أذكى طلاب الجامعات الأميركية.. «خراف ممتازة»

ويليام ديرزويتز لا ينتقدهم وحدهم بل يذهب إلى المؤسسات التي يتخرجون منها

TT

هذا ليس الكتاب الأول عن أزمة المثقفين الأميركيين ولن يكون الأخير. وهم، ربما مثل جميع المثقفين في العالم، يتعرضون إلى نقد كثير، خاصة بسبب الاستعلاء بنوعيه: الطبيعي (كجزء من القوة، والفخر بها)، وغير الأخلاقي (كجزء من استغلال هذه القوة لظلم الآخرين).

ومثلما يتعرض المثقفون إلى مثل هذا الانتقاد، تتعرض له، المؤسسات التي يتخرجون منها أيضا، أي الجامعات، كذلك المؤسسات التي يعملون بها، سياسية، واقتصادية، واجتماعية.

هذا كتاب عن المؤسسات التي يتخرجون منها: لماذا لا تلقن طلابها أحسن الدروس الأخلاقية؟ وحتى إذا فعلت ذلك، لماذا لا يلتزمون بها بعد أن يدخلوا إلى الحياة العملية؟

مؤلف الكتاب هو د.ويليام ديرزويتز، واحد من أشهر أساتذة الجامعات المتخصصين في هذا الموضوع. درس في جامعة كولومبيا (نيويورك)، ويدرّس الآن في جامعة ييل (كونيتيكات).

هذه بعض عناوين فصول الكتاب: الخراف (الطلاب، التاريخ، التدريب، المؤسسات). الأشخاص (لماذا الجامعات؟ كيف تغير حياتك؟ كيف تكون زعيما؟). المدارس (أعظم الكتب. أبحاث روحية. تحقيق الطموحات). رابعا: المجتمع (مرحبا بكم في نادينا. مواجهة العظمة الموروثة).

في مقدمة الكتاب، لاحظ المؤلف أن الطلاب الذين درسهم، خلال أكثر من 10 سنوات في جامعة ييل، وهم من أذكى الطلاب في أميركا: «يحتارون عندما يواجهون السؤال الكبير: كيف نبدع؟ وكيف نبلغ هدفا في الحياة؟» لهذا، سماهم «الخراف الذكية».

لكنه قال: إن الذنب ليس ذنبهم وحدهم، بل هو ذنب الآباء والأساتذة الذين يركزون على تفوقهم الأكاديمي أيضا، وينسون تفوقهم الأخلاقي. صارت كل جامعة «كونفويار بيلت»: «حزام متحرك، مثل الذي تصنع فيه الأجهزة، قطعة بعد قطعة، يضعها شخص بعد آخر». وصار هو في أول الحزام «لأنه كان عضوا في لجنة قبول الطلاب».

وكتب: «بينما صارت الجامعات تتحول من التركيز على العلوم الإنسانية إلى مواضيع (عملية)، مثل الاقتصاد وعلوم الكومبيوتر، صار الطلاب يفقدون القدرة على التفكير لتحقيق الآتي: أولا: زيادة قدرتهم الإبداعية. ثانيا: اكتشاف ذواتهم. ثالثا: تحديد أهدافهم في الحياة».

وانتقد الكتاب الأبوين اللذين «يضحيان بطفولة طفلهم مقابل وصوله إلى وظيفة تدر عائدا ماليا كبيرا، وتسمح للطفل الكبير أن يضع ملصق الجامعة، التي تخرج منها، في مؤخرة سيارة من نوع ليكسز، أو بي إم دبليو، أو مرسيدس».

وانتقد مدرس المدرسة الثانوية الذي يشجع «الطفل الشاب» على الحشو الأكاديمي المطلوب، لقبوله في جامعة من جامعات النخبة. وكذلك أستاذ الجامعة الذي يتعامل مع «الطفل الرجل» بطريقة تخصصية جدا (حسب تخصص الأستاذ). وينسى الأستاذ الصورة الكبيرة للحياة العملية بعد الجامعة. وانتقد البنك أيضا، أو الشركة العملاقة، التي لا تكاد تنتظر «الطفل الرجل»، بهدف أن «تملأ محفظة نقوده، وتجفف عقله».

وأضاف: «يصنع النظام الجامعي (ولا يخرّج) الطلاب الذين هم أذكياء وموهوبون، ومدفوعون. نعم، لكن يخرج القلقين أيضا، الخجولين وفاقدي البوصلة، مع قليل من الفضول الفكري والإحساس باتباع هدف في الحياة. ثم يعيشون محاصرين في فقاعة الامتياز. عظماء فيما يفعلون، ولكن، مع عدم معرفة لماذا يفعلون ذلك».

في منتصف الكتاب، يعترف المؤلف بأن «أسهل شيء هو تقديم النصائح، وأصعب شيء هو تغيير الواقع». وكتب: «بعد كل شيء هنا، أنا لست حرا في تجاهل الواقع، وأثقل الواقع هو المال».