تطوير حقل «الوفرة» في المنطقة المحايدة مهدد بالتوقف لشح العمالة المتخصصة

مرشح ليكون أكبر مشروع لإنتاج النفط الثقيل في العالم

TT

منذ عام 2009 وشركة «شيفرون» الأميركية آخر الأخوات الـ7 الذين سادوا عالم النفط عقودا طويلة، تعمل على مشروع في حقل الوفرة الواقع في المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت ليكون الأكبر من نوعه على مستوى العالم؛ إذ تنوي «شيفرون» التي تدير حصة السعودية في المنطقة المحايدة ضخ كميات ضخمة من البخار داخل طبقات الأرض من أجل تحريك النفط الثقيل في كامل مكمن الأيوسين ودفعه إلى خارج الأرض، في خطوة قد تحرر ما لا يقل عن 5 مليارات برميل من النفط الثقيل.

إلا أن هذا المشروع الطموح الذي تنفذه شركة «شيفرون العربية السعودية» التابعة لشركة «شيفرون» الأم، قد يتوقف قبل أن يتحول إلى حقيقة بعد أن بدأ الكثير من العمالة المتخصصة والمهندسين الكبار في الشركة في مغادرة الكويت نظرا لأنهم غير قادرين على الحصول على تراخيص عمل جديدة أو تجديد تراخيصهم القديمة منذ فترة قريبة.

وليس مشروع غمر حقل الوفرة بالبخار هو الوحيد المهدد بالتوقف، بل إن كامل إنتاج المنطقة البرية من المنطقة المقسومة المحايدة والبالغ نحو 220 ألف برميل يوميا قد يتوقف إذا ما استمرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الكويت في إيقاف كامل الخدمات المقدمة للشركة وإقفال ملفها، بحسب ما أوضحته الكثير من المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط».

ويقول رئيس شركة «شيفرون السعودية» أحمد عواد العمر في رسالة موجهة إلى وزارة النفط الكويتية واطلعت عليها «الشرق الأوسط»، إن هناك حفارة لصيانة حقل الوفرة قد توقفت عن العمل بسبب عدم تمكن الشركة من تجديد رخص العمالة المتخصصة الذين يعملون عليها. ويقول العمر في رسالته، إن الشركة مضطرة لإيقاف المزيد من الحفارات إذا ما استمر نقص العمالة المتخصصة، وهو في الأخير ما سيؤدي إلى تخفيض أو وقف الإنتاج كليا في الوفرة.

وإذا ما توقف الإنتاج في الوفرة فإن هذا سيعني خسارة كبيرة للبلدين، إذ سبق وأن أوقفت السعودية منتصف الشهر الحالي الإنتاج من حقل الخفجي في المنطقة المحايدة والذي ينتج نحو 300 ألف برميل يوميا من النفط بسبب الإضرار البيئية الناجمة عن تشغيله، وهو الأمر الذي أكده هذا الأسبوع وكيل وزارة الخارجية خالد سليمان الجار الله في حديثه للصحافيين في الرياض قائلا، إن التوقف يتعلق بأمور «فنية بحتة وليست لأسباب سياسية». ويقع حقل الخفجي في المنطقة المقسومة المحايدة بين السعودية والكويت، وبإمكانه إنتاج حتى 350 ألف برميل يوميا في أعلى التقديرات يتم تقاسمها مناصفة بين البلدين. وتصدر المنطقة المحايدة 3 أنواع من النفط الخام، وهي خام الخفجي الذي يتم إنتاجه من الحقول البحرية التي تديرها شركة عمليات الخفجي المشتركة، وهي شركة مملوكة مناصفة بين «أرامكو» لأعمال الخليج وشركة نفط الخليج الكويتية. أما النوعان الآخران فهما خاما الوفرة والأيوسين واللذان يتم إنتاجهما من الحقول البرية المشتركة بين الدولتين والتي تديرها شركة «شيفرون السعودية» بعقد امتياز مدته 30 عاما.

وإيجاد عمالة متخصصة لن يكون الشغل الوحيد لـ«شيفرون السعودية»، إذ إن على الشركة إيجاد مقر آخر لها غير المقر الحالي الواقع في ميناء الزور والمعروف سابقا باسم ميناء سعود، بعد أن أبدت الكويت رغبتها في بناء المصفاة الرابعة الجديدة في منطقة الزور.

