جلسة طارئة لمجلس الأمن اليوم لمناقشة مشروع إسرائيلي لبناء مستوطنات جديدة

الفلسطينيون يهددون بالانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية

TT

يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم، اجتماعا طارئا بهدف مناقشة الخطط الإسرائيلية لبناء مزيد من المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية العربية، وقال دبلوماسيون بالأمم المتحدة إن الأردن طلب عقد الجلسة الطارئة استجابة لرسالة من المبعوث الفلسطيني رياض منصور، الذي دعا المجلس للانعقاد لمعالجة الوضع المتأزم في القدس الشرقية المحتلة.

وفي الرسالة، ناشد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجلس الأمن دعوة إسرائيل إلى وضع حد للاضطرابات التي تشهدها القدس، ووقف الإجراءات التي يقوم بها المستوطنون في المسجد الأقصى، وقال بهذا الخصوص: «إننا نطالب مجلس الأمن بالعمل فورا على وقف الموجة الجديدة من المستوطنات الإسرائيلية التي تمت الموافقة عليها من قبل الحكومة الإسرائيلية»، وشدد عباس على أن تلك التصرفات «تؤثر سلبا في عملية السلام». كما شددت الرسالة على ضرورة مطالبة إسرائيل بأن توقف على الفور جميع أنشطتها الاستيطانية غير القانونية في القدس الشرقية وأماكن أخرى.

وأشار بيان لمكتب وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، إلى أن إعلان إسرائيل بناء مستوطنات في القدس الشرقية يعد خرقا لالتزامات إسرائيل السابقة، ووصف هذه الخطوة بأنها تعرقل عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، وعدها صفعة كبيرة للجهود المبذولة من أجل استئناف المفاوضات التي تهدف إلى الوصول إلى حل الدولتين، استنادا إلى القانون الدولي ومبادرة السلام العربية.

وفي هذا الصدد، قال ليث إبراهيم عبيدات، المتحدث باسم بعثة الأردن لدى الأمم المتحدة، إن بلاده طلبت عقد اجتماع طارئ نيابة عن الفلسطينيين بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خططه لبناء 1060 وحدة سكنية جديدة في الأحياء اليهودية خارج الخط الأخضر، بما في ذلك داخل القدس الشرقية، على الرغم من الانتقادات الدولية لهذه الخطوة، خاصة بعد تصاعد وتيرة العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأعمال الشغب المستمرة منذ عدة أيام في القدس الشرقية.

وعلى الجانب الفلسطيني، حذر الفلسطينيون من «انفجار العنف» ردا على مضي إسرائيل في بناء الوحدات السكنية الجديدة في القدس الشرقية، حيث قال جبريل الرجوب، القيادي في حركة فتح، «إن مثل هذه الأفعال الأحادية الجانب يمكن أن تؤدي إلى تفجر العنف»، مشيرا إلى زيادة التوترات المطردة بالفعل في القدس الشرقية. كما اعتبر نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، أن هذه الخطوة تعد «تصعيدا خطيرا يمكن أن يؤدي إلى حدوث زلزال في المنطقة».

من جهته، أكد صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، أن خطط البناء الإسرائيلية من شأنها أن تدفع القيادة الفلسطينية إلى التسريع من خططها في مجلس الأمن لإعلان الدولة الفلسطينية، والانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقال في هذا الصدد: «كل ما تقوم به حكومة نتنياهو هي جرائم حرب، ويجب أن يحاكم وفقا للقانون الدولي»، ودعا واشنطن إلى إعادة النظر في موقفها المنحاز إلى إسرائيل، وعدم عرقلة الخطط الفلسطينية لاستصدار مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وضع حد للاحتلال الإسرائيلي في غضون عامين.

وأوضحت مصادر فلسطينية أن تهديدات الولايات المتحدة بالتصويت بالفيتو داخل مجلس الأمن على مشروع القرار لوضع حد للاحتلال الإسرائيلي، دفع الفلسطينيين للسعي إلى الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، بحيث يمكنهم مقاضاة المسؤولين الإسرائيليين عن ارتكاب جرائم حرب. وقالت المصادر إن الفلسطينيين ماضون في هذه الخطوة التي يمكن أن تتحقق في غضون أسابيع.

وأدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي القرار الإسرائيلي بخصوص الخطط الاستيطانية، حيث قالت جين ساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن «واشنطن تشعر بقلق عميق بسبب تقارير حول خطط نتنياهو لبناء وحدات استيطانية»، مؤكدة أن هذه الخطوة تتعارض مع جهود السلام، وأضافت موضحة أن أميركا «تواصل المشاورات والمحادثات مع القادة الإسرائيليين للحصول على مزيد من المعلومات، وموقفنا واضح تماما وهو أننا نرى أن النشاط الاستيطاني غير شرعي وبشكل لا لبس فيه، كما نعارض الخطوات الأحادية التي تحكم مسبقا على مستقبل القدس».

وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أنه رغم الاختلافات بين واشنطن وتل أبيب حول قضية المستوطنات، فإن العلاقات بين الجانبين قوية ولا تتزعزع، وقالت ساكي في هذا الشأن: «هناك أوقات نختلف فيها مع تصرفات الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك ما يتعلق بقضية المستوطنات، حيث إن لدينا مخاوف عميقة حول بعض الخطوات التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية، لكن هذا لا يعني أنه ليست لدينا علاقة قوية لأن العلاقات بيننا لا تتزعزع».

من جهته، طالب الاتحاد الأوروبي إسرائيل بـ«التراجع الفوري» عن نيتها تسريع البناء الاستيطاني في القدس، إذ قالت مايا كوسيجانتش، الناطقة بلسان كاثرين آشتون، المنسقة العامة للسياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي، إن على إسرائيل «العدول فورا» عن قرار البناء الاستيطاني في القدس الشرقية.

وتابعت كوسيجانتش: «إذا تأكد ذلك، فلا يمكننا إلا أن ندين هذا القرار غير الحكيم وغير الملائم.. وهذا يشكك مرة أخرى في التزام إسرائيل بحل تفاوضي مع الفلسطينيين». وشددت على أن «مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل سيكون رهن التزام إسرائيل بسلام دائم وحل الدولتين». لكن نتنياهو رفض أمس هذه الانتقادات جميعا، وهاجم المجتمع الدولي قائلا: «إنه ينتهج معايير مزدوجة.. ويلتزم جانب الصمت عندما يحرض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على قتل يهود في أورشليم (القدس)، ولكنه ينتقد بشدة عمليات البناء في أورشليم».

وتعهد نتنياهو بأن أعمال البناء في القدس ستستمر، وقال في هذا الشأن: «ليس صحيحا أنها تبعد السلام.. مثل هذه الاتهامات منعزلة عن الواقع، وتؤدي إلى تصريحات كاذبة من جانب الفلسطينيين»، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، وتابع: «سنواصل البناء في القدس عاصمتنا الأبدية. لقد قمنا بالبناء في القدس ونبني فيها وسنواصل البناء»، وأوضح: «مثلما يبني الفرنسيون في باريس، والإنجليز في لندن، فإن الإسرائيليين يبنون في القدس».

يأتي ذلك عقب مرور يوم على قيام نتنياهو بإلقاء خطاب أمام الكنيست، شدد فيه على تمسكه بمواصلة البناء الاستيطاني في القدس التي أكد أنها «العاصمة الأبدية» لإسرائيل، رغم مطالبة الفلسطينيين باعتبار الجزء الشرقي منها عاصمة لدولتهم.