موسكو تعترف بالانتخابات الأوكرانية.. وأكبر حزبين يتفاوضان لتشكيل ائتلاف

النتائج شبه النهائية تشير إلى تقدم الأحزاب التي تريد التقارب مع أوروبا

TT

اعترفت موسكو بالانتخابات البرلمانية الأوكرانية، مؤكدة استعدادها للتعاون مع البرلمان الجديد، فيما أعربت عن أملها في أن يعمل هذا البرلمان على تطوير الحوار الوطنى الشامل بمشاركة كل القوى السياسية وإجراء الإصلاح الدستوري، بعيدا عن المواجهة على حد قول سيرغي لافروف وزير الخارجية في تصريحاته التي نقلتها وكالة أنباء «إيتار تاس».

وقال لافروف أيضا «إن النتائج الأولية للانتخابات الأوكرانية تشير إلى أن عملية التصويت تمت رغم وجود مخالفات وتجاوزات كثيرة وحالات استبعاد عدد من المرشحين والقوات السياسية من العملية الانتخابية». ومع ذلك فقد أعرب الوزير الروسي عن أمله في أن يتمكن البرلمان الأوكراني الجديد من سرعة تشكيل حكومة جديدة بناءة تسعى إلى خدمة مصالح الشعب الأوكراني وليس إلى زيادة المواجهة مع روسيا وداخل المجتمع. وناشد لافروف السلطات الرسمية في كييف «العمل من أجل حل القضايا الاقتصادية الاجتماعية وتنفيذ اتفاقات مينسك التي تقضي بوقف إطلاق النار وفك الارتباط وسحب الأسلحة الثقيلة، إضافة إلى حل المشكلات الإنسانية وحشد الجهود لتطوير الاقتصاد وإصلاح البنى التحتية في جنوب شرق أوكرانيا». ومن جانبه قال غريغوري كاراسين نائب وزير الخارجية الروسي المسؤول عن ملف العلاقات مع بلدان الفضاء السوفياتي السابق إن «موسكو تعتبر الانتخابات في أوكرانيا قد تمت رغم شراسة وقذارة العملية» على حد قوله. وأعرب كاراسين عن أمله في «أن تسمح التركيبة البرلمانية التي ترتسم ملامحها في الوقت الحالي من خلال ما جرى إعلانه من نتائج بمعالجة القضايا الأساسية التي تهم المجتمع الأوكراني».

وتشير النتائج شبه النهائية إلى تراجع موقع كتلة الرئيس بيترو بوروشينكو إلى المركز الثاني بنسبة أصوات تقدر بـ21.47 في المائة بعد الجبهة الشعبية التي يتزعمها أرسيني ياتسينيوك رئيس الحكومة الحالية المعروف بعدائه الشديد لروسيا وميوله صوب التقارب مع الاتحاد الأوروبي والانضمام إلى الـ«ناتو». وقد بدأ الحزبان اللذان ينتمي لهما الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو ورئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك، إجراء مباحثات لتشكيل حكومة ائتلافية. ولم تتوقف سلسلة المفاجآت عند تقدم «الجبهة الشعبية» على «كتلة الرئيس»، حيث تواصلت بتراجع «الحزب الراديكالي» بزعامة أوليج لياشكو القومي المتطرف، وكان مرشحا للمنافسة مع «الجبهة الشعبية» على المركز الثاني، ليفسح المجال أمام حزب «ساموبوموشي» بزعامة أندريه سادوفي عمدة مدينة لفوف معقل القوميين المتشددين في غرب أوكرانيا الذي فاز بالمرتبة الثالثة بنسبة أصوات تقدر بـ11.13 في المائة، متقدما كثيرا عن يوليا تيموشينكو أميرة الثورة البرتقالية وحزبها «باتكفشينا» (الوطن) الذي تراجع إلى المركز السادس قريبا من الحد الأدنى المقرر لدخول البرلمان بنسبة تزيد قليلا عن خمسة في المائة.

وهنا أيضا سجل تقدم «كتلة المعارضة» بزعامة يوري بويكو التي فازت بنسبة تقترب من العشرة في المائة وهو إنجاز يحسب لها في مثل هذه الظروف الخانقة، وما كان أصابها من ضربات على المستويين الحكومي والشعبي بعد انفراط «حزب الأقاليم» الحاكم. وإذا كانت الأحزاب شبه الرسمية الموالية للسلطة مثل «كتلة الرئيس» و«الجبهة الشعبية» وغيرهما من الأحزاب ذات التوجهات الموالية للغرب حصدت غالبية أصواتها في مناطق وسط وغرب أوكرانيا، فقد فازت «كتلة المعارضة» بأصوات الغالبية الساحقة في شرق أوكرانيا رغم مقاطعة أغلبية سكان مناطق جنوب الشرق لهذه الانتخابات في انتظار إجراء انتخاباتها «المستقلة» في لوغانسك ودونيتسك في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وكانت هذه الكتلة المعارضة تستطيع تعزيز مواقعها أكثر في حال موافقة «الحزب الشيوعي الأوكراني» على الانضمام إليها والإصرار على خوض الانتخابات مستقلا ليخسر ما حصل عليه من أصوات تقترب من 4 في المائة ليفقد فرصة دخول البرلمان لأول مرة منذ الإعلان عن استقلال أوكرانيا في مطلع تسعينات القرن الماضي، لفشله في تجاوز حاجز 5 في المائة المقررة لدخول البرلمان.

وفشلت كثير من الأحزاب ذات التوجهات المعارضة للسلطة في دخول البرلمان ومنها حزب «أوكرانيا القوية» بزعامة سيرغي تيغيبكو وغيرها على نفس النحو الذي فشلت فيه أحزاب يمينية كثيرة ومنها «القطاع الأيمن» الذي لم يحصل سوى على نسبة 1.87 في المائة وإن استطاع زعيمه ياروش بالفوز بمقعد فردى، في الوقت الذي يصارع فيه حتى اللحظات الأخيرة زميله أوليغ تياغنيبوك زعيم «حزب سفوبودا» (الحرية) لدخول البرلمان، متشبثا بما بقي من أصوات لم تفرز بعد لتعينه على تجاوز نسبة الـ5 في المائة حيث لم يحصل حزبه حتى لحظة كتابة هذه السطور سوى على نسبة 4.68 في المائة فقط.