رئيس الوزراء الجزائري الأسبق أحمد بن بيتور يحذر من الانزلاق نحو الكارثة بسبب رفض النظام التغيير

اقترح في وثيقة بمناسبة ذكرى ثورة التحرير بديلا للسلطة الحاكمة يقوم على 3 ركائز

TT

حذر أحمد بن بيتور، رئيس الوزراء الجزائري الأسبق من «الانزلاق نحو الكارثة إذا غرقنا في الاستسلام للقدر، واللامبالاة بما يفعله العابثون بمصير بلادنا»، في إشارة إلى نظام الحكم الذي يقوده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والذي يعد بن بيتور من أشد خصومه.

وقال بن بيتور في وثيقة وزعها على صحيفتين محليتين أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، بمناسبة مرور 60 سنة على اندلاع ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي (1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1954)، إن «الأمة الجزائرية تواجه خطرا وشيكا من الداخل، تتسبب فيه ميوعة الدولة وتقلص المداخيل (تراجع أسعار النفط) وتفشي الأمراض الاجتماعية، ولقد بينت ذلك بتحاليل علمية وجدية في مناسبات مختلفة».

وأوضح بن بيتور، أن النظام القائم لا يملك الرغبة ولا البوصلة ولا أي إرادة لوضع البلد في مسار انتقال ديمقراطي جدي، وحاول دائما توريط المجتمع بأحزابه وتنظيماته بكل اختلافاتها في ثقافة الفشل. ويعد بين بيتور قطعة أساسية في تكتل سياسي معارض يسمى «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، نشأ بمناسبة ترشح بوتفليقة لولاية رابعة في انتخابات الرئاسة التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي. وانسحب بن بيتور من سباق الانتخابات، بمجرد أن أعلن بوتفليقة رغبته في الاستمرار في الحكم.

ودعا بن بيتور إلى تغيير نظام الحكم بحجة أنه «وصل إلى نهايته»، فقال: «من واجب مهنيي الإعلام والاتصال والمثقفين والنقابيين، وكل الأطر والمناضلين من أجل التغيير في القطاعات الأخرى، خصوصا ضمن فئة الشباب والمرأة، التجند كي يكونوا مصدرا لتخليق الحياة العامة والحكم الراشد».

وقاد بن بيتور الحكومة تحت إشراف بوتفليقة لمدة 8 أشهر فقط (عام 2000)، واستقال بحجة أن وزراء مقربين من الرئيس أصدروا قرارات في الاقتصاد من دون إبلاغه. ويملك رئيس الوزراء الأسبق مصداقية في الإعلام والأوساط السياسية، لأنه الوحيد الذي «تجرأ» وقدم استقالته للرئيس بوتفليقة المعروف عنه أنه هو من يقيل المسؤولين، لا أن يتيح لهم فرصة الرحيل من المناصب بإرادتهم.

وقال بن بيتور، إن «البلاد تواجه اليوم مسألة وجودية. فهل ضحى الجزائريون بأغلى ما يملكون لتكون الجزائر على ما هي عليه الآن؟ وهل جزائر اليوم تحمل فعلا في صفاتها وقدراتها وقوتها ومناعتها وحرية شعبها، آمال أولئك الرجال والنساء الذين وهبوا حياتهم فداء لها؟». وأضاف: «كل من لهم القدرة على المساهمة في التغيير، حيثما كانوا، لا ينبغي أن يتخلفوا عن هذا المسار حتى لا يعدوا ضمن الفئة التي تكون قد ساهمت أو سكتت عن تدمير الأمة الجزائرية، بتجاهل النداءات والإنذارات الكثيرة بما فيها هذه الرسالة، وعدم التعامل معها بالجدية الكاملة».

وتابع بن بيتور قائلا: «إن الأمة الجزائرية في حاجة إلى وعي جديد يجمع كل أبنائها، مثل ذلك الوعي الذي حرك الجزائريين في 1954، إنه السبيل الوحيد لزرع الأمل والثقة لدى الجزائريات والجزائريين، كي يتمكنوا من تحقيق استراتيجية خروج من الأزمة تكون بداية حقيقية لحل دائم مبني على نظرة واضحة للمستقبل».

ويقترح بن بيتور مشروعا سياسيا بديلا للنظام القائم، يتمثل في «بناء دولة منسجمة مع التحولات الحاصلة في الجزائر وفي العالم»، و«تطوير السكان إلى مجتمع مدني مجند نحو التقدم والرفاهية» و«تطوير اقتصاد وفق ما تزخر به الجزائر من قدرات وما لشعبها من طموحات».

ويقول مراقبون، إن السلطة الحاكمة تواجه حاليا نوعين من التحديات. الأول شغور منصب الرئيس بسبب انسحاب بوتفليقة من المشهد العام بفعل المرض. أما الثاني فهو تراجع المداخيل من العملة الصعبة بسبب انخفاض سعر النفط.