المغرب يقرر إرسال وحدات عسكرية لدعم الإمارات في مواجهة الإرهاب

مزوار: المبادرة تلقائية وثنائية.. ولا علاقة لها بالتحالف الدولي

مصطفى الخلفي وزير الإعلام وصلاح الدين مزوار وزير الخارجية ومحمد حصاد وزير الداخلية خلال مؤتمر صحافي مشترك عقد أمس في الرباط لتقديم تفاصيل عن قرار المغرب دعم الإمارات في مواجهة الإرهاب (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

قرر المغرب إرسال وحدات عسكرية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل دعمها في مواجهة الإرهاب، وذلك في إطار التعاون العسكري والأمني الذي يجمعه بأبوظبي وغيرها من العواصم الخليجية.

وقال مصدر مغربي رسمي عالي المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن المبادرة المغربية تدخل ضمن استراتيجية شمولية واستباقية ضد التهديدات العالمية والمباشرة المتكررة التي تستهدف المغرب علنا.

وزاد المصدر ذاته أنه نظرا لتزايد تلك التهديدات كان طبيعيا أن تضع الرباط استراتيجية تجلت في مبادرتين، الأولى: تكمن في المساهمة بجانب الإمارات عسكريا واستخباراتيا، مشيرا إلى أن التفاصيل المتعلقة بذلك سيجري تحديدها بين البلدين، والثانية: تكمن في برنامج «حذر» الذي أعلن عنه يوم الأحد الماضي، وهو مخطط أمني يقوم على أساس العمل المشترك بين جميع المصالح الأمنية، بما فيها العسكرية، من أجل الدفاع عن جميع المؤسسات الحساسة في البلاد.

وذكر المصدر ذاته أن إرسال وحدات عسكرية إلى دولة الإمارات ليس مبادرة منفصلة عن هذه الاستراتيجية الشمولية.

ومن جهته، كشف صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي أمس أن المبادرة تلقائية ومحصورة في إطارها الثنائي ولا علاقة لها بالتحالف الدولي ضد الإرهاب.

وكانت وزارة الخارجية المغربية قد أصدرت بيانا مساء أول من أمس أعلنت فيه أنه «تنفيذا للتعليمات الملكية، ستقدم المملكة المغربية دعما فعالا لدولة الإمارات العربية المتحدة في حربها على الإرهاب والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليميين والدوليين».

وذكر البيان أن «هذا العمل يندرج في إطار تقليد الشراكة المثمرة والتضامن القوي بين البلدين الشقيقين. ويأتي لتعزيز تعاون عسكري وأمني متعدد الأوجه يمتد على فترة طويلة، مع دول الخليج، كما يواكب ويستكمل التدابير الأخرى التي يجري تنفيذها فوق التراب المغربي من أجل المحافظة على الأمن وطمأنينة المواطنين المغاربة في مواجهة تهديد الإرهاب الدولي».

وأوضحت وزارة الخارجية المغربية في بيانها أن المساهمة المقدمة من المغرب لفائدة الإمارات «تشمل جوانب عسكرية عملياتية واستعلاماتية».

وفي هذا السياق، قال مزوار خلال مؤتمر صحافي مشترك بينه وبين وزيري الداخلية والاتصال (الإعلام) عقد أمس بمقر وزارة الخارجية في الرباط، إن «المبادرة تعد عملا تلقائيا تجاه بلد شقيق تربطه بالمغرب علاقات استراتيجية قوية»، مشيرا إلى أن «الدعم لا يندرج في إطار التحالف الدولي ضد الإرهاب، وإن كان المغرب أعلن عن مشاركته في التحالف وفق خياراته وارتباطاته وعلاقاته»، مشددا على أن المبادرة تدخل في إطار ثنائي محض بين الإمارات والمغرب تحت قيادة الإمارات.

وأوضح مزوار أن هذا الدعم «يعزز مسار التعامل الأمني والعسكري الممتد على مدى عقود مع دول الخليج بصفة عامة، والإمارات بصفة خاصة».

وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت الإمارات هي التي طلبت من المغرب دعما عسكريا لمواجهة الإرهاب، قال مزوار إن المغرب هو الذي عرض على الإمارات تقديم الدعم بعد سلسلة من الاتصالات بين البلدين بهدف التنسيق وتقييم الوضع الأمني والمخاطر.

أما بشأن توقيت الإعلان عن هذا الدعم، فأوضح مزوار أن التحضيرات بدأت منذ ما قبل الإعلان عن التحالف الدولي، وأنه انطلاقا من التقييم المشترك للوضع، جرى الإعلان عن المبادرة عندما نضجت الشروط.

وبخصوص ما إذا كان المغرب مستعدا لدعم دول خليجية أخرى تعاني من تهديدات أمنية مثل البحرين، قال وزير الخارجية إن بلاده تربطها علاقة خاصة ومتميزة بهذا البلد، وإن التنسيق الموجود مع الإمارات هو نفسه موجود مع البحرين والسعودية ودول أخرى معنية بهذه المخاطر، وزاد قائلا: «إذا وصلنا إلى قناعة بأن هناك ضرورة للقيام بنفس العملية لفائدة دولة البحرين فسيكون المغرب مستعدا من منطلق واجبه التضامني والعلاقات المتميزة التي تجمعه بهذه الدولة».

وتجنب مزوار الحديث عن تفاصيل الدعم العسكري الذي سيقدم للإمارات، وقال إنه «سيجري الإعلان عن تفاصيله خلال الأيام القليلة المقبلة»، مشددا على أن «الدعم سيكون عمليا، بمعنى ستكون هناك وحدات عسكرية وتدخل أمني»، حسب تعبيره.

وفي السياق ذاته، ذكر مزوار أن الشراكة مع دول الخليج متينة، وتطورت وتعززت منذ سنة 2011 في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تأخذ بعين الاعتبار أبعادا مختلفة اقتصادية واجتماعية ودبلوماسية واستراتيجية. ولفت إلى أن التهديدات الإرهابية تبقى شاملة بطبيعتها، وبالتالي فإن العمل الذي يقوم به المغرب على المستوى الدولي يكمل ويواكب التدابير المتخذة على المستوى الوطني في إطار مقاربة شمولية واستباقية أثبتت فعاليتها ونجاعتها، ومن ضمنها مخطط «حذر» الهادف إلى تعزيز أمن المغرب واستقراره.

وأشار مزوار إلى أنه سبق للمغرب أن قدم دعما عسكريا وأمنيا واستخباراتيا لدول الخليج ودول عربية أخرى، إذ ساهمت القوات المسلحة المغربية في الحفاظ على أمن واستقرار السعودية عام 1990 إبان غزو العراق للكويت، موضحا أن الدعم كان خارج إطار التحالف الدولي الذي شكل آنذاك لتحرير الكويت خلال حرب الخليج الأولى.

وذكّر المسؤول المغربي بأن عمل القوات المسلحة الملكية في الخارج يجري وفق تعليمات الملك محمد السادس القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية ورئيس أركان الحرب العامة، وفي إطار نموذجين، الأول يعتمد على عمليات عسكرية تجري بتفويض من الأمم المتحدة، كما هو الشأن بالنسبة للعمليات الإنسانية وحفظ السلام الدوليتين التي جرت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وساحل العاج، وأفريقيا الوسطى، وقبل ذلك في كل من الصومال والبوسنة.

أما النموذج الثاني، يضيف مزوار، فيجري عبر نشر القوات المسلحة المغربية في الخارج في إطار ثنائي، كما حدث مع السعودية، والإمارات اليوم، وفي الجولان وبلدان أخرى.

من جهته، قال محمد حصاد وزير الداخلية المغربي إن «السياسة الأمنية للمغرب في مجال محاربة الإرهاب ومختلف أشكال العنف سياسة استباقية، فالمصالح الأمنية لا تنتظر وقوع أحداث حتى تتحرك لمحاربتها»، مستشهدا بالإعلان بشكل دوري عن تفكيك خلايا إرهابية «إذ تتدخل المصالح الأمنية لإحباط عملياتها قبل الشروع في تنفيذها».

وقال حصاد إن قرار الملك محمد السادس إحداث وحدات أمنية جديدة أطلق عليها اسم «حذر» يدخل في هذا المجال الاستباقي والاحتياطي، معلنا أنه سيجري نشر هذه الوحدات في الأماكن الحساسة في 6 مدن كبرى، هي فاس والرباط وأكادير ومراكش والدار البيضاء وطنجة، بدءا من اليوم (الخميس)، كمرحلة أولى، على أن تشمل مدنا أخرى سيعلن عنها في الوقت المناسب، مذكرا بأن الوحدات الأولى جرى نشرها في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء منذ يوم الاثنين الماضي.

وأكد حصاد على أن الوحدات التي ستنشر مسلحة ويمكنها التدخل بسرعة إذا ما اقتضى الأمر ذلك، لافتا إلى أن بلاده لديها مصالح أمنية واستخباراتية معترف بكفاءاتها على المستوى الدولي وقدرتها على التصدي للأخطار.

أما مصطفى الخلفي وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة، فأوضح أن المغرب استطاع أن يمثل نموذجا للاستقرار والسلم والأمن على مستوى المنطقة رغم تصاعد التحديات والتهديدات، مشيرا إلى أن مخطط «حذر» يعكس الإرادة في تقوية السياسة الأمنية الاستباقية للبلاد، التي تعززت قبل أسابيع بمصادقة الحكومة على مشروع قانون يجرم الالتحاق بالتنظيمات المتطرفة، ويعزز التشريعات في مجال محاربة الإرهاب، مشيدا بفعالية وكفاءة المصالح الأمنية.