بدء إخلاء الشريط الحدودي بين مصر وغزة مع وصول تعزيزات عسكرية إلى سيناء

تجاوب من السكان بعد تدخل عواقل القبائل.. وتوجهات لحفر قناة مائية «عازلة»

نقطة مراقبة عسكرية مصرية على الشريط الحدودي بين مصر وغزة (أ.ف.ب)
TT

بدأت أمس عملية إخلاء الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة من أجل إقامة منطقة عازلة، حيث قامت قوات من الجيش المصري بالمرور في تشكيلات عسكرية صباح أمس على منازل القاطنين في المنطقة الحدودية بمدينة رفح المصرية لمطالبتهم بإخلاء منازلهم خلال 48 ساعة.

وقالت مصادر محلية في شمال سيناء لـ«الشرق الأوسط» إن هناك تجاوبا من أغلب السكان، خاصة بعد التفاوض بين ضباط الجيش ومسؤولين في المحافظة مع عواقل القبائل حول تعويضات السكان. وبحسب المصادر قدمت السلطات عرضا بتوفير قطع أرض بديلة أو تعويض مادي. فيما لا يزال بعض السكان مترددين في قبول أي من العرضين، وهؤلاء ربما يطالبون بتمديد المهلة المتاحة للإخلاء.

وتؤكد مصادر أمنية أن «إخلاء المنطقة بات خيارا أوحد، ولا فكاك منه، خاصة في ظل تشعب الأنفاق الواصلة بين قطاع غزة وعمق الأراضي المصرية، مما يمثل تهديدا لأمن الدولة مع تزايد الهجمات التي تشير أصابع الاتهام إلى تورط عناصر من القطاع فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «الخطة المقترحة والتي يجري العمل على تنفيذها هي إخلاء منطقة الحدود، وتكثيف العمل من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لاكتشاف الأنفاق الحدودية وتدميرها، ثم إقامة قناة مائية صناعية بطول هذه المنطقة، حتى لا يتسنى للجهات التي تقوم بحفر الأنفاق إعادة تشغيلها».

وحول إعادة تشغيل الأنفاق التي قام الجيش بتدميرها خلال الفترة الماضية، قالت المصادر إن «هناك آلاف الأنفاق في المنطقة بطول الحدود التي تمتد لنحو 13 كيلومترا، وهذه الأنفاق لكل منها عشرات الفتحات الفرعية. وما تقوم به القوات هو هدم المخارج، لكن أجسام الأنفاق نفسها يصعب الوصول إليها وهدمها مع وجود المنازل لأن من شأن ذلك تهديد حياة القاطنين في المنطقة لأنه يهدد اتزان التربة.. فكانت تلك العناصر تقوم بإعادة حفر مخارج جديدة من ذات الأنفاق، ومن أجل ذلك جرى التفكير في إخلاء المنطقة حتى يمكن التعامل مع الجسم الرئيس لهذه الأنفاق». وأوضحت المصادر أن إقامة القناة المائية من شأنه أن يعوق إعادة تشغيل الأنفاق نتيجة غمر التربة بالمياه، وهو ما يتطلب تجهيزات تفوق قدرة المهربين لإعادة تشغيلها.

وتأتي تلك الخطوة في وقت يتواصل فيه تدفق التعزيزات العسكرية على محافظة شمال سيناء، وأوضح المتحدث العسكري الرسمي العميد محمد سمير في بيان له مساء أول من أمس أن «تعزيزات إضافية من الجيشين الثاني والثالث الميدانيين وعناصر من وحدات التدخل السريع تم نقلها جوا، وعناصر من العمليات الخاصة للأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية، بدأت في رفع درجات الاستعداد إلى الحالة القصوى والتحرك والانتشار بسيناء لمعاونة تشكيلات ووحدات القوات المسلحة والشرطة المدنية في الحرب على الإرهاب». كما أوضح أن «عناصر المهندسين العسكريين تحركت لرفع كفاءة النقاط الأمنية التي تضررت جراء العمليات الإرهابية الأخيرة، ورفع كفاءة التجهيز الهندسي للقوات المكلفة بأعمال التأمين في سيناء».

من جهته، أكد اللواء عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء، صباح أمس، عدم ظهور أي أزمات بالمحافظة عقب تطبيق حظر التجوال لليوم الثالث، لافتا إلى أنه تم توفير كافة احتياجات المواطنين من مختلف السلع والمواد البترولية، مع استمرار الإجراءات الأمنية بهدف حماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.

وقال اللواء حرحور إن مظاهر الحياة في المحافظة تسير بشكل طبيعي فور انتهاء ساعات حظر التجوال، موضحا أن الآلاف توجهوا إلى أعمالهم وكلياتهم ومدارسهم، وعادت الحركة التجارية إلى الأسواق.

وتشهد ساعات حظر التجوال الليلي في المحافظة هدوءا واستقرارا في أغلب الأحوال، وخاصة في ظل التزام المواطنين بالإجراءات التي يطبقها الأمن والجيش. وعلى صعيد ذي صلة، شهد القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول صدقي صبحي بيانا عمليا لاقتحام وعبور قناة السويس نفذته عناصر من وحدات الجيش الثالث الميداني باستخدام وسائل العبور الذاتي للمركبات والمعديات والكباري سريعة الإنشاء، والذي يأتي ضمن أنشطة وفعاليات المناورة الاستراتيجية التعبوية «بدر 2014» التي تنفذها الوحدات والتشكيلات والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة. وأكد الفريق أول صبحي على قدرة الجيش المصري على تنفيذ كافة التزاماته، قائلا إن «القوات المسلحة اتخذت إجراءات سيعلم مداها كل أبناء الشعب المصري خلال الأيام القادمة».. مؤكدا أن «الجيش المصري بعون الله وبفضل الرجال قادر على مجابهة الإرهاب البغيض»، كما أشاد بالدور الوطني لشيوخ وعواقل سيناء، والذين امتزجت دماؤهم بدماء رجال القوات المسلحة عبر التاريخ.

من جهة أخرى، أعرب توماس غولدبرغر، القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة لدى مصر، خلال لقائه أمس مع اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية المصري، عن تعازيه لأسر الضحايا من رجال القوات المسلحة، مؤكدا على عزم بلاده الوقوف بجانب مصر في سعيها لتحقيق الهدف المشترك في إلحاق الهزيمة بالإرهاب. وصرح بأن الحكومة الأميركية تدين بشدة هذا الهجوم الإرهابي وتواصل دعمها لجهود الحكومة المصرية ورغبتها في توسيع أوجه التعاون مع وزارة الداخلية المصرية لمواجهة خطر الإرهاب الذي بات يهدد استقرار كافة دول العالم. ومن جانبه أعرب اللواء إبراهيم عن ترحيبه بتعزيز التعاون مع أجهزة الأمن الأميركية وفتح مجالات جديدة للتعاون وتضافر الجهود في مواجهة المنظمات الإرهابية، مشيرا إلى أهمية تبادل المعلومات والخبرات في هذا الصدد. في غضون ذلك، انتقد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر والمشرف على مرصد الإفتاء لمقاومة الفكر التكفيري، ما أوردته الجماعات التكفيرية من نصوص وآراء لـ«من يطلقون على أنفسهم علماء زورا وبهتانا، لتبرير استهدافهم رجال الشرطة والجيش»، مبينا أنها تكشف عن منهجهم المنحرف، بالكذب في نقل ما أورده علماء أهل السنة والجماعة، وخرجوا بهذه الأدلة عن دلالاتها ومقاصدها الشرعية، لخدمة أفكارهم المريضة. وأكد نجم في بيان له أمس أن «شيوخ الإرهاب قلبوا موازين فهم الشريعة، فجعلوا القتل أصلا، والرحمة فرعا. وفقههم فقه سقيم متخبط، كله أوهام وضلالات، ومفاهيم ملتبسة، يتلاعب بها الهوى، ناشئة عن جهل مغرق، واندفاع أهوج، ينسبون به إلى القرآن ما لم يقل به، ويفترون على الحديث النبوي بنسبة الجرائم المنكرة إليه». مشددا على أن «هؤلاء الغلاة الذين حملوا السلاح ضد الناس ورجال الأمن من قوات الجيش والشرطة وخرجوا على جماعة المسلمين، وقتلوا الأنفس المعصومة وهم قائمون حارسون لأمن وحدود بلادهم قد خسِروا الدين والدنيا، وباعوا أنفسهم للهوى والشيطان».