مصدر رسمي تركي لـ «الشرق الأوسط»: عملية السلام مع الأكراد تمر بمرحلة حرجة

بعد اغتيال رجال شرطة وعودة التفجيرات.. وأنباء عن سيطرة «الكردستاني» على مدينة تركية

TT

اعترفت مصادر رسمية تركية بأن عملية السلام التركية – الكردية «تعيش فترة حرجة»، مع عودة النشاط العسكري لحزب العمال الكردستاني «بي كي كي» التركي المحظور، الذي يطالب باستقلال الأكراد عن تركيا. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة متمسكة بالعملية التي أثمرت العام الماضي عن خطوات ملموسة على صعيد حل الأزمة، تمثلت بمغادرة قسم من مقاتلي الحزب الأراضي التركية، نتيجة مفاوضات جرت مع زعيم التنظيم عبد الله أوجلان من سجنه في جزيرة آمرالي قبالة مدينة إسطنبول.

وعاد التوتر إلى العلاقات التركية – الكردية، مع اندلاع المواجهات في مدينة كوباني (عين العرب) السورية، حيث شهدت المدن التركية موجة عنف أدت إلى مقتل أكثر من 30 شخصا، جراء مظاهرات نظمها الأكراد احتجاجا على موقف بلادهم من الوضع في المدينة، ذات الغالبية الكردية.

وعلى الرغم من عودة الهدوء، فإن الموقف التركي «الملتبس» حيال الوضع في المدينة لا يزال يثير حنق الأكراد، الذين يتهم بعضهم الحكومة بالتعاون مع تنظيم داعش. ومنذ ذلك الحين، لا يكاد يمر يوم من دون صدامات أو مواجهات، حيث أفيد بسيطرة عناصر أكراد على عدة أنحاء في مدن ذات غالبية كردية، كما أفيد بمقتل عدد من الجنود، آخرهم 3 قتلوا على يد من يعتقد أنهم ناشطون من التنظيم المحظور، كما أفيد بإعدام أحد عناصر الشرطة بعد تقييده إلى عمود كهرباء وإطلاق النار الكثيف عليه.

وأصدرت السلطات التركية أوامر لأفراد الشرطة والجيش، المكلفين توفير الأمن في جميع أنحاء البلاد، بتجنب الخروج إلى الشوارع في بلدة جيزرة التابعة لمدينة شيرناخ، جنوب شرقي البلاد، إلا في حالات الضرورة، بعد أن أعلن «الكردستاني» «الحكم الذاتي» فيها. وأفيد بأن عناصر التنظيم بدأوا بحفر خنادق في منطقتين مختلفتين بالبلدة، لقطع الطريق أمام قوات الأمن لاستعادة السيطرة عليها. وتأتي هذه الخطوة عقب صدور تعليمات من مراد قريالان، أحد قادة اتحاد المجتمعات الكردستانية (KCK)، والحركة الوطنية للشباب الثوري (YDG - H)، بالسيطرة على البلدة.

ونقلت صحف تركية معارضة عن شهود عيان أن العناصر التابعة لاتحاد المجتمعات الكردستانية والحركة الوطنية للشباب الثوري يتجولون داخل أحياء البلدة حاملين السلاح، عقب إعاقة عناصر الشرطة عن الدخول إلى البلدة بحفر الخنادق.

وقامت رئاسة بلدية مدينة شيرناخ، باتخاذ التدابير الأمنية لتجنب حدوث أي عمليات اغتيال ضد رجال الشرطة والجيش في المدينة، وذلك عن طريق مطالبة رجال الشرطة والجيش بتجنب الخروج إلى الشوارع إلا في الحالات الطارئة.

واختطفت مجموعة تابعة لـ«الكردستاني» في المدينة شاحنة تحمل مادة نترات الأمونيوم التي تعد إحدى المواد الكيماوية المهمة في تصنيع المتفجرات. ووفقا لبيان صادر عن رئاسة هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية، فإن «مجموعة إرهابية تنتمي إلى (العمال الكردستاني) اعترضت طريق شاحنة تحمل 400 كيلوغرام من نترات الأمونيوم أثناء سيرها بالقرب من بلدة سيلوبي التابعة لمدينة شرناخ جنوب شرقي البلاد، واقتادتها إلى جهة مجهولة». ولفت البيان إلى أن هذه الشحنة تابعة لأحد المناجم الخاصة بالفحم، وأن السلطات بدأت إجراءاتها لتتبع الخاطفين للحيلولة دون الإقدام على استخدمها في أغراض إرهابية.

ويرى رئيس تحرير صحيفة «حرييت ديلي نيوز» الناطقة بالإنجليزية، مراد يتكن، أن «النقاشات الدائرة حول تأسيس أمانة للرئاسة خاصة بالزعيم الإرهابي عبد الله أوجلان، في محبسه بجزيرة آمرالي، بترك السلاح من قبل حزب العمال الكردستاني لا تؤشر إلى نظرة تفاؤلية يحاول أن يعكسها رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو حيال القضية». وأضاف أن «أزمة تفجرت جراء النقاش الدائر حول الأسماء التي ستنضم إلى الهيئة التي ستعمل في أمانة الرئاسة الخاصة بأوجلان في آمرالي، والهيئة التي تشرف على إجراء مفاوضات السلام». واعتبر يتكن أن هذه الأمانة ستكون بمثابة منصب رئاسة حزب العمال الكردستاني بالنسبة لأوجلان في آمرالي.

واعتبر أن ظهور تنظيم داعش، وقلبه موازين القوى في شمال العراق وسوريا، والتطورات الأخيرة في كوباني عقد الأمور. وقال: «على سبيل المثال، هناك قضية ترك السلاح من قبل (العمال الكردستاني)، إذ كان (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان قال إن نزع السلاح من الشروط الأولية للمفاوضات قبل أي شيء آخر. ولكنه الآن يقول للجميع: أنا أيضا شريك في هذه المعركة، وأحارب فيها».

إلى ذلك، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن «الوضع في سوريا بحاجة إلى استراتيجية شاملة». وأضاف أن «تركيا لا تريد أن ترى 3 مجموعات على حدودها: النظام السوري، ومنظمة بي كي كي الإرهابية، و(داعش) جميعهم أعداء لتركيا». وقال في مقابلة أجراها مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «لا شك في أن كوباني تمتلك أهمية في الحرب الدائرة في سوريا بوقوفها أمام إرهاب (داعش)، لكن علينا ألا ننسى أيضا أنها إحدى إفرازات الأزمة السورية الأوسع والأشمل».

وشدد داود أوغلو على أن إيجاد حل مؤقت للاعتداءات في كوباني بمعزل عن إيجاد حل شامل للأزمة السورية التي ستنهي عامها الرابع لن يكون مجديا، حيث إن تلك الاعتداءات ستتجدد من قبل تنظيم داعش، أو النظام السوري على المدينة.