وتمتلك «شيفرون» في الزور فرصة بحرية لتصدير النفط، إضافة إلى المقر الرئيسي لإدارة الشركة وسكن للعاملين. وتقول المصادر إن «شيفرون» معترضة على قرار الجانب الكويتي نظرا لأن أرض الزور تابعة للشركة بموجب الامتياز الذي حصلت عليه في عام 1949 وهناك الكثير من الأراضي المحجوزة للشركة والتي تنوي الاستفادة منها مستقبلا في عمليات التنقيب والبحث عن النفط.

وكان الامتياز القديم لـ«شيفرون السعودية» قد انتهى في عام 2009 قبل أن تقوم وزارة البترول السعودية بتجديده لمدة 30 سنة أخرى، وهو الأمر الذي اعترض عليه الكثير من السياسيين والمسؤولين في الكويت، حسبما تقول المصادر.

ويقول نبيل الفضل، النائب في مجلس الأمة في تصريح على موقعه الرسمي يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) مخاطبا المسؤولين في السعودية: «الإصرار على البقاء في المنطقة المحجوزة لصالح شركه (شيفرون) والتي انتهى عقد امتيازكم معها في 2009 ولا يملك أحد إجازته أو قبوله لما يمثله بالنسبة لنا من انتهاك للسيادة والدستور».

ويعترض الفضل في تصريحه على إيقاف قرار النفط في الخفجي، واصفا إياه بالقرار الفردي «لمخالفته للاتفاقية بين بلدينا الشقيقين بوقف إنتاج النفط ضمن عملياتنا المشتركة في منطقه الخفجي، وهو قرار معيب قانونيا وسياسيا وشعبيا من الشعبين السعودي والكويتي».

وجاءت تصريحات وكيل وزارة الخارجية الجار الله مغايرة تماما لتصريحات الفضل ولتصريحات الكثير من نواب مجلس الأمة الكويتي وبعض رؤساء النقابات النفطية في الكويت مؤخرا، والذين وصفوا قرار السعودية الأسبوع الماضي بإيقاف الإنتاج في الحقل بالقرار التعسفي، والذي تم اتخاذه من جانب واحد من دون مراعاة لمصالح الطرف الآخر الاقتصادية.

وقال الجار الله، إن الكويت والسعودية قادرتان على إعادة الإنتاج إلى طبيعته في المنطقة المقسومة بالخفجي حالما تعالج الأمور الفنية، مضيفا أنه «بحكمة قادة البلدين ومحبة الشعبين قادرون على احتواء هذه الأمور».

ولفت إلى أن «الأشقاء في المملكة يريدون القيام بأعمال الصيانة والقيام إجراءات تتعلق بالبيئة يتفهمها الجانب الكويتي ويدركها»، مضيفا: «لدينا ثقة تامة بأن الإنتاج سيعود إلى طبيعته عندما تزول هذه الأسباب الفنية». وأصدرت الرئاسة العامة للأرصاد والبيئة بيانا الأسبوع الماضي قالت فيه، إنها وجهت جميع شركات البترول العاملة في المملكة بضرورة خفض حرق غاز الشعلة الضار المصاحب لإنتاج النفط ضمن التزاماتها البيئية للحد من الانبعاثات الضارة والملوثة للهواء.

وأضافت حينها، أنه نظرا لعدم تمكن العمليات المشتركة بالخفجي من الالتزام الفوري في تطبيق هذه المقاييس لعدم استكمال المنشآت الخاصة بذلك، فقد قررت إيقاف الإنتاج، على أن تعود العمليات المشتركة للإنتاج متى استوفت الشروط البيئية للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت يوم 17 أكتوبر، أن شركة عمليات الخفجي المشتركة المشغلة للحقل أصدرت مذكرة داخلية يوم الخميس 15 من أكتوبر قالت فيها، إن إقفال الحقل الذي يقع في المنطقة البحرية بين البلدين أصبح ضرورة بسبب الإضرار البيئية الناجمة من انبعاثات الغازات الضارة منه. وسيتم إقفال الحقل بصورة تدريجية على أن يعود متى ما استوفى الشروط البيئية، كما قال رئيس مجلس إدارة الشركة عبد الله الهلال في المذكرة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط». ويقول المحلل النفطي المستقل والرئيس التنفيذي السابق لشركة البترول الكويتية الدولية، كامل الحرمي لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن هناك سوء تفاهم بين الجانبين في إدارة المنطقة المحايدة وأصبح هناك الكثير من العزف المنفرد، وهذا الأمر لا يخدم مصالح البلدين على المستوى البعيد».

وأضاف الحرمي: «الخلافات الفنية تزايدت كثيرا في السنوات الأخيرة، ولهذا أتمنى أن يكون هناك تنسيق على المستوى السياسي لإذابة كل الخلافات الفنية حول المنطقة المحايدة».