550 مسلحا شاركوا في معارك طرابلس.. والجيش يبحث عن عشرات الفارين

مصادر عسكرية لـ «الشرق الأوسط» : تدابير مشددة في صيدا بعد إحباط مخطط إرهابي

ضابط في الجيش اللبناني يواسي والد ملازم قتل في معارك طرابلس وذلك خلال حفل أقيم في بيروت أمس لـ«تكريم الشهداء» (رويترز)
TT

استكمل الجيش اللبناني، أمس، عملياته العسكرية في مدينة طرابلس ومحافظة عكار، شمال لبنان، بحثا عن مقاتلين شاركوا بالمعارك التي وقعت نهاية الأسبوع الماضي، بالتزامن مع اتخاذه تدابير عسكرية مشددة في مدينة صيدا جنوبي البلاد بعد إحباطه «مخططا إرهابيا» يقضي باستهداف مركز عسكري وآخر ديني.

وأعلن الجيش في بيان أن وحداته واصلت تعزيز انتشارها في مناطق باب التبانة والأسواق القديمة في مدينة طرابلس، كما نفذت عمليات دهم واسعة في مناطق المنية وبرك عين السمك وصولا إلى أحراج عكار العتيقة وأكروم والنبي يوشع، بحثا عن المسلحين الفارين، «وأوقفت خلال المداهمات 33 شخصا من المشتبه بانتمائهم إلى الجماعات الإرهابية».

وكشفت مصادر مطلعة على العملية العسكرية الحاصلة في طرابلس أن عدد المسلحين الذين شاركوا في المعارك نهاية الأسبوع الماضي بلغ نحو 550 عنصرا، قتل نحو 40 منهم وجرح 60 وأوقف نحو 190. لافتة إلى أن الجيش يلاحق حاليا ما يقارب 150 عنصرا متوارين عن الأنظار.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «يُتوقع أن يكون القسم الأكبر من هؤلاء هرب إلى خارج المدينة أو انكفأ داخل أحيائها»، مستبعدة فرضية هروبهم إلى خارج لبنان. وأشارت المصادر إلى أن الجيش ماض بخطته في المدينة والتي تقضي بشكل خاص بـ«الإبقاء على وجوده فيها وملاحقة المقاتلين ومنع المجموعات الإرهابية من إعادة تشكيل بنيتها في طرابلس».

بالمقابل، أكّدت مصادر إسلامية لـ«الشرق الأوسط» أن «خروج المقاتلين، أبناء المدينة، من التبانة ليس نهائيا»، مشددة على أنّهم سيعودون إليها «فور تخفيف القبضة العسكرية».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بتنفيذ الجيش مداهمات في منطقة بحنين في عكار شمالا بحثا عن مطلوبين. وقطع الأوتوستراد الدولي الذي يربط منطقة المنية بعكار والحدود السورية أمام السيارات أثناء تنفيذ المهمة.

وأرخى المشهد الأمني بظلاله أيضا على مدينة صيدا جنوبي البلاد، بعد الكشف عن إحباط «مخطط إرهابي يقضي باستهداف مركز للجيش وآخر ديني في المدينة».

وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش اتخذ «تدابير مشددة في صيدا ونفّذ مداهمات واسعة بحثا عن مطلوبين على علاقة بالمخطط الذي كان يستهدف مجمع الزهراء في المدينة ومركز مخابرات الجيش في الميناء».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن توقيف شخصين على أثر المداهمات التي نفذها الجيش في صيدا القديمة. وكانت القيادة العسكرية كشفت في بيان أن وحدة من الجيش في المدينة، دهمت منزلي فلسطينيين، أوقف أحدهما، كانا يخططان لـ«مهاجمة مركز تابع للجيش في منطقة الجنوب»، لافتة إلى أنّها ضبطت بنادق كلاشنكوف وقاذف آر بي جي مع 17 قذيفة عائدة لها، بالإضافة إلى عبوتين معدتين للتفجير زنة كل منها كيلوغرام ونصف، وصواعق كهربائية وأعتدة عسكرية مختلفة.

ورجّحت مصادر مطلعة على مجريات التحقيق أن تكون «الخلية الإرهابية في صيدا صغيرة وليست على علاقة بتنظيمي داعش وجبهة النصرة»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مشروع التنظيمين المتطرفين لا يشمل بالوقت الحالي مدينة صيدا وهو محصور بمناطق شمال وشرق البلاد».

وعقد مجلس الأمن الفرعي في الجنوب، أمس، اجتماعا لبحث «التطورات الأمنية المتسارعة والإجراءات الواجب اتخاذها منعا لأي اختراقات قد تنفذها بعض الجماعات المتطرفة». وأشار المجلس في بيان إلى أنّه جرى التوافق على وجوب «تفعيل الإجراءات الأمنية المتخذة في مدينة صيدا وجوارها لا سيما في أحياء صيدا القديمة بعد سلسلة التوقيفات الأخيرة التي جرت وتم من خلالها إحباط المخططات الإرهابية».

وفي البقاع شرقا، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بسقوط 3 صواريخ على أطراف مدينة الهرمل مصدرها السلسلة الشرقية، لافتة إلى توقيف الجيش على أحد حواجزه في المنطقة 3 سوريين على علاقة بعمليات إرهابية.

سياسيا، بدا لافتا الموقف الذي أطلقه «حزب الله» بعيد معارك طرابلس، إذ وصف نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب نبيل قاووق «إنجاز» الجيش اللبناني في المدينة بـ«الإنجاز الوطني والتاريخي بامتياز»، وقال في بيان: «هو إنجاز للحكومة والوطن ولكل اللبنانيين مسلمين ومسيحيين سواء كانوا في فريق 14 آذار أو في فريق 8 آذار».

وشدّد قاووق على أهمية أن يكون هناك «تضامن وطني وتجاوز للخلافات والانقسامات الداخلية عندما يستهدف الجيش اللبناني، وتقديم الدعم الوطني الشامل لقراره، فهكذا هي المسؤولية الوطنية في لحظة التحدي التي فرضها العدوان التكفيري على كل اللبنانيين».

وأكد وزير الدفاع سمير مقبل أنّه لم تبرم أي تسوية في طرابلس، مشددا بعد لقائه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على أن «الجيش والقيادة العسكرية مستمرون في عملهم، ولن يكون هناك أي تراجع بل العملية مستمرة لتنظيف المنطقة من المسلحين ومن جميع الإرهابيين».

وكانت «جبهة النصرة» بعد احتدام معارك طرابلس، هدّدت بذبح أحد الجنود اللبنانيين الـ27 الذين تحتجزهم و«داعش» في جرود منطقة عرسال الحدودية شرقي البلاد منذ أغسطس (آب) الماضي.

وأعلن وزير الصحة وائل أبو فاعور أن لبنان يتفاوض مع المسلحين لوقف إعدام جنديين لبنانيين، مؤكدا أن المحادثات إيجابية.

وقال أبو فاعور في حديث لوكالة «رويترز»: «تلقيت طلبا واحدا محددا من الخاطفين مقابل وقف إعدام العسكريين وتمت معالجته مع رئيس الحكومة تمام سلام ومع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يتولى ملف التفاوض مع الخاطفين». وأكد أبو فاعور أن الأمور ذاهبة باتجاه إيجابي، لكنه أشار إلى أنه لم يحصل على ضمانات لوقف الإعدامات نهائيا.