش «عملت على تفكيكها». ولفتت إلى أنها عثرت على مخازن أسلحة ومعمل لتصنيع المتفجرات.

وكان مسجد «عبد الله بن مسعود» في التبانة مركزا لمجموعتي شادي المولوي وأسامة منصور (قائدي معركة طرابلس)، قبل أن يخرج الأخيران من المنطقة قبل أسبوعين، بموجب اتفاق. وشهدت المنطقة نفسها اشتباكات عنيفة ضد الجيش اللبناني، خلال المعركة في المدينة، كان آخرها اشتباكات اندلعت صباحا في محيط المسجد، قبل أن يحسم الجيش الوضع لصالحه.

ونفت قيادة الجيش أمس «حصول أي تسوية مع هذه المجموعات»، مشددة على أن «كل ما قيل يدخل في إطار الاستغلال السياسي لبعض السياسيين المتضررين من نجاح الجيش السريع والحاسم في استئصال هذه المجموعات التي طالما أسرت مدينة طرابلس وعاثت فيها تخريبا». كما أكدت أن وحدات الجيش «ستواصل بعد أن تم تعزيزها باستقدام قوى جديدة تنفيذ تدابيرها الأمنية، وتعقب بقايا المجموعات الإرهابية، ومداهمة المناطق المشبوهة كافة».

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من المطلوبين «كان يحاول الخروج مع المدنيين الذين أخلوا باب التبانة بموازاة تحضيرات الجيش للدخول إلى المنطقة»، لكنّ مطلوبين آخرين، وبينهم المولوي ومنصور «اختفوا عن الأنظار». وتتمتع منطقة باب التبانة بجغرافيا معقدة، إذ «تتضمن سراديب وأحياء ضيقة ومتداخلة، إضافة إلى مسارب وأدراج في الأحياء القديمة، تتيح للأشخاص التواري عن الأنظار»، كما قالت المصادر. ويعد الحي من الأحياء الفقير جدا، والأبنية والمساكن فيه عشوائية بمعظمها ومتلاصقة.

وكانت معارك التبانة بدأت بعد سيطرة الجيش على الأحياء الداخلية في مدينة طرابلس، واختطاف مجموعات مسلحة الجندي في الجيش طنوس نعمة، من سيارة أجرة أثناء مروره في المنطقة، قبل أن يعلن عن تحريره أمس، كما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» التي أشارت إلى أنه بصحة جيدة.

وبموازاة استكمال وحدات الجيش انتشارها في المنطقة، وتنفيذ مداهمات في مربع منصور - مولوي وعدد من أماكن وجود المسلحين المحتملين في أحياء التبانة، دعت قيادة الجيش «فلول الجماعات المسلحة الفارين، إلى تسليم أنفسهم للجيش اللبناني، الذي لن يتهاون في كشف مخابئهم أو يتراجع عن مطاردتهم حتى توقيفهم وسوقهم إلى العدالة»، منبهة «هؤلاء العناصر الذين باتوا معروفين لديها إلى أخذ العبرة مما حصل، حيث لا بيئة حاضنة لهم ولا غطاء للجميع سوى الدولة والقانون».

وأوقفت وحدات الجيش، خلال المعارك التي استمرت 3 أيام في الشمال، 162 موقوفا، بحسب ما أكده مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية. وكانت صفحات إلكترونية محلية في طرابلس أشارت إلى أن الموقوفين في المدينة «ناهز عددهم 120 شخصا»، مشيرة إلى أن عدد قتلى المجموعات المتشددة «ناهز 30 قتيلا عثر على جثثهم في مناطق البساتين والأحراج في منطقة المنية»، التي شهدت اشتباكات مع الجيش بموازاة المعارك في أحياء طرابلس القديمة صباح السبت، وانتهت في اليوم التالي بعد سيطرة الجيش على مقرات دينية استخدمتها مجموعة المتشدد خالد حبلص كمقرات أمنية.

وبينما «انتشر الجيش اللبناني بشكل كثيف على الطرق والمفترقات في بلدة بحنين الواقعة على بعد 12 كيلومترا شمال طرابلس، ونفذت وحداته انتشارا فيها، جرى تبادل لإطلاق النار لأول مرة عصر أمس في المنطقة، أثناء مطاردة الجيش للمسلحين في البساتين الممتدة من منطقة بحنين إلى نهر البارد، ما أدى إلى إصابة ضابط لبناني إصابة طفيفة.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الجيش نفذ عمليات دهم وتمشيط للبساتين المجاورة للبلدة بحثا عن المسلحين»، مشيرة إلى أن الجيش «واصل مطاردة بعض المسلحين الفارين من بلدة بحنين في اتجاه عيون السمك الضنية، مستخدما طائرات الاستطلاع والمروحيات، وتعقبهم بين منطقتي الضنية والمنية، وتحديدا على تخوم عيون السمك». كما نفذت وحدات الجيش عمليات تفتيش بعض أماكن تجمعات النازحين السوريين والتدقيق في أوراقهم الثبوتية وتفتيش السيارات، بحسب الوكالة التي أكدت أنها «أوقفت عددا من الأشخاص، سوريين ولبنانيين، للتحقيق معهم والتأكد من أوراقهم».