المعارضة المغربية تدعو الحكومة للاقتداء بتجربة تونس وإنشاء لجنة مستقلة للانتخابات

هددت بمقاطعة اجتماعات لجان البرلمان المخصصة لمناقشة قوانينها

TT

دعا قادة أحزاب المعارضة المغربية الحكومة إلى الاقتداء بالتجربة التونسية وإنشاء لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات المقبلة، وهو المقترح الذي تقدمت به فرق المعارضة إلى البرلمان، وكان سببا في تفجير الخلاف بينها وبين الحكومة.

وفي هذا السياق، قال إدريس لشكر الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض خلال لقاء صحافي مشترك عقده الأمناء العموميون لأحزاب المعارضة الـ4 مساء أول من أمس في الرباط، إنه «لم يحدث في تاريخ البرلمان المغربي أن جرى التعامل مع مقترحات قوانين المعارضة بالمنطق العددي الإقصائي، وفي ظل غياب شروط أي حوار حقيقي»، مشيرا إلى أن القوانين الانتخابية كانت دائما موضوع توافقات. ووصف لشكر حوار الحكومة مع الأحزاب السياسية بشأن تلك القوانين بأنه حوار مغشوش باستثناء الجلسة الأولى منه. وأوضح لشكر: «نحن اليوم أمام تجربة ناجحة في تونس، حيث أشرفت هيئة مستقلة على الانتخابات، والمعارضة لديها مشروع مماثل، لكن الحكومة وأغلبيتها ترفض مناقشته». وأضاف أن «الحكومة تقدمت بقانون مراجعة القوائم الانتخابية إلى البرلمان، ونتخوف أن تعد كل القوانين المتعلقة بالاستحقاقات الانتخابية من دون أن تتحاور معنا». وهدد لشكر بمقاطعة المعارضة جميع اجتماعات اللجان البرلمانية المخصصة لمناقشة قوانين الانتخابات إذا لم يجر التوافق بشأنها.

من جهته، وجه حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض، انتقادات لاذعة إلى حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، الذي يقود الحكومة، وقال إن «الحزب الأغلبي كان هو من ينادي باللجنة المستقلة للانتخابات واعتماد بطاقة الهوية في الاقتراع، لكنه بين عشية وضحاها انقلب وأصبح يتحدث عن هذه المطالب على أنها مطالب تعجيزية» وأشار شباط بدوره إلى الانتخابات التونسية التي أشرفت عليها لجنة مستقلة، وقال إنه «حتى الحزب الذي كان يحكم في السابق وعوقب من طرف الشعب التونسي في هذه الانتخابات لم يشكك في نزاهتها»، في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية.

وأوضح شباط أن تشبث المعارضة بإحداث لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات هدفه «الحرص على نزاهتها، بيد أن الحزب الحاكم، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية، متشبت بتنظيمها، وفي الوقت ذاته يشكك فيها». وتساءل قائلا: «كيف يطلب من المعارضة أن تقر بنزاهة الانتخابات المقبلة والحكومة نفسها تشكك فيها؟!»، مضيفا أن الحكومة تجاهلت مذكرات أحزاب المعارضة بشأن القوانين الانتخابية وجاءت إلى البرلمان لتمرير قوانينها اعتمادا على الأغلبية العددية.

أما مصطفى الباكوري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض فبرر تراجع حزبه عن تأييد إشراف الحكومة على الانتخابات كما أعلن عن ذلك في السابق بغياب شروط الحوار بشأنها. وقال إن هناك تجاهلا وتعنتا تاما تجاه جميع المبادرات التي تتخذها المعارضة، ولا سيما القوانين المقدمة إلى البرلمان.

ولفت إلى أنه في الديمقراطيات العريقة لا يعتمد منطق الأغلبية العددية في إخراج القوانين، داعيا إلى مراعاة مصلحة البلاد بهذا الشأن؛ لأن الأحزاب التي توجد في المعارضة حاليا لن تظل في هذا الموقع إلى الأبد، والأمر نفسه بالنسبة للأحزاب المشاركة في الحكومة.

وانتقد الباكوري منهجية الحكومة في إخراج القوانين الانتخابية رغم وجود إكراهات تتمثل في المدة الزمنية القصيرة المتبقية عن موعد الانتخابات، وأضاف أنه «إذا لم تتغير المنهجية فسنعد منتوجا بئيسا ومن دون المستوى، والمعارضة ترفض تزكية عمل من هذا النوع لا يصب في مصلحة البلاد»، داعيا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها.

يذكر أن لقاء قادة المعارضة مع الصحافة جاء قبل ساعة من لقائهم مع وزير الداخلية محمد حصاد من أجل التشاور والتوافق بشأن قوانين الانتخابات بعد أن انسحب نواب المعارضة الأسبوع الماضي من اجتماع لجنة الداخلية في مجلس النواب الذي كان مخصصا لمناقشة مشروع القانون المتعلق بمراجعة القوائم الانتخابية العامة، الذي أعدته وزارة الداخلية، إذ أصرت فرق المعارضة على مناقشة مقترح قانون يتعلق بالهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات ومراقبتها، الذي تقدم به حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي المعارضين، على اعتبار أنه أحيل على اللجنة قبل مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة. ولم يحسم الاجتماع مع حصاد الخلاف بين الطرفين اللذين اتفقا على مواصلة التشاور.

يذكر أن حزب الاتحاد الدستوري المعارض لديه موقف مخالف لأحزاب المعارضة الـ3 بشأن إنشاء لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات، فهو يؤيد رأي الحكومة الذي أسند هذه المهمة لرئيسها مع منح الإشراف التقني عليها لوزارة الداخلية.