مساع لهدنة بين «النصرة» و«ثوار سوريا» بريف إدلب.. واتهامات للأولى بمحاولات إنشاء إمارة

«الجبهة» تستغل انشغال «التحالف» و«داعش» للتمدد.. وتتهم معروف بإفشال هجومها على النظام

TT

توسطت فصائل إسلامية وأخرى تابعة للجيش السوري الحر، أمس، بين جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام)، وجبهة ثوار سوريا التي يتزعمها جمال معروف بهدف التوصل إلى هدنة بين الطرفين في ريف إدلب، بعد اشتباكات عنيفة بدأت الاثنين الماضي، وأسفرت عن تقدم المقاتلين المتشددين في المنطقة، في حين تتهم فصائل الجيش السوري الحر جبهة النصرة بمحاولة «تطهير المنطقة من المقاتلين المعتدلين بهدف إعلان إمارة إسلامية تشبه مناطق نفوذ تنظيم داعش.

وقالت مصادر الجيش السوري الحر في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن «مساع جدية بذلتها قيادات معارضة، بينها قيادات في تنظيمات إسلامية في شمال سوريا بهدف التوصل إلى اتفاق هدنة بين الطرفين»، مشيرة إلى أن الاجتماع عقد بعد ظهر أمس في ريف حلب، وشارك فيها ممثلون عن جمال معروف، وآخرون عن «حركة حزم» المعارضة المعتدلة، كما شارك فيها من الطرف الآخر ممثلون عن جبهة النصرة وحليفها في القتال تنظيم جند الأقصى، من جهة أخرى.

وأشارت إلى أن الاتفاق المبدئي يقضي بتحييد مدينة حلب عن الاشتباكات بين الطرفين، والتزام كل الأطراف بحصر معاركهم مع القوات النظامية وخصوصا في جبهة حندرات، على أن يستكمل البحث للتوصل إلى تسوية شاملة تشمل مناطق ريف حلب وريفي إدلب وحماه.

وكانت الاشتباكات اندلعت مساء الاثنين الماضي عقب فشل هجوم نفذته جبهة النصرة وجند الأقصى على مواقع القوات الحكومية السورية في مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة النظام، واتهمت «النصرة» قائد جبهة ثوار سوريا بإفشال الهجوم، وفتح معارك جانبية معها، مما أشعل معارك عنيفة، أسفرت عن سيطرة «النصرة» في مناطق في ريف إدلب، حتى وصلت إلى معقل جمال معروف في البارة وجبل الزاوية، قبل أن تدخل التسويات على الخط.

واتهمت «النصرة»، في بيان أصدرته، الفصيل الذي يتزعمه معروف بأنه «اعتدى عدة مرات على جميع الفصائل والأهالي في جبل الزاوية، وأن تراكم الممارسات أدى إلى انفجار الوضع»، كما أشارت إلى أن مقاتليها «في حالة الدفاع عن النفس»، متهمة معروف بإفشال الهجوم على إدلب.

لكن «ثوار سوريا»، في المقابل، اتهمت «النصرة» بتأمين الحماية لقيادي منشق عنها هو ياسر نصوح، على الرغم من أن «النصرة» نفت أمام وفد مكون من أعيان كفر نبل وكفرومة وآخرين من أمراء الفصائل بانضمام نصوح إليها. كما اتهم الجيش السوري الحر «النصرة» بأنها اختلقت المشكلة «بهدف تغطية فشلها في الهجوم على مدينة إدلب، كما لإعلان إمارة إسلامية شبيهة بمنطقة نفوذ (داعش)، في المنطقة الممتدة من الشريط الحدودي مع تركيا في مارع شمالا، وصولا إلى ريف حماه الشمالي»، كما قالت مصادر قيادية في الجيش السوري الحر في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط».

وأضافت: «لا يمكن فصل الهجوم العنيف على قوات معروف وحركة حزم عن الهجوم السابق الذي نفذته (النصرة) في يوليو (تموز) في الريف الغربي لإدلب، بعد وعد أميرها أبو محمد الجولاني بإنشاء إمارة خاصة بهم. الهدف واحد، إذ يحاولون إقصاء الجيش السوري الحر وفصائله المعتدلة عن المنطقة عبر قتالهم». وأوضحت المصادر أن مقاتلي جبهة النصرة أثناء توجههم إلى مدينة إدلب، «عبروا على حواجز جبهة ثوار سوريا كونهم كانوا يقولون إنهم ينوون الهجوم على قوات النظام في المدينة، ولم يعترضهم أحد. لكننا وقعنا في خديعة. فقد كان الغرض من حملتهم هو مهاجمة حواجز جبهة الثوار وحركة حزم، وألقوا بعدها اللوم بفشل الهجوم على جمال معروف». وأضافت: «حاولت (النصرة) حماية نفسها أمام الناس كي لا تخسر حاضنتها الشعبية، فافتعلت المشكلة مع (الحر)، خصوصا بعد الهزائم التي تلقتها أمام النظام في ريف حماه الغربي والشمالي، وانسحابها من محردة وحلفايا ومورك التي سلمتها للنظام». كما استغربت المصادر اتجاه «النصرة» لافتتاح معركة في مدينة إدلب «علما أننا نقاتل في جبهات مفتوحة، هي معسكر وادي الضيف ومورك وغيرها التي نخوض فيها معارك استنزاف».

وتتهم جهات معارضة «جبهة النصرة» باستغلال الفراغ الذي تركه تنظيم «داعش» جراء انشغاله بمعاركه في مدينة كوباني، وكذلك اقتصار ضربات التحالف الدولي ضد الإرهاب على «داعش» دون الالتفات إلى جبهة النصرة، باستثناء ضربات محدودة لدى انطلاق عمليات التحالف في سوريا. وتعرضت جبهة النصرة لضربات جوية وصاروخية من قوات التحالف، في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، أسفرت عن مقتل ما يزيد على 50 من مقاتليه، لكنها لم تمنعه من التمدد على حساب نفوذ المقاتلين المعتدلين.

وتخضع مدينة إدلب لسيطرة القوات النظامية، وتستضيف نحو نصف مليون نازح من مدن وبلدات ريف إدلب الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة. واتخذت فصائل الجيش السوري الحر قرارا في السابق بتحييد المدينة عن القتال، بهدف حماية النازحين فيها.

وتتمتع «النصرة» بنفوذ في المنطقة، تمكنت من توسيعه في يوليو (تموز) الماضي، وطردت مقاتلي معروف من أجزاء في ريف إدلب الغربي إثر المعارك. وكانت الاشتباكات بين «النصرة» وفصائل الجيش الحر المعتدلة، أسفرت عن سيطرة التنظيم المتشدد على أجزاء من مدينة معرة النعمان، بالإضافة إلى اندلاع اشتباكات في سراقب وخان شيخون، وسط معلومات تؤكدها مصادر بارزة في المعارضة بأن «النصرة» «اتخذت قرارا بالسيطرة على المنطقة الخاضعة لنفوذ الجيش السوري الحر».

وتتمتع «النصرة» في المنطقة بنفوذ وتعاطف شعبي، كونها «تحقق إنجازات على قوات النظام»، كما قالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن التنظيم المتشدد «يسعى للاحتفاظ بهذه الصورة أمام الجمهور، مما يدفعه إلى إلقاء اللوم على أطراف أخرى